شالوم ليبنر / فورين بوليسي - ترجمة الخليج الجديد-
حكومة بنيامين نتنياهو الحالية والانفراج التاريخي مع السعودية هما أمران غير قادرين ببساطة على التعايش، بهذه النتيجة المباشرة والحاسمة يرى المسؤول الحكومي الإسرائيلي السابق شالوم ليبنر، والذي خدم مع سبعة رؤساء وزراء إسرائيليين أن آفاق تطبيع الرياض وتل أبيب ملبدة بالغيوم.
وفي تحليل كتبه ونشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، يقول ليبنر إنه بينما يخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمسار نحو إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين بلاده والسعودية، يبدو تائهاً بشكل يائس في فناء منزله الخلفي، وبينما يحلم بالسلام الإقليمي، فإن ائتلافه الحاكم يستعد لتقويض خططه.
سلة تسوق محمد بن سلمان
أيضا، فإن "سلة التسوق" التي جهزها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ويريد تعبئتها ببضائع ثمينة مقابل التطبيع، مثل اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة، وامتلاك قدرة نووية مدنية، وإعادة تأهيل صورته، علاوة على منح تنازلات للفلسطينيين، تبدو ثقيلة لأن يقبل بها نتنياهو.
ولكن على الرغم من أناقة الأمر على الورق، فإن العقبات التي تعترض التوصل إلى اتفاق إسرائيلي سعودي كثيرة.
ويجري الآن طرح حلول إبداعية لمعالجة بعض هذه النقاط الشائكة، مثل استخدام "طرق تكنولوجية سرية" لضمان عدم إعادة توجيه أي برنامج نووي سعودي مصرح به لأغراض عسكرية.
ويقترح أيضًا أن نتنياهو يمكن أن يتوسط لدى المشرعين الجمهوريين الصديقين لمساعدة البيت الأبيض في الحصول على أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ والتي ستكون ضرورية لإبرام معاهدة دفاع مع السعودية.
ويرى الكاتب أن هذه الخطوات ليست كافية للوصول إلى خط النهاية، حتى لو كان الترتيب مفيدًا للطرفين، وفقا لما ترجمه "الخليج الجديد".
ممارسة التضحيات
وسيتطلب النجاح أن يقوم كل طرف برفع الأثقال وممارسة التضحيات بنفسه، حيث سيتعين على بايدن أن يمنح مباركته المطلقة للنظام السعودي نفسه الذي تعهد، خلال المناظرات الانخابية الرئاسية في عام 2019، بعدم "بيع المزيد من الأسلحة لهم"، بل "جعلهم منبوذين".
ومن الناحية السعودية، سيتعين على ولي العهد أن يبدي اعترافًا حقيقيًا بإسرائيل، وهي دولة لا تظهر حتى بالاسم على الخرائط الرسمية للمملكة.
إسرائيل، من جانبها، لن تحصل على "وجبة مجانية"، حيث تتوقع إدارة بايدن والرياض منها أن يكون هناك أمورا ملموسة لصالح الفلسطينيين قبل المضي قدما في اتفاق التطبيع.
تنازلات للفلسطينيين
فالسعوديون، الذين قام ولي عهدهم آنذاك وملكهم الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، بتأليف المبادرة السعودية الأصلية للسلام مع إسرائيل في عام 2002، ليسوا على وشك التنازل عن تفوقهم في القضية الفلسطينية لصالح الإمارات، التي نسقت توقيعها على اتفاق التطبيع "اتفاقيات أبراهام" كمقايضة مقابل موافقة إسرائيل على وقف المزيد من الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كما يقول الكاتب.
لكن هناك مشكلة، يبدو أن الرياض تتعامل معها كأمر واقع، بحسب الكاتب، وهي أن نتنياهو و ليس لديه الحرية اللازمة لتلبية الحد الأدنى من متطلبات الحركة الواضحة تجاه الفلسطينيين، رغم إصراره على أن سياسات الحكومة إزاء الفلسطينيين يقودها هو بنفسه.
فشركاء نتنياهو اليمينيين، مثل بتسلئيل سموتريش، وزير المالية الذي يشغل حزبه الصهيوني الديني سبعة مقاعد في أغلبية نتنياهو الضيقة في الكنيست يرض منح أية تنازلات للفلسطينيين في الضفة الغربية، ولا يزال يعرقل تنفيذ التزامات إسرائيلية متعددة لتخفيف القيود الاقتصادية على السلطة الفلسطينية.
أيضا استخدم سموتريتش صلاحياته السابقة كوزير في وزارة الدفاع الإسرائيلية لبدء طفرة استيطانية ومنع أي إمكانية للتوصل إلى تسوية ملموسة مع الفلسطينيين.
رفض مطالب السعودية للفلسطينيين
ويرفض سموتريتش وإيتمار بن غفير وغيرهما من المتشددين الإسرائيليين مطالب السعودية مقابل التطبيع، والتي تضمن ترتيبا مؤقتا لعناصر، مثل وقف وقف بناء المستوطنات، ونقل مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة (المنطقة ج) إلى الولاية الفلسطينية (المنطقة أ)، والاعتراف بالحق الفلسطيني في إنشاء عاصمة في القدس الشرقية وإعادة فتح قنصلية أمريكية منفصلة للفلسطينيين في تلك المدينة.
ومن وجهة نظر سموتريتش، فإن التنازلات الإسرائيلية يجب أن تقتصر على المجال الاقتصادي حصرياً، دون التنازل عن شبر واحد من الأرض.
ويختم الكاتب بالإشارة لما قاله ولي العهد السعودي خلال مقابلته الأخيرة مع "فوكس نيوز"، حول اقتراب الطرفين (الرياض وتل أبيب) كل يوم من تطبيع العلاقات، قائلا إن المسار الإيجابي للعلاقات السعودية الإسرائيلية أمر لا مفر منه، ولكن من المرجح أن يظل التوصل إلى اتفاق فعلي بعيد المنال في المستقبل المنظور - وربما لا يحدث حتى في عهد نتنياهو.