هيئة التحرير - واشنطن بوست- ترجمة أسامة محمد -
مرة أخرى، تشير الأخبار القادمة من المملكة العربية السعودية إلى غلبة التفكير القديم وليس إلى المجتمع الحديث الذي وعد به ولي العهد الجديد «محمد بن سلمان»، وعلى الرغم من الخطاب النبيل الذي تبناه ولي العهد حول «رؤية 2030»، فإنه يشبه على نحو متزايد الجيل السابق من القادة، ويتبع ذات الطرق الاستبدادية.
لقد كانت السعودية، ويبدو أنها مصممة على البقاء، كزنزانة لأولئك الذين يريدون ممارسة حرية التعبير.
وتعد أحدث الأدلة على ذلك الحملة واسعة النطاق على رجال الدين والناشطين والصحفيين والكتاب الذين سجنوا دون أي تفسير علني.
وقال بيان صادر عن الجهاز الأمني الجديد للحكومة في 12سبتمبر/أيلول الماضي، إن «الاعتقالات جاءت بسبب عملهم لصالح جهات أجنبية تحاول الإساءة إلى أمن المملكة من أجل إثارة الفتنة والإضرار بالوحدة الوطنية».
وتخفي هذه اللغة الغامضة حقيقة أن العديد من المعتقلين كانوا صريحين نسبيا عبر الإنترنت، وليسوا عملاء سريين يتآمرون ضد المملكة.
العدد الدقيق للاعتقالات غير معروف، لكن بعض التقارير تقول إنهم بالعشرات، وطبقا لـ«رويترز»، فقد تضمنت الاعتقالات ثلاثة من رجال الدين من خارج المؤسسة الدينية الرسمية، ولكنهم يُتابعون على الإنترنت بشكل كبير: «سلمان العودة»، و«عوض القرني»، و«علي العمري».
وكان الثلاثة قد انتقدوا الحكومة في السابق لكنهم التزموا الصمت في الآونة الأخيرة ولم يقوموا بدعم السياسات السعودية علنا، بما في ذلك الحصار المفروض على قطر.
وتقول «هيومن رايتس ووتش» إن السلطات السعودية سجنت «العودة» في الفترة من عام 1994 إلى عام 1999، وفي عام 2011 دعا «العودة» إلى مزيد من الديمقراطية والتسامح الاجتماعي، وتم حظر «القرني»، الذي يحظى بأكثر من مليوني متابع على «تويتر»، عن التغريد من قبل محكمة أدانته بتهديد النظام العام في مارس/آذار الماضي.
وقد تعكس الحملة الأخيرة عصبية وحساسية السعودية تجاه أي استياء داخلي من حصار المملكة على قطر، وتقول بعض التقارير إن هؤلاء المقبوض عليهم قد فشلوا ببساطة في التحدث بصوت عال بما فيه الكفاية دعما للسياسات السعودية الرسمية.
إن قادة المملكة العربية السعودية ومؤسستها الدينية المحافظة مازالوا يعيشون في القرن الماضي، وإلا فكيف تفسر العقاب الشديد للمدون «رائف بدوي» الذي سجن منذ عام 2012 بعد دعوته عبر الإنترنت من أجل مجتمع أكثر ليبرالية وعلمانية، حيث حكم عليه بالسجن 10 سنوات إضافة إلى 1000 جلدة، وذلك لمجرد التحدث؟!
وكيف ستفسر الدعوة الأخيرة من قبل السلطات السعودية لمواطنيها لاستخدام تطبيق الهاتف للإبلاغ على أي شخص يمكن اعتباره تخريبيا؟
هذه الطريقة التي تستخدم اليوم في «تويتر» هي طريقة «ستالين».
من السهل أن تصدر مخططات للإصلاح، كما فعل ولي العهد، ولكن بناء مجتمع حديث وصحي هو أصعب بكثير، ويتطلب، من بين أمور أخرى، إجراءات لضمان الحقوق الأساسية، بما في ذلك ضمان حقوق الأشخاص الذين لا تتفق معهم.