جلوبال ريسيرش- ترجمة الموقع-
اعتقلت السعودية من 16 إلى 30 شخصا من فئات مختلفة في حملة ضخمة ضد الأصوات المعارضة عبر المملكة.
ووفقا للتقارير، تختلف الحملة هذه المرة عن الكثير من المرات الأخرى التي حدث فيها حملات مشابهة، لأن الحادث الأخير يتضمن مجموعة واسعة من الأفراد أصحاب التوجهات المتباينة، فقد تم إلقاء القبض على رجال دين وصحفيين وحتى أمير من الأسرة المالكة.
ويأتي ذلك وسط موجة من التكهنات حول أن الملك «سلمان» تنازل عمليا عن العرش لصالح ابنه ولي العهد الشاب «محمد بن سلمان».
ويقول النقاد إن هذا يجري من أجل التمهيد لتولي «بن سلمان» الحكم؛ حيث يتم تعزيز مفاتيح السلطة في يده بشكل استباقي في محاولة لدرء أي اضطرابات قد تنجم عن صعوده الوشيك المحتمل للعرش، في حين تقول الحكومة إنها تعمل على تفكيك خلية تجسس أجنبية مرتبطة بجماعة «الإخوان المسلمين» و«الحوثيين».
وظهرت تأكيدات في الرياض تشير إلى دور لقطر وإيران وراء هذه المؤامرة المزعومة لتغيير النظام، لكن من المستبعد جدا أن تكون إحداهما متورطة، وقد تكون الرياض استدعت ذكرهما من أجل تحويل الانتباه عن السبب الحقيقي.
وإليك السبب، تعد إيران وقطر قريبتين من روسيا والصين الآن، أقرب من أي وقت مضى، في حين تتمتع الدولتان الأخيرتان، بالفعل الآن، بعلاقات متصاعدة مع السعودية. وفي حين يمكن للمرء أن يتوقع أن يثير هذا غيرة طهران والدوحة، فإن العكس صحيح.
وتم تصميم شراكات استراتيجية رفيعة المستوى مع الرياض من جهة موسكو وبكين لتحقيق التوازن في الشرق الأوسط بفطام المملكة عن اعتمادها الكلي على واشنطن، مع دمجها ببطء ولكن بثبات في النظام العالمي الناشئ متعدد الأقطاب، والذي لن يكون مثاليا أو بدون احتكاكات، لكنه يبقى خطوة في الاتجاه الصحيح.
ولكي نقدر ما يحدث، لا بد من التذكير ببعض الأشياء التي حدثت في العام الماضي فيما يتعلق بعلاقات المملكة مع روسيا والصين.
وفيما يتعلق بموسكو، وافقت الرياض على صفقة تاريخية مع روسيا لخفض إنتاج «أوبك» العام الماضي، وجددت الاتفاق قبل بضعة أشهر من انتهاء صلاحيته. كما يتعاون السعوديون مع الروس في تشجيع ما يسمى بـ«المعارضة» السورية على الاندماج في كيان موحد لتسهيل محادثات السلام مع دمشق.
وكان وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» وصل إلى المملكة، الأسبوع الماضي، بينما يبدأ الملك «سلمان» زيارة إلى موسكو الخميس المقبل.
وبالنسبة للصين، وقعت بكين صفقات بقيمة إجمالية 110 مليارات دولار مع المملكة في الأشهر الستة الماضية وحدها، في محاولة لمساعدة برنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح الخاص بولي العهد؛ رؤية 2030.
وتنطوي تلك المبادرة على خطر زعزعة الوضع الداخلي للبلاد، عن غير قصد، بسبب المعارضة التي تتعرض لها الرؤية من قبل بعض رجال الدين الراديكاليين السعوديين الذين يعارضون العواقب الاجتماعية لتلك الإصلاحات.
ومع وضع كل هذا في الاعتبار، فإنه من المجدي أن نعيد النظر في مسألة من لديه مصلحة في زعزعة استقرار المملكة في اللحظة التي تتخلى فيها عن الولايات المتحدة وتتجه نحو روسيا والصين، وتوقيت تلك الجهود التخريبية، التي تتزامن مع التغيير المثير للجدل في القيادة والتحول الاقتصادي الكبير.
ومن خلال جميع المؤشرات، فتلك ليست سمات عملية إيرانية أو قطرية، ولكن يبدو أن الرجل الأمريكي غير راض عن الوضع.