بن كاسبيت- المونيتور - ترجمة الخليج الجديد-
على عكس المتوقع، توجد مؤشرات متفائلة بشأن احتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وهو تطور مأمول يصب في صالح كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن، لكن يتبقى تلبية مطالب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفقا لمحلل عسكري ومصدرين دبلوماسي وسياسي في إسرائيل.
ولا توجد علاقات رسمية معلنة بين الرياض وتل أبيب، وتشترط السعودية انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
وقال المحلل العسكري الإسرائيلي بن كاسبيت، في تقرير بموقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor) ترجمه "الخليج الجديد"، إن "إسرائيل متفائلة بحذر بشأن التقارب مع السعودية"، بعد اجتماع الرياض في 7 مايو/ أيار الجاري بين بن سلمان ومستشاري الأمن القومي الأمريكي والإماراتي والهندي.
وأردف أن "اجتماع الرياض ركز على تطوير إطار إقليمي لربط المنطقة بالسكك الحديدية والسفن، وتهتم إسرائيل أيضا بأن تصبح جزءا منه، وبينما لم تتم دعوة إسرائيل إلى الرياض، فإن إدارة بايدن تبقيها في الإطار".
وأضاف بن كاسبيت أنه بعد ذلك سافر اثنان من كبار مستشاري بايدن، هما منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، والمبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الطاقة عاموس هوكستين، إلى إسرائيل من السعودية لإجراء محادثات مع نتنياهو.
وفي إشارة أخرى إلى التقدم على مسار التطبيع، أفاد موقع "أكسيوس" الأمريكي، الثلاثاء، بأن المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية رونين ليفي وصل إلى واشنطن لإجراء محادثات مع كل من هوكستين ونائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان، لتعزيز وتوسيع "اتفاقيات إبراهيم" الخاصة بالتطبيع بين إسرائيل ودول عربية، بحسب بن كاسبيت.
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب علاقات معلنة مع إسرائيل.
مصلحة ثلاثية
ووفقا لبن كاسبيت، فإن "تلك الإشارات المتفائلة بشأن آفاق التطبيع تنبع من المصالح المشتركة".
وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع، طلب عدم الكشف عن هويته لـ"المونيتور": "بمجرد أن يكون لدى جميع أطراف هذا المثلث مصلحة في الوصول إلى الهدف نفسه، تصبح المناقشة ممكنة".
وتابع: "بالنسبة لنتنياهو، القضية السعودية هي الآن أكثر أهمية من أي شيء آخر في سياسته الخارجية وربما الداخلية أيضا، فهو يعلم أن إسرائيل لا تستطيع إيقاف إيران بمفردها".
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران بعضهما البعض العدو الأول، فيما تستأنف الرياض وطهران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي أنهى 7 سنوات من القطيعة بين عاصمتين يقول مراقبون إنهما تتصارعان على النفوذ في المنطقة.
ولفت المصدر إلى "تراجع الدعم المحلي لنتنياهو بسبب (مشروع) الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي تقوده حكومته (اليمينية المتطرفة) والانكماش الاقتصادي. وكل ما تبقى له كي يقدمه للجمهور هو السعودية ليعيد صورته العامة كزعيم عالمي.. إنه يحلم بذلك نهارا وليلا".
وقال بن كاسبيت: "يعتقد مساعدو نتنياهو أن الاتفاق مع السعودية سيغير وجه الشرق الأوسط، ويزيل العقبات الأخيرة أمام اندماج إسرائيل الكامل في المنطقة (...) ويمهد الطريق لاتفاقيات مع دول إسلامية مثل إندونيسيا، ونظرا لأهمية السعودية في العالم العربي واقتصادها الضخم، فإن العلاقات معها مصلحة استراتيجية عليا".
واعتبر المصدر أن "مفتاح الاتفاق الإسرائيلي السعودي يكمن في واشنطن، وعلى عكس ما يفترضه الناس، فإنه موجود على طاولة الرئيس بايدن وليس مدفونا بعمق في درج جانبي".
و"يدرك الأمريكيون أن مثل هذا الإنجاز من شأنه أن يحَّسن بشكل كبير موقف الرئيس قبل الانتخابات (الرئاسية في 2024)، وسيُنظر إليه أيضا على أنه إجراء مضاد لتوسع الصين السريع في المنطقة"، بحسب بن كاسبيت.
مطالب الرياض
وبشأن ما يؤخر التطبيع المحتمل، قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، شريطة عدم الكشف عن هويته، لـ"المونيتور": "السعوديون على استعداد لاتخاذ زمام المبادرة، لكن فقط إذا كان ذلك مفيدا للغاية بالنسبة لهم، إنهم يطالبون بعقود لتوريد أسلحة (أمريكية) متطورة".
وتابع: "يطالبون بمكانة مساوية لمكانة إسرائيل فيما يتعلق بإمدادات الأسلحة الأمريكية، ويريدون اتفاقية دفاعية سعودية أمريكية تتطلب من واشنطن أن تسرع لمساعدة المملكة إذا تعرضت للهجوم، وأخيرا يريدون مساعدة من واشنطن لإنشاء مشروع نووي مدني".
واعتبر المصدر أنه "مع كون إيران بالفعل دولة عتبة (على وشك إنتاج سلاح نووي)، فإذا أصبحت السعودية دولة نووية مدنية، فلا مفر من سباق نووي مجنون في الشرق الأوسط".
وبشأن احتمال أن يضغط نتنياهو على واشنطن للموافقة على مطالب السعودية، رأى المصدر أنه "من المهم جدا بالنسبة له أن يقدم هذا الإنجاز (التطبيع) وثمنه حاليا أقل أهمية.. هو بحاجة إلى هذا الإنجاز وبايدن أيضا بحاجة إليه.. والسؤال الوحيد هو ما الذي يمكن استكماله مع محمد بن سلمان للوصول إليه (التطبيع)".