محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
لم تيأس "إسرائيل" من محاولاتها المستمرة تطبيع علاقاتها مع السعودية، الدولة الإسلامية والعربية الأكبر بالمنطقة، وذلك لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية استراتيجية تصب في مصلحة دولة الاحتلال.
ومنذ اليوم الأول لتولي بنيامين نتنياهو منصبه رئيساً لوزراء حكومة دولة الاحتلال، في مايو الماضي، أكد أن أحد أهدافه الرئيسة في الفترة المقبلة سيكون توقيع "اتفاق سلام" مع السعودية.
وشهدت الفترة الأخيرة تهافتاً إسرائيلياً ملحوظاً تجاه التطبيع مع السعودية، من خلال تصريحات مستمرة من أعلى الهرم السياسي داخل دولة الاحتلال، والتي تدعو إلى إقامة علاقات مع الرياض.
واستخدم الإسرائيليون لغة التحفيز للسعودية من أجل إقامة علاقات معها، من خلال ادعاء أن تطبيع العلاقات معها سيكون دعماً للاقتصاد والأمن السعودي، وتحقيق فوائد في قطاع التكنولوجيا لها.
وجاءت أبرز التصريحات تلك التي أدلى بها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، من خلال قوله: إن "إسرائيل" والسعودية يمكنهما العمل على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية، حتى لو لم يتبادل البلدان الاعتراف الدبلوماسي.
ونقلت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، عن نتنياهو، الاثنين 7 يوليو الجاري، قوله: إن "إسرائيل والسعودية يمكنهما إنشاء ممر اقتصادي يمر عبر شبه الجزيرة العربية إلى أوروبا، يشمل الطاقة والنقل وتكنولوجيا الاتصالات".
كما غازل وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، السعودية من خلال قوله إن حكومة نتنياهو قادرة على "صنع التاريخ" مع السعودية و"إحلال السلام" في الشرق الأوسط.
واعتبر كوهين خلال حوار أجرته صحيفة "إيلاف" الإلكترونية السعودية، الأحد 6 يوليو الجاري، أنه في حال زار وزير خارجية السعودية دولة الاحتلال فسيكون "يوم عيد".
وقال كوهين إنه يرى "فرصة تاريخية لسلام سيغير وجه العالم بأكمله وليس الشرق الأوسط فقط، وبالتحديد تحدث عن فرصة تطبيع للعلاقات بين إسرائيل والسعودية تعود على البلدين بالنفع، إضافة إلى الوسيط الولايات المتحدة".
وقدّم كوهين مجموعة من الإغراءات خلال تصريحه في حال أقدمت السعودية على تطبيع علاقاتها مع "إسرائيل"، خاصةً تعزيز أمنها واقتصادها، وفتح آفاق تعاون تكنولوجي.
وعند سؤاله عن استعداد "إسرائيل" لتطبيق الشروط السعودية بإحراز تقدم في القضية الفلسطينية، وإمكانية ذلك في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة وحزب الليكود، قال كوهين: "إن أربعاً من أصل خمس اتفاقيات سلام وقعتها إسرائيل صنعها الليكود، منها ثلاث حققتها حكومات نتنياهو".
أبدت "إسرائيل" أيضاً موافقتها على تقدم السعودية في مشروعها النووي مقابل التطبيع، وهو ما أكده مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي.
وقال هنغبي في تصريح له، الثلاثاء 1 أغسطس الجاري: إن "تل أبيب "لن تقلق" من احتمال قيام السعودية بتطوير قدرات نووية مدنية، مؤكداً في الوقت ذاته أن "طريق تطبيع العلاقات مع المملكة لا يزال طويلاً".
الموقف السعودي
أمام التهافت الإسرائيلي على إقامة علاقات مع السعودية، وزيادة وتيرة التصريحات مؤخراً، التزمت الرياض الصمت ولم يصدر عن أي جهة رسميةٍ أي تصريح حديث.
وللسعودية موقف واضح من التطبيع مع "إسرائيل" وهو إقامة دولة فلسطينية، وهو ما ترفضه "إسرائيل"، خاصة في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة التي تقود دولة الاحتلال حالياً.
وتريد السعودية حل الصراع الإسرائيلي مع الفلسطينيين وفق مبادرة السلام العربية التي طرحها العاهل االسعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، عام 2002، ووافقت عليها الدول العربية بالإجماع.
ونصت المبادرة على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967، وعودة اللاجئين، وانسحاب "إسرائيل" من هضبة الجولان المحتلة، مقابل الاعتراف وتطبيع العلاقات بين العواصم العربية وتل أبيب.
وسبق أن أكد وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، شرط بلاده للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بإقامة دولة فلسطينية.
وقال الوزير السعودي، في مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في يناير الماضي: "لقد قلنا باستمرار، إننا نعتقد أن التطبيع مع إسرائيل أمر يصب في مصلحة المنطقة إلى حد كبير".
وأضاف: "مع ذلك، التطبيع الحقيقي، والاستقرار الحقيقي، سيتحققان فقط من خلال منح الفلسطينيين الأمل، ومن خلال منحهم الكرامة"، مشدداً على أن ذلك "يتطلب إعطاء الفلسطينيين دولة، وتلك هي الأولوية".
أهداف إسرائيلية
المختص بالشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، يؤكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسعى إلى التطبيع مع السعودية؛ "لكونها أكبر دولة إسلامية ولها رمزية ومكانة كبيرة، إضافة إلى أنها قوية اقتصادياً، ومؤثرة، وإقامة العلاقات معها يفتح الباب للتطبيع مع دول أخرى".
ويقول منصور في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "التهافت الإسرائيلي للتطبيع مع السعودية سببه وجود مصالح وجودية لدولة الاحتلال الإسرائيلي من وراء ذلك، وتحقيق فوائد في المجالات الاقتصادية والأمنية".
وأوضح أن نتنياهو يريد من الحديث عن سعيه للتطبيع مع السعودية؛ "الترويج لحكومته وإظهار وجود تقدم لديه في هذا الملف، ولكن على الأرض لا توجد أي مؤشرات على إقامة علاقات مع السعودية".
ويستبعد المختص في الشأن الإسرائيلي، أن تقوم السعودية بالموافقة على التطبيع مع "إسرائيل"؛ لكونها تضع شروطاً معروفة وصعب على نتنياهو تنفيذها، خاصة حول إقامة دولة فلسطينية.
وتريد السعودية، حسب منصور، تحقيق الحد الأدنى من مطالبها من أجل التقدم نحو التطبيع مع "إسرائيل"، ودون ذلك لن تذهب لإقامة علاقات مع الاحتلال.
وإلى جانب حديث منصور، استبعد لواء بجيش الاحتلال، أن تتخذ السعودية خطوات عملية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون حل للقضية الفلسطينية.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الثلاثاء 8 أغسطس الجاري، عن اللواء إيتان دانغوت، المنسق السابق لعمليات الحكومة في الضفة الغربية، قوله: "من يتخيل أن السعوديين سيوافقون على التطبيع دون التطرق إلى القضية الفلسطينية، واهم".