متابعات-
في إطار سعيها وتحركها المستمر للتقرب أكثر من دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإزالة أي عقبات أو مبادرات تعرقل هذا النهج، تتجه السعودية إلى اتخاذ خطوة جوهرية في تاريخ الصراع العربي مع "إسرائيل".
خطوة السعودية المقبلة، وبحسب ما كشفته مصادر فلسطينية رفيعة المستوى في رام الله لـ"الخليج أونلاين"، تتعلق بإجراء تعديلات أساسية في مبادرة السلام العربية التي حددت أسس العلاقات مع "إسرائيل" طوال الأعوام الـ17 الماضية.
المصادر الفلسطينية أكدت في تصريحات حصرية تنشر لأول مرة، أن المسؤولين في السعودية وعلى رأسهم الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد، بدؤوا يفكرون جدياً في اتخاذ خطوة من شأنها أن تغير مفاهيم العلاقات العربية مع دولة الاحتلال بشكل جذري.
وأوضحت أن مبادرة السلام العربية التي أطلقت في 2002، لم تبق الدول العربية ملتزمة بأهم بنودها وهو قطع كل أشكال العلاقات الرسمية وغير الرسمية مع "إسرائيل"، وأن السنوات الأخيرة شهدت كسراً وتجاهلاً لهذا البند.
واعتمدت جامعة الدول العربية في قمتها التي عقدت في بيروت عام 2002 مبادرة للسلام مع تل أبيب، تنص على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967، وعاصمتها "القدس الشرقية"، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وانسحاب "إسرائيل" من هضبة الجولان السورية المحتلة والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربية بدولة الاحتلال.
خطوة جديدة نحو"إسرائيل"
"المبادرة باتت لا تُطبق والكثير من الدول العربية ومن بينها السعودية والإمارات والبحرين، ودول أفريقية إسلامية أخرى مثل تشاد والمغرب والصومال، قد استغنت عن بنودها وغير ملتزمة بها وقد بدأت فعلياً مرحلة طبخ العلاقات السرية مع إسرائيل على نار هادئة منذ سنوات"، هكذا تقول المصادر.
وتؤكد المصادر الفلسطينية الرفيعة أن الدول العربية والإسلامية "تتغنى" إعلامياً بتمسكها بمبادرة السلام العربية، وحرصها على عدم فتح باب التطبيع إلا بحلول منطقية وعادلة للقضية الفلسطينية، لكن ذلك كله يخالف تماماً ما يجري داخل الغرف المغلقة والسوداء.
وتشير إلى أن السعودية وقبلها الإمارات نجحتا في قيادة باقي الدول العربية للتطبيع العلني، وهو ما ظهر مؤخراً مع عدد من الدول العربية والإسلامية، وقد شجعتا تلك الدول على الخطوة التي كانت مُحرمة في السابق.
وتتابع المصادر: "من أجل هذا التقارب ورفع الحرج عن تلك التي تريد أن تمد يدها لـ"إسرائيل"، بدأت دول عربية وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر والبحرين، في التفكير فعلياً بتعديل المبادرة بما يتماشى مع التطورات السياسية الحاصلة في المنطقة".
تعديل البند الأهم
المصادر ذاتها كشفت عن أن التعديل سيطول فعلياً أهم بند في المبادرة وهو العلاقات مع "إسرائيل"، وجعل التطبيع وفتح باب العلاقات الرسمية معها اختيارياً للدول التي تسعى لذلك، ودون إلزام من الدول الأخرى.
وكشفت المصادر الفلسطينية ذاتها، أن الرياض قد ألمحت للرئيس محمود عباس خلال زيارته الأخيرة للسعودية، بمحاولة "حلحلة" موقفه السياسي من المفاوضات وتحريك مياهها الراكدة منذ 2014.
الجدير ذكره أن المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لتعديل مبادرة السلام كانت مستمرة منذ سنوات طويلة، لكن دائماً ما كانت تُواجه برفض عربي قوي، إلا أن العلاقات التي شهدت تطورات مفاجئة في الشهور الأخيرة شجعت إدارة واشنطن على إعادة تفعيل هذه الخطوة التي باتت تتبناها السعودية وتعكف على تنفيذها.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعرب في أكثر من محفل سياسي، عن أمله بموافقة العرب على إجراء مفاوضات لتعديل مبادرة السلام العربية، لكن الجانب الفلسطيني يرفض أي تعديل عليها.
ولم يحدد نتنياهو النقاط التي يريد تعديلها في مبادرة السلام مكتفياً بقوله: "نحن مستعدون لبدء مفاوضات مع الدول العربية لحلحلة هذه المبادرة بشكل يعكس التغييرات الدراماتيكية التي حدثت في المنطقة منذ عام 2002، ولكن عليها أن تحتفظ بالغاية المتفق عليها وهي دولتان للشعبين".
وبحسب المصادر فإن الملك سلمان أبلغ عباس بأن السعودية لا يمكنها أن تسيطر على كل الدول العربية والإسلامية التي تريد أن تفتح باب العلاقات مع "إسرائيل" وتنقلها من السرية للعلنية.
وأضافت أن مبادرة السلام العربية قد يطرأ عليها بعض التغيرات بناءً "على مطالب الدول العربية التي لم تعد ترى "إسرائيل" عدواً في المنطقة".
وبسؤال "الخليج أونلاين" عن موعد التعديل وآليات توافق الدول العربية عليه رغم الرفض الفلسطيني المتوقع لهذا القرار، أجابت المصادر: "خلال أسابيع قليلة سيعقد اجتماع موسع للدول العربية على مستوى الرؤساء، وستطرح فيه الكثير من القضايا، ومن بينها تعديل مبادرة السلام، لتكون الخطوة الأولى التي ستتخذها الرياض وباقي الدول التي تساندها لتعديل بند العلاقات مع "إسرائيل" وتعديله بحسب مصالح تلك الدول، وليس كشرط لاستعادة الحقوق الفلسطينية كما نصت عليه المبادرة في 2002".
ورسمياً ترتبط "إسرائيل" بعلاقات دبلوماسية مع الأردن ومصر فقط، وكانت تحرص دائماً على إخفاء أسماء الدول العربية التي تُقيم علاقات سياسية واقتصادية أو أمنية معها؛ خوفاً من المواقف الشعبية الغاضبة، لكن نتنياهو أكد عدة مرات مؤخراً وجود نية حقيقية من دول عربية (لم يسمها) للدخول بعلاقات رسمية ومكشوفة مع دولة الاحتلال.