رأي اليوم-
لماذا طلب جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخرا الإصرار بعد الآن على اشتراط قيام دولة فلسطينية مستقلة وشرعنتها بالأمم المتحدة قبل الإعلان عن تطبيع رسمي للعلاقات بين المملكة وإسرائيل؟
هذا السؤال يبدو محيرا لأنه يتمأسس على معلومة طازجة حصلت عليها “رأي اليوم” من مصدر خاص في مفاصل القرار بالحزب الديمقراطي الأمريكي.
وهي المعلومة التي ترجح ليس فقط تعزيز قناعة السعودية بالصعوبات التي تواجه بعد معركة طوفان الاقصى على صعيد إعلان أي خطوات تطبيعية رسمية مع اسرائيل بل تدفع باتجاه قرار أمريكي عميق فيما يبدو يدلل على أن الادارة الامريكية الحالية باتت تعرف مسبقا أن ملف التصعيد العدواني لليمين الإسرائيلي هو الذي أفشل خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي كانت تعتبر إعلان انضمام السعودية للمسار الابراهيمي التطبيعي بمثابة الانجاز الأفضل لبايدن وحملته قبل انتخبات الرئاسة في نوفمبر المقبل.
الأهم معلوماتيا هو أن الادارة الأمريكية اهتمّت بصورة مرصودة وملحوظة بأن تسحب الرجل السعودية أكثر للاهتمام بالملف الفلسطيني.
وتم التعبير عن ذلك بثلاث مساحات مؤخرا عمل عليها سوليفان وطاقمه لا بل دعمها ايضا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عندما ضم السعودية الى قائمة الدول الخمسة علنا التي ستناقش مستقبل قطاع غزة.
المال السعودي هدف بكل حال لكن جهد أمريكي خاص بُذل وراء الكواليس ليضمن مشاركة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في لقاء بروكسل التشاوري ما بين الاتحاد الاوروبي وثلاثة دول عربية أخرى.
في الطريق جهد أمريكي بالتوازي دفع بالسعودية بالعمل أكثر مع الأردن وقطر ومصر في المرحلة الحالية بعنوان تنشيط وتجديد السلطة ومع تركيا أيضا.
وقد تطلّب ذلك على الأرجح تنشيط بعض زوايا منظومة الاتصال بين عمان والرياض وظهور ملامح غير مسبوقة على صعيد الملف الفسطيني تحديدا في التنسيق بين وزيري خارجتي المملكتين بن فرحان وأيمن الصفدي.
وهنا لاحظ الجميع أن الجانب السعودي أراد إرسال رسالة ضمنية توحي بذلك وقد تحدّث عنها وسط نخبة من سياسيي وإعلاميي عمان قبل أربعة أيام الدكتور عبد العزيز بن صقر والموصوف بأنه أحد الباحثين المرموقين والمقربين من دوائر ولي العهد السعودي.
وفي عمان قال بن صقر ضمنا إن بلاده ليست مستعجلة على التطبيع وإن شروط موضوعية ينبغي تحقيقها قبل تطبيع العلاقات بين السعودية واسرائيل وأهمها تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بشرعنة وقيام دولة فلسطينية مستقلة.
بالتوازي تستضيف السعودية فجأة لقاء أمنيا رفيع المستوى يناقش مع اربعة دول اخرى مستقبل قطاع غزة والوجود الأمني الرفيع في ذلك الاجتماع حظي بغطاء من مستشارية الأمن القومي الأمريكي وناقش تفاصيل مرتبطة بجزئية مستقبل غزة بدون فصائل المقاومة ومستقبل الصراع الاسرائيلي الفلسطينية برمته بدون الحكومة الحالية لبنيامين نتنياهو.
السعودية باختصار وفي الخلاصة طُلب منها أن تكون في أكثر من موقع مؤثر في الملف الفلسطيني وتأتي بهدوء إلى الاجتماعات والتفاصيل، ذلك بحد ذاته أصبح استراتيجية أمريكية علنية إلى حد ما وفكرة ان تشترط السعودية دولة فلسطينية علنا للتطبيع يتبين الآن بأنها نصيحة مباشرة من المستوى الأمني في واشنطن وهي بكل حال نصيحة تنسجم مع رؤية الأمير بن سلمان لمصلحة بلاده.