محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
عادت السعودية من جديد لقيادة حراك دبلوماسي تجاه القضية الفلسطينية التي تعد أبرز القضايا المعقدة والدائمة في الشرق الأوسط، من خلال لقاءات يعقدها وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان مع نظرائه العرب والأوروبيين.
وطرحت السعودية، خلال لقاء مغلق عقده بن فرحان في نيويورك الثلاثاء 14 سبتمبر الجاري، بمشاركة ممثلين عن خمسين دولة، معظمهم وزراء خارجية من الاتحاد الأوروبي ودول عربية، الدفع باتجاه خيار "حل الدولتين" بين "إسرائيل" والفلسطينيين، عبر خطوات في المجال الأمني والسياسي والاقتصادي والثقافي.
وجاء اللقاء على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بمناسبة مرور عشرين سنة على "مبادرة السلام العربية" التي في إطارها طرحت السعودية صنع السلام مع "إسرائيل" مقابل إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967.
وعقب اللقاء، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، عقد مؤتمر عربي أوروبي بدعوة من المملكة لبحث إعادة إحياء حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
وأوضح فيصل بن فرحان، في تصريحات نقلتها قناة "الإخبارية" السعودية: "استضفنا اليوم بالتشارك مع الاتحاد الأوروبي ومصر والأردن حدثاً مهماً، يهدف لإعادة الحديث عن حل الدولتين؛ لأننا مقتنعون بأنه لا مجال لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة على أساس المرجعيات الدولية المعروفة".
وأشار إلى أن "الاجتماع بحث كيفية إعادة حل الدولتين إلى الواجهة، في ظل استمرار التصعيد بالأراضي الفلسطينية المحتلة".
وتوقفت عملية السلام منذ أبريل 2014؛ من جراء رفض "إسرائيل" وقف الاستيطان وإطلاق قدامى الأسرى، بجانب تنصلها من مبدأ حل الدولتين.
حل الدولتين
تقوم رؤية حل الدولتين على تراجع العرب عن مطلب تحرير كامل فلسطين وعن حل الدولة الواحدة، ويقوم على أساس دولتين في فلسطين التاريخية تعيشان جنباً إلى جنب، هما دولة فلسطين على حدود 1967 إلى جانب دولة "إسرائيل"، وهو ما تم إقراره في قرار مجلس الأمن 242 بعد حرب 1967 وسيطرة "إسرائيل" على باقي أراضي فلسطين التاريخية.
وفي 1988 أصدر الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إعلان الاستقلال الذي تحدث لأول مرة عن "دولتين لشعبين"، معترفاً بذلك بدولة "إسرائيل" وبسيادتها على 78% من فلسطين التاريخية.
وحول الجهود السعودية أكد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن الرياض أبلغت الولايات المتحدة أن الدفع بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني هو عنصر حاسم في اتفاق تطبيع محتمل تتوسط فيه واشنطن بين الرياض ودولة الاحتلال.
وفي هذا الصدد يربط الكاتب والمحلل السياسي، سعيد زيداني، بين التحرك الدبلوماسي السعودي وطرح ملف حل الدولتين من جديد، والحديث الجاري عن "تطبيع سعودي إسرائيلي"، مقابل تقديم مكاسب للفلسطينيين.
ويقول زيداني، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "مسار التطبيع بين السعودية ودولة الاحتلال لا يتطور، بسبب عدم استعداد "إسرائيل" تقديم أي تنازل خاصة تجاه القضية الفلسطينية".
ويوضح زيداني أن "دولة الاحتلال الإسرائيلي تريد التطبيع مع السعودية دون تقديم أي حل للقضية الفلسطينية أو التنازل في ملف حل الدولتين، لكونها غير مؤهلة بالوقت الحالي بسبب الحكومة المتطرفة التي يقودها بنيامين نتنياهو".
ويشير إلى أن ما تقدمه "إسرائيل" حول ملف الدولتين لا يرتقي إلى المطالب العربية والسعودية، حيث تريد دولة الاحتلال الموافقة على دولة فلسطينية منزوعة السيادة والسلاح، وهو أمر غير مقبول حتى من قبل الولايات المتحدة.
المبادرة العربية
وجاء الحراك الدبلوماسي السعودي وطرح ملف حل الدولتين من جديد، بعد بروز تصريحات عديدة مؤخراً، خاصة من قبل مسؤولين إسرائيليين، حول وجود سعي لتطبيع العلاقات مع الرياض.
وسبق أن نفت الرياض وجود أي مفاوضات سلام مع "إسرائيل"، حيث أكدت مراراً أن تطبيع العلاقات مع تل أبيب مرهون بتطبيق مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، عام 2002.
وكانت السعودية أول دولة عربية تطرح فكرة للسلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، من خلال طرحها مبادرة السلام العربية التي تتضمن بنوداً وشروطاً أساسية لتطبيع الدول العربية علاقاتها مع "إسرائيل".
وجاء في المبادرة: "ستقيم الدول العربية علاقات دبلوماسية كاملة مع (إسرائيل)، مقابل قيام دولة فلسطينية على طول حدود الأراضي المحتلة منذ عام 1967".
ونصت المبادرة أيضاً على تأكيد أن السلام في الشرق الأوسط لن يكتب له النجاح إن لم يكن عادلاً وشاملاً تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن رقم "242" و"338" و"425"، ولمبدأ الأرض مقابل السلام، وتأكيد تلازم المسارين السوري واللبناني وارتباطهما عضوياً مع المسار الفلسطيني تحقيقاً للأهداف العربية في شمولية الحل.
وتتضمن المبادرة حلاً عادلاً لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.