يوئيل جوجنسكي- يديعوت أحرونوت-
تصمم الإدارة الأمريكية على المضي بخطوة إقليمية واسعة تتضمن تطبيعاً (جزئياً كما يبدو) بين “القدس” والرياض – أو “اندماج” على حد تعبير السعوديين. المطالب السعودية من الولايات المتحدة لقاء “تطبيع ناقص” تتضمن اتفاق دفاع، ووسائل قتالية بينها الطائرة القتالية اف 35، وتعاوناً نووياً، يقام في إطاره مشروع لتخصيب اليورانيوم في المملكة.
لن تكون إسرائيل مطالبة فقط بإعطاء ضوء أخضر لمطالب السعوديين بعيدة المدى، بل ومساعدة الإدارة على إجازتها في الكونغرس في ضوء التردد إن لم نقل العداء الذي هو تجاه السعودية لدى واشنطن. كل دولة عربية طبقت علاقاتها مع إسرائيل تلقت جزَراً أمريكياً، لكن السعوديين بالغوا في المطالب، لأنه ثمة شكوك حول قبولهم اتفاق سلام كاملاً.
إن سلوك حكومة إسرائيل التي تصر على إبقاء الموضوع في العناوين الرئيسية (على ما يبدو كي تظهر نشاطاً سياسياً، وتحرف الخطاب الجماهيري عن الاحتجاج)، لا يخدم الموضوع، بل يدفع السعوديين لرفع الثمن الذي يطالبون به من الأمريكيين. كما أن حكومة إسرائيل لا تقول كل الحقيقة للجمهور؛ فقد حاول مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، التقليل من مستوى الخطر على إسرائيل الذي يكمن في برنامج نووي سعودي. فقد قال إن في دول أخرى أيضاً، كالإمارات، برامجاً نووياً مدنياً. ولعله أشار بذلك إلى أن إسرائيل لن تقف في طريق السعودية.
غير أن هنغبي نسي أن يروي بأن الإماراتيين، مقابل مساعدة دولية في إقامة مفاعلاتهم، تخلوا عن تخصيب اليورانيوم. أما السعودية فهي غير مستعدة للتخلي عن تخصيب اليورانيوم، والولايات المتحدة التي يئست من إقناعها مستعدة على ما يبدو للتنازل في هذا الموضوع لإبعادها عن الصين. وقال هنغبي أيضاً إن هذا شأن أمريكي – سعودي، وإن إسرائيل ليست طرفاً في الموضوع. لكن إسرائيل طرف مركزي، لأن لها تأثيراً عليه، ولأنها هي التي ستضطر للعيش مع آثاره. بعضها سلبي جداً.
لماذا هي الآثار سلبية بهذا القدر؟ لأن دولاً أخرى في المنطقة قد تطالب بالشروط التي تلقاها السعوديون. مثلاً، قد يطالب الإماراتيون بفتح الصفقة معهم. أصوات كهذه سمعتها من زملائي الكبار في الخليج. وللسعوديين أيضاً ماض إشكالي جداً في المجال النووي، والتطلعات تتجاوز كثيراً توريد الكهرباء وتحلية المياه. هكذا يتحدث علناً مسؤولوها الذين يسعون للوصول إلى توازن استراتيجي مع إيران. ماذا سيحصل إذا ما أمم السعوديون مشروع تخصيب اليورانيوم مثلما أمموا شركة النفط الأمريكية – العربية؟ والأهم من كل هذا، ماذا سيحصل مع المسألة الإيرانية الحرجة لأمن إسرائيل، في اللحظة التي تنضم فيها السعودية إلى “النادي النووي؟
بالنسبة لحكومة إسرائيل ورئيسها، ما لم توجد تنازلات ذات مغزى في المسألة الفلسطينية وتبقى الحكومة على حالها، فهذا رائع. فما هي أهمية التفوق العسكري والنوعي الإسرائيلي مقارنة بالحفاظ على مشروع المستوطنات. بالنسبة لرئيس الوزراء، بهذا سيميز إرثه أيضاً. وكنتيجة، سيسجله التاريخ أنه هو من ساهم في سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
لا يوجد على جدول الأعمال اتفاق سلام كامل، بل “تطبيع ناقص” يتناسب وحساسيات المملكة. اتفاق كهذا هو فرصة للتقدم في الانفصال عن الفلسطينيين وليس للمساهمة في تآكل التفوق العسكري الإسرائيلي وتسريع سباق تسلح نووي في المنطقة.