يديعوت أحرونوت-
نحن السعوديين، يزعجنا سماع الإسرائيليين يسألوننا متى سننضم إلى اتفاقات إبراهيم. هكذا يقول رجال الحكم في السعودية، ممن استضافوا وفداً من 12 رجل أعمال إسرائيلياً لأول مرة في مؤتمر بموضوع السايبر، الذي عقد هذا الأسبوع في الدمام، عاصمة النفط في الخليج، المدينة الثالثة حجماً في الدولة التي تقوم في الخليج الفارسي، أو العربي كما يسمونه هنا.
في 2019 تعرضت المدينة والمنطقة لهجوم بالصواريخ والمسيرات التي أطلقها الحوثيون المؤيدون لإيران من مسافة 1000 كيلومتر من اليمين. هذا سبب جعل السعوديين يبدون اهتماماً عظيماً بتكنولوجيات الدفاع في وجه الهجمات.
في اللقاء مع رجال الأعمال الإسرائيليين الذين دُعوا على نحو خاص إلى المؤتمر الحكومي في موضوع السايبر، نقل المحليون رسالة إلى إسرائيل: “مع كل الاحترام للإمارات والبحرين، فإن السعودية العظمى شيء آخر: حارسة مدينتي مكة والمدينة، المقدستين لنحو ملياري مسلم. التطبيع معنا، إذا ما حدث، سيكون بحجم مختلف تماماً. السلام سيمنح شرعية لعلاقة رسمية بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية أخرى تنظر إلى الأمر حالياً من جنب”.
منطقة الاستحداث
في مايو/ أيار الماضي، دعيت المستشرقة د. نيريت أوفير لإلقاء محاضرة في المؤتمر في موضوع الأمن في الشرق الأوسط والذي عقد في الرياض. كان الحدث علنياً، أمام جمهور من أرجاء الشرق الأوسط بما في ذلك ممثلون من لبنان واليمن والعراق. أبدى المشاركون فضولاً عظيماً، سألوا د. أوفير أسئلة لا حصر لها. “حتى إنهم وافقوا على تبادل بطاقات الزيارة معي”، تتذكر المستشرقة التي تتجول منذ عقد في إطار عملها في منطقة الخليج.
وكانت المفاجأة الكبرى عندما توجه رجال حكم سعوديون إلى د. أوفير وعرضوا عليها ترؤس وفد تجاري يصل إلى المؤتمر في داماس. دخل رجال الأعمال مع جوازات سفر أجنبية لكنهم شاركوا في المؤتمر بهوية مطلقة كإسرائيليين، إلى جانب نحو 300 ضيف بمن فيهم مندوبون من شركات كبرى مثل أرامكو السعودية أو شركات نفط وغاز أخرى من دول الخليج.
عرضت شركات سايبر في السعودية تكنولوجيات حديثة، واستُقبل رجالها بحرارة في الغالب رغم أن البعض تجاهلوا باستعراضية الوجود الإسرائيلي أو سعوا للتكتم. وتقول د. أوفير: “لا تزال أمامنا طريق طويلة، لكن لا شك أن شيئاً ما يحصل في العلاقة مع الرياض”.
في أثناء المؤتمر، دعي مندوبون عن الشركات الإسرائيلية إلى لقاءات خاصة من شركات من العالم العربي ومن الخليج بخاصة. برزت أرامكو، ووزارة الطاقة وشركة الكهرباء السعودية ووزارة الغاز والنفط البحريني.
“المحادثات كانت مشوقة وانتقلت من الموضوع المهني”، هكذا ادعى أمامي أحد مندوبي شركة معروفة من إسرائيل: “تحدثنا عن التغيير الذي يجتازه المجتمع السعودي في مواضيع مثل مكانة المرأة وحتى عن دوري كرة القدم لديهم، الذي يسعى ليصبح واحداً من الأفضل في العالم”.
تعرض شركة إسرائيلية شاركت في الحدث ابتكارا في مجال تشخيص الوجوه. وحسب التكنولوجيا التي طورتها، يكفي تصوير 30 في المئة من الوجه لتشخيص الإنسان أو حتى استخدام صور من قبل 50 سنة، حين كان طفلاً. وكما يصف هذا مهندس من دبي، أمبر دلوي، الذي يمثل OOSTO من الخليج: “في دول هي عملياً دول معادية لإسرائيل، يقدرون تكنولوجياتكم جداً، لا حرج في أن يستخدموها”.
نائب رئيس الشركة الإسرائيلية، فديم ألوني، يضيف: “للشركات الإسرائيلية تكنولوجيات مذهلة يحتاجها السوق السعودي. وفدنا قد يدفع بالسلام الإقليمي قدماً وبالعلاقة الاقتصادية بين الدول”.
ندى الموشين، شابة سعودية تعلمت في الولايات المتحدة، تقول: “أنتم فخورون جداً بأنكم أصبحتم أمة استحداث، لعلنا معاً نبني منطقة استحداث. لديكم الكثير مما تقدمونه”.
النفط الجديد
صورة ولي العهد محمد بن سلمان، تطل من كل زاوية ممكنة في شوارع المدن السعودية، أحيانا مع أبيه. ويشارك في مؤتمر الدمام أيضاً مندوبو مشروع الأمير العلمي في “رؤية 2030″، وهو مهندس التغيير الذي يمر على الدولة، والكفيل بأن يصبح قريباً ملكاً لسنوات طويلة.
“نيوم هي درة تاج السعودية الجديدة”، شرح محمد، مندوب المدينة الجديدة المشارك في المؤتمر. في إطار المشروع، تتطلع نيوم لتصبح مدينة المستقبل: ودية للبيئة، بدون طرق وسيارات وانبعاثات غاز. الميزانية المقدرة لبنائها تتجاوز تريليون دولار. سيكون ممكناً في نيوم الوصول إلى أي مكان في قطارات سريعة في غضون 20 دقيقة وستكون فيها سيارات عمومية طائرة. ممثلو نيوم توجهوا إلى الشركات الإسرائيلية وسألوا عن التكنولوجيات الكثيرة لمساعدتهم في مدينة المستقبل.
يستثمر السعوديون الكثير في السياحة ويسهلون الدخول إلى المدينة. مواطنو دول معينة، من الاتحاد الأوروبي مثلاً، يمكنهم الحصول على التأشيرة في غضون بضع دقائق عن بعد. في الدمام يدعون بأن السياحة هي “النفط الجديد”.
إحدى العاملات في الفندق الذي عقد فيه المؤتمر تدعى حصة، رأت جواز سفري البرتغالي، وقالت لي بغمز: “أنت برتغالية من تل أبيب، صحيح؟ أحد أحلامي هو أن أزور تل أبيب وأصلي في القدس في المسجد الأقصى”. بعد أن قالت لي “أهلا وسهلاً” أجملت حصة القول: “توجد قوتان تتصدران التغيير هنا. النساء اللواتي ينضممن إلى سوق العمل وبالأساس 70 في المئة من السكان الذين هم بدون سن 30 سنة”.