تشاك فريليتش وإلداد شافيت ويوئيل جوزانسكي/ معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي- ترجمة الخليج الجديد-
توجد حزمات مطالب متنوعة لابد أن تلتزم بها الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل وفلسطين ضمن صفقة تطبيع تاريخية محتملة بين تل أبيب والرياض صاحبة المكانة البازرة في العالمين الإسلامي والعربي والقدرات الاقتصادية الضخمة.
ذلك ما ذهب إليه الباحثون تشاك فريليتش وإلداد شافيت ويوئيل جوزانسكي في تحليل بـ"معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS) ترجمه "الخليج الجديد".
واعتبروا أن "الجديد في هذه الديناميكية هو الرغبة الواضحة لدى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في تلبية المطالب السعودية، لكن احتمالات النجاح غير واضحة، وبايدن يدرك أن الجهات الفاعلة الإقليمية، وخاصة إسرائيل، ستكون مطالبة باتخاذ قرارات تاريخية".
وتابعوا أنه "في مقابل استعدادهم لقبول الصفقة، ورد أنه سيُطلب من الأطراف اتخاذ سلسلة من الخطوات من شأن تنفيذها أن يضع القادة المعنيين في مواجهة تحديات استراتيجية وسياسية معقدة".
ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وتشترط انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
دفاع ونووي
و"من المرجح أن تطالب السعودية باتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة، على غرار التزامها تجاه الدول الأعضاء في (حلف شمال الأطلسي) الناتو، بما في ذلك التعهد بالدفاع عن المملكة في حالة تعرضها لهجوم، ومبيعات أسلحة متقدمة، والموافقة على برنامج نووي سعودي مدني بمساهمة أمريكية لم يتم تحديدها بعد"، بحسب الباحثين.
وأردفوا أنه "إلى جانب التطبيع مع إسرائيل، من المرجح أن تطالب الولايات المتحدة السعودية بإنهاء الحرب في اليمن (مستمرة منذ 2014)، وتزويد السلطة الفلسطينية بحزمة مساعدات سخية، والحد من علاقات المملكة المتنامية مع الصين (المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة)".
وبالنسبة لإسرائيل، وفقا للباحثين، "من المرجح أن يُطلب منها تجنب أي إجراءات قد تعرض للخطر حل الدولتين المستقبلي مع الفلسطينيين، وتحقيقا لهذه الغاية تلتزم إلى أجل غير مسمى بالامتناع عن ضم الضفة الغربية وإنشاء مستوطنات جديدة وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية غير القانونية (...) وبشكل عام اتخاذ خطوات لتقوية السلطة الفلسطينية".
أما بخصوص السلطة الفلسطينية فقالوا إنه "من المرجح أن تطلب منها الولايات المتحدة منح مباركتها للصفقة الشاملة (تطبيع سعودي إسرائيلي) مقابل مساعدة (مالية) سعودية كبيرة والتنازلات الإسرائيلية المذكورة".
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ 1967.
حكومة نتنياهو
وبحسب الباحثين، فإن "معظم مطالب الولايات المتحدة لتشجيع التطبيع تستهدف إسرائيل، ومن المتوقع أن يلقى أي تقدم في هذا الصدد معارضة من شركاء رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) في الائتلاف الحاكم وربما يؤدي إلى سقوط حكومته".
وتتولى هذه الحكومة السلطة منذ 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتوصف بأنها "أكثر حكومة يمينية متطرفة" منذ إقامة دولة إسرائيل في 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة.
ورجح الباحثون أن "إدارة بايدن قد تسعى إلى تحقيق أحد الخيارين التاليين: تشكيل حكومة ائتلافية جديدة أكثر اعتدالا أو إجراء انتخابات جديدة للكنيست (البرلمان)، والتي ستشكل في الواقع استفتاءً حول مستقبل الضفة الغربية".
وزادوا بأنه "من وجهة نظر واشنطن، قد تكون مبادرة التطبيع جذابة بما يكفي لنتنياهو لدفعه إلى تبنيها رغم الصعوبات، إذ ستتيح له فرصة دخول التاريخ كقائد لعملية تحول إقليمي رائدة، وإمكانية إخراج نفسه من مستنقع (خطة) الإصلاح القضائي (المثيرة للانقسام)، وصرف الانتباه عن شؤونه القانونية الشخصية"، في إشارة إلى محاكمته الراهنة بتهم فساد ينفي صحتها.
إيران ويايدن
و"مع اتفاقات إبراهيم (للتطبيع بين دول عربية وإسرائيل)، يظل الفلسطينيون متفرجين، لكن مع ذلك قد يتمتعون بفوائد كبيرة منها وقف عملية الضم في الضفة الغربية، فضلا عن المساعدات المالية الكبيرة"، كما أضاف الباحثون.
واعتبروا أن "الخاسر الرئيسي في مثل هذا السيناريو ستكون إيران، كما تعتبر الإدارة الأمريكية هذه الخطوة وسيلة لتقليل إمكانية القيام بعمل عسكري إسرائيلي ضد البرنامج النووي الإيراني وتخفيف حدة التوتر بين إسرائيل وإيران في سوريا، وبين إسرائيل و(جماعة) حزب الله (في لبنان) و(حركتي) حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين".
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية لم تعلن عنها رسمية وغير خاضعة للرقابة الدولية، وتتهم مع عواصم خليجية وغربية، بينها الرياض وواشنطن، طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول الأخيرة إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.
و"أخير لن يخلو الضغط الأمريكي من أجل التطبيع بين إسرائيل والسعودية من حسابات الرئيس بايدن نفسه (للفوز بفترة رئاسية جديدة)، بالنظر إلى الحملة الانتخابية المقبلة في 2024 وطموحه في تحقيق إنجاز كبير في السياسة الخارجية"، بحسب ما ختم به الباحثون.