(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
وصل مؤخراً وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، مساء الأحد 3 سبتمبر، إلى مملكة البحرين في زيارة تستغرق يومين، ولا ندري ماذا تغير سياسيا عن يوليو الماضي، عندما أبلغت مملكة البحرين الكيان الصهيوني، بتأجيل زيارة وزير الخارجية ذاته إلى المنامة على خلفية اقتحام وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى.
فهل عدل الكيان الإسرائيلي سياسته وكف عن اقتحاماته وانتهاكاته وقتله للشعب الفلسطيني، أم أن هناك أسباب أخرى لمثل هذه الزيارة.
ربما تخفف هذه الزيارة من الحرج الصهيوني بعد ردود الفعل الشعبية العنيفة على كشف لقاء وزير الخارجية مع وزيرة الخارجية الليبية، حيث أفشل الغضب الشعبي ملف التطبيع مع ليبيا والتحضير له، حتى ان نتنياهو وامريكا اعلنا استياءهما من تسريب اللقاء.
وربما جاءت هذه الزيارة لرفع الحرج عن الإسرائيليين ولإثبات أن ملف التطبيع والاتفاقات الابراهيمية المزعومة ماضية قدما.
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية، قالت إن زيارة كوهين للبحرين، تعد الزيارة الأولى للوزير إلى إحدى الدول العربية التي وقعت "اتفاقيات إبراهام"، وهي الدول التي وقعت اتفاقيات تطبيع مع (إسرائيل) بوساطة الرئيس الأمريكي الأسبق، دونالد ترامب.
وأكدت أن إيلي كوهين سيلتقي بنظيره البحريني، عبد اللطيف بن راشد الزياني، وكذلك مسؤولين بحرينيين آخرين، حيث من المفترض أن يقوم بافتتاح مقر السفارة الإسرائيلية بشكل رسمي في المنامة.
والسؤال هنا لماذا البحرين تحديدا، ولماذا لم تكن الزيارة للإمارات مثلا، حيث مضت قدما بشكل سريع وعميق في إجراءات التطبيع.
وهنا قد ترتبط هذه الزيارة بملف اخر يتصدر التقارير الدولية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ملف التطبيع الإسرائيلي مع السعودية.
وذلك لسببين:
الأول: خلافات السعودية مع الإمارات والتي خرجت للعلن وبالتالي عدم اغضاب السعودية بإعطاء الامارات وضعا خاصا ومميزا في ملف التطبيع.
الثاني: التبعية الشديدة والمعلنة من البحرين للملكة العربية السعودية والتي جعلت بعض التقارير تصف البحرين بأنها محافظة ضمن محافظات السعودية.
ولعل سلوك البحرين في عدة ملفات رجح هذه التبعية الشديدة، مثلما حدث عندما قامت السعودية بقطع علاقاتها مع إيران مطلع العام 2016، إذ قامت البحرين باتخاذ نفس الخطوة بعدها بأقل من 24 ساعة، وكذلك مقاطعة بعض دول الخليج لقطر في يونيو2017، فرغم أن البحرين كانت أولى الدول التي أعلنت سحب سفيرها من الدوحة وقطع العلاقات معها، إلا أنه لا يخفى على أحد أن ذلك تم بإيعاز من السعودية والإمارات، اللتين قطعتا علاقاتهما مع قطر بعدها بساعات.
ولذلك قد يرى البعض أن هذه الخطوة الصهيونية تعد في إطار خطوات التمهيد لتطبيع سعودي إسرائيلي مرتقب.
وفي في يناير 2022، كشف السفير الإسرائيلي لدى البحرين إيتان نائيه أن (إسرائيل) بدأت في استيراد الألمنيوم من المملكة، متوقعا نمو حجم واردات (إسرائيل) من الألمنيوم البحريني في المستقبل.
وأوضح أن تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المنامة والكيان الإسرائيلي يمثل أولوية قصوى في أجندته، خاصة في ظل رغبة قيادات الجانبين في تطوير العلاقات.
وهذا ما يعطي وجاهة لأن يكون التعميق باتجاه البحرين نوعا من المغازلة للسعودية حيث تقع البحرين في الفريق السعودي عند أي خصومة أو منافسة خليجية.
وتفيد تقارير وسائل الإعلام الغربية، بأنه، ومُنذُ أشْهُر تقود واشنطن حراكاً سياسياً، يهدف بشكلٍ أساسي، إلى التوصل إلى اتفاقٍ، بين كلٍ من السعودية وإسرائيل، على تطبيع العلاقات بينهما، ووفقاً للعديد من المراقبين، فإنَّ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تضع نُصب عينيها التَوَصْل إلى مثل هذا الاتِّفاق، بحلول شهر مارس من العام 2024، وقبل أن تغرق في تفاصيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.
وكانت وفي ذات السياق، وسائلُ إعلام إسرائيلية، قد نقلت عن وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، قَوْلَه إن بلاده هي " أقرب من أي وقت مضى لإنجاز اتفاق سلام مع المملكة العربية السعودية"، في وقت تتزايد فيه التكهنات، بقرب التوصل لمثل هذا الاتفاق، وأضاف كوهين " إن هناك فرصة حتى شهر مارس المقبل لإتمام ذلك"، في وقتٍ أشارت فيه وسائلُ إعلام إسرائيلية، إلى ان الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيرى مِثْل هذا الاتفاق في حالة تَحَقُقه، بمثابة إنجاز دبلوماسي، يركن إليه خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.
فهل تعتبر البحرين جسرا متقدما نحو التطبيع السعودي، أم مجرد محطة عابرة لحفظ ماء الوجه الصهيوني بعد الصفعة التي تلقتها الخارجية الصهيونية في ليبيا؟
في جميع الحالات فإن مجرد الاتفاق الابراهيمي المزعوم والاعتراف بالعدو الإسرائيلي هو محط غضب الشعب البحريني والخليجي عموما والذي قد تكون ذروته، إذا ما أعلنت السعودية والتي تعد كبيرة الخليج تطبيعا مماثلا.