محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
بعد 20 عاماً على اقتراح السعودية لمبادرة السلام العربية لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، طل رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو بمبادرة جديدة تهدف إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع المملكة الخليجية.
وأراد نتنياهو من مبادرته التي أعلن تفاصيلها خلال مقابلة له مع قناة "العربية" السعودية باللغة الإنجليزية، يوم 16 ديسمبر 2022، إنهاء مبادرة السلام العربية، من خلال إقامة علاقات مع السعودية كبرى الدول الإسلامية والعربية.
كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو، عن اعتزامه تقديم مبادرة سلام بين دولة الاحتلال والسعودية ستؤدي إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ولم تعلق السعودية رسمياً على المبادرة التي طرحها نتنياهو، ولكنها دأبت على رفض أي تطبيع محتمل مع دولة الاحتلال قبل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
رفض سعودي
الكاتب والباحث السياسي محمود حلمي، يؤكد أن نتنياهو الذي وقعت بعهده اتفاقيات التطبيع مع دول الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، يعلم جيداً أنه بدون توقيع السعودية على اتفاقية تطبيع مع "إسرائيل" فلن يكتب لتلك الاتفاقية النجاح أو اختراق العالم الإسلامي.
ويقول حلمي في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "تعكس المبادرة التي طرحها نتنياهو قبل تسلمه للحكم مجدداً في دولة الاحتلال الإسرائيلي، أنه أعطى مساحة واسعة للتطبيع مع السعودية والدول العربية خلال مهمة تشكيل حكومته التي ينتظر أن تكون الأكثر تطرفاً في تاريخ (إسرائيل)".
ويرى أن نتنياهو يعلم ماذا يفعل، حيث سمى ما طرحه بالمبادرة لإنهاء مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، واستبدالها بالفكرة التي سيقدمها للمملكة.
ويوضح أن السعودية لن تقبل بما قدمه نتنياهو؛ لكونها تعد كبرى الدول الإسلامية والعربية، إضافة إلى أن قادتها التاريخيين قدموا مبادرة السلام العربية التي يتضمن أحد أبرز بنودها انسحاب "إسرائيل" الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967.
ويبين أن السعودية في حالة أرادت التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي "فستحصل على هدف أساسي هو إقامة دولة فلسطينية، ودون ذلك فلن تذهب بأي اتفاق رسمي مع "إسرائيل".
وسبق أن أكدت السعودية على لسان وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها "القدس الشرقية" شرط أساسي لتطبيع العلاقات السعودية مع "إسرائيل".
وجاء تصريح الوزير السعودي، في نوفمبر 2021، لقناة "العربية"، رداً على سؤال للمذيع حول ما إذا كان الشرط السعودي المتمثل بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967 قبل التطبيع مع "إسرائيل" ما زال قائماً، ليرد قائلاً على نحو واضح: "هذا الموقف لم يتغير أبداً".
تصميم إسرائيلي
تحرص دولة الاحتلال الإسرائيلي على إقامة علاقات رسمية مع السعودية، رغم إقامتها عدة علاقات مع دول عربية.
ويؤكد تقرير نشره موقع "المونتور" الأمريكي، في ديسمبر 2021، أن السعودية تعد بمنزلة "جوهرة" في تاج التطبيع مع العالم العربي بالنسبة لـ"إسرائيل".
وجاء في التقرير: إن "رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق نفتالي بينيت، ووزير خارجيته يائير لابيد، بذلوا جهوداً حثيثة لكسر الجمود مع السعودية، لكن إذابة الجليد مع السعوديين تحتاج إلى تدخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن".
كما تبذل إدارة الرئيس الأمريكي هي الأخرى جهوداً كبيرة لإقناع السعودية بتطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال، حسب موقع "أكسيوس" الأمريكي.
وتحاول الولايات المتحدة إقناع السعوديين بالتطبيع مع الاحتلال منذ 10 سنوات، حيث سبق أن طلب الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، في العام 2009، من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز اتخاذ خطوات تطبيع صغيرة مع "تل أبيب"، ومنح الدول العربية الأخرى الضوء الأخضر لفعل ذلك، وفقاً للموقع الأمريكي.
ويوضح الموقع أن أوباما كان يأمل أن يشجع ذلك نتنياهو على إحراز تقدم في عملية السلام مع الفلسطينيين. لكن الملك السعودي الراحل أصر على أنّ المملكة أدّت دورها بالفعل حين قدمت مبادرة السلام العربية عام 2002.
كما بذلت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب جهوداً كبيرة لإقناع السعوديين بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" منذ عام 2017.
المبادرة العربية
تتضمن مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية بنوداً وشروطاً أساسية لتطبيع الدول العربية علاقاتها مع "إسرائيل".
وجاء في المبادرة: "ستقيم الدول العربية علاقات دبلوماسية كاملة مع (إسرائيل) مقابل قيام دولة فلسطينية على طول حدود الأراضي المحتلة منذ عام 1967".
ونصت المبادرة أيضاً على تأكيد أن السلام في الشرق الأوسط لن يكتب له النجاح إن لم يكن عادلاً وشاملاً تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن رقم "242" و"338" و"425" ولمبدأ الأرض مقابل السلام، وتأكيد تلازم المسارين السوري واللبناني وارتباطهما عضوياً مع المسار الفلسطيني تحقيقاً للأهداف العربية في شمولية الحل.
وتتضمن المبادرة حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
إنهاء المبادرة العربية
الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، يرجع أسباب سعي دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى إنهاء مبادرة السلام العربية؛ لكونها تتضمن انسحاب "إسرائيل" من الأراضي المحتلة منذ عام 1967.
ويقول عوض في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "دولة الاحتلال الإسرائيلي بكل أحزابها وفئاتها لم تعد تقبل فكرة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة"، مشيراً إلى رفضها للمبادرة العربية للسلام؛ لأنها "اشترطت التطبيع مع (إسرائيل) مقابل الانسحاب من تلك الأراضي".
ويوضح عوض أن "إسرائيل" أبرمت اتفاقيات تطبيع مع دول عربية دون الانسحاب من أي مساحات من الأراضي العربية المحتلة، لذلك "لا تزال ترفض المبادرة لكونها تشترط التطبيع مقابل الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، أو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي".
وحول المبادرة التي طرحها نتنياهو يلفت الكاتب والمحلل السياسي إلى أن السعودية "لن توافق عليها، أو تغامر بمكانتها أو سمعتها ومصالحها مع العالمين العربي والإسلامي، مقابل التطبيع بدون لا شيء".
ويردف بالقول: "السعودية ليست مستعدة حالياً للتطبيع مع (إسرائيل) دون حل حقيقي ومقبول للشعب الفلسطيني، ولديها شرط بإنهاء الصراع مع الفلسطينيين، وبدون ذلك لن تقبل المملكة بالتطبيع كما تطرحه دولة الاحتلال".