من الصحف الاجنبية-
في طريقه لتولي العرش عزز ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبضته على السلطة عبر حملة لمكافحة الفساد وإيقاف أمراء ووزراء ومستثمرين بينهم الملياردير الشهير الأمير الوليد بن طلال. هذا الملف يستأثر بتعليقات صحف أوروبية عديدة.
اعتقلت السلطات السعودية 11 أميرا وأربعة وزراء وعشرات الوزراء السابقين في وقت متأخر من يوم السبت (4 نوفمبر 2017) بعدما أعلن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عن تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ابنه، ذي 32 عاما، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي حصل على سلطات واسعة على مدى العامين الماضيين. وفي هذا السياق كتبت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" تقول:
"ولي العهد محمد بن سلمان يسرِع الوتيرة التي يريد بها إعادة بناء العربية السعودية. فهو لا يكتفي بالخطوات الصغيرة مثل إلغاء حظر السياقة للنساء. إذ يلجأ إلى العلاج بمفعول الصدمات. وسبق له أن أثار الاهتمام بفرض أن تتبنى العربية السعودية مستقبلا إسلاما معتدلا، والآن أمر باعتقال أمراء نافذين يعترضون مسيرته، وتم إعفاء وزراء يشكك في قدراتهم. وهذا ليس بدون مخاطرة، لأن ولي العهد يوسع دائرة معارضيه. وسبق له أن أثار غضب علماء الدين ضده وجزءا من الجهاز الأمني الذي كان وفيا لوزير الداخلية المقال. محمد بن سلمان، حفيد مؤسس الدولة يراهن على جيل الأحفاد من الأمراء. فهو يريد من فوق وبيد من حديد تحويل العربية السعودية إلى دولة وطنية حديثة. وإلى حد الآن عمل بيت آل سعود دوما على أساس الإجماع. ويبدو أن هذا يسير ببطيء بالنسبة إلى ولي العهد القوي".
من جانبها علقت صحيفة "زوددويتشه تسايتونغ" على الإجراءات الأخيرة في السعودية، وكتبت تقول:
"11 أميرا وأربعة وزراء وعشرات أعضاء الحكومة السابقين اعتُقلوا، بينهم الرجل الأغنى في البلاد ابن أخ الملك. وهذا يشكل حادثة مثيرة بالنسبة إلى العربية السعودية. لقد ولت الأوقات التي كان فيها أعضاء العائلة المالكة لا يمسهم أحد. لا أحد يقف فوق القانون، تلك هي الرسالة التي تلقى الترحيب لدى كثير من السعوديين الذين سئموا الغنى الفاحش للعديد من الأمراء والفساد المستشري. إنها أيضا إشارة إلى المستثمرين الدوليين الذين يحتاجهم ولي العهد في حال نجاح مخططه لإعادة بناء الاقتصاد. إلا أن العملية المفتعلة تثير منتقدين يتهمونه بأنه متعطش للسلطة ومثير للشكوك. فهل وراء تحرك ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما فقط دوافع جوفاء؟ فهو الآن يتحكم في الاقتصاد والجهاز الأمني في مملكة حُكمت إلى حد الآن في إطار إجماع بين العائلة المالكة المتفرعة. فهو الحاكم المطلق في ملكية مطلقة. ولا أحد سيُفاجأ لو انسحب والده البالغ من العمر 81 عاما لصالحه".
صحيفة "تايمز" الصادرة في لندن دعت الغرب في تعليقها إلى دعم محمد بن سلمان، وكتبت تقول:
"واضح من الآن أن عملية التطهير الموجهة ضد الفساد ستشكل فصلا هاما يُكتب في السيرة الذاتية لولي العهد محمد بن سلمان. وتمثل عملية اعتقال 11 أميرا ووزراء حاليين وسابقين خطوة هامة في مكافحة الفساد الممنهج الذي أفرزه غنى النفط والذي يجب على العربية السعودية أن تتخلص منه إذا أرادت ـ كما يأمل ولي العهد ـ تجاوز اعتمادها على النفط. وهو يريد أن تصل الأنشطة الاقتصادية خارج قطاع النفط حتى 2030 إلى ستة أضعافها. ووعده المثير للاهتمام خلال مؤتمر مستثمرين في الرياض تمثل في أنه يريد تجاوز التطرف الإسلامي وجعل بلاده حصنا "للإسلام المعتدل"...فهذا يستحق دعم الحلفاء الغربيين للعربية السعودية رغم أن علماءها ينتقدون الإصلاحات الاجتماعية والدينية لولي العهد".
واعتبرت صحيفة "دي فيلت" الصادرة في برلين أن عملية الاعتقالات التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان لا تأتي إلا لتعزيز قبضته على السلطة وتنحية المعارضين، وكتبت تقول:
"ما يريده ولي العهد الشاب غير الصبور والمتأثر بالغرب ووالده ليس بالتأكيد إحداث انقلاب في وسط قوس الأزمات العربي. كما لا يتطلعان إلى إحلال ديمقراطية عربية، بل إلى إنقاذ المملكة ونخبها الحاكمة وقيمها التطهيرية من خلال تحديث متحكم فيه ومراقب...ولكن هل يمكن التحكم في ذلك؟ كل ثورة من فوق(من القمة) على غرار ما حصل في السعودية أيضا لها سحرها الفاتن في البداية. لكنه هل سيستمر؟
لقد حصل في السابق هذا العام إعفاء أمراء نافذين من فروع العائلة المنافسين على رأس أكثر الأجهزة تتوفر على أسلحة حديثة. لكن ذلك كان يظهر كتسلسل حالات متفرقة لتعديل توازن قوى السلطة من جديد. وأن تحصل النساء مؤخرا في المملكة على رخصة السياقة ـ بدون رفقة الرجال ـ فهذا يبدو غير ذي قيمة، لكنه يشبه باعتبار وضع سن القصور ثورة ثقافية".
أما صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية فقد رأت في حملة الاعتقالات الأخيرة في السعودية استعراضا للقوة من جانب ولي العهد محمد بن سلمان، وكتبت تقول:
"إرادة التجديد المروج لها بلا هوادة من قبل ولي العهد التي لا تقف حتى في وجه رجل ثري كبير مثل الوليد بن طلال ستدفع المتعنتين المتبقين في البلاط الذين ينتفعون من الثروة إلى التفكير. وهذه تعكس استعراضا واضحا للقوة من جانب ولي العهد لا يستهدف فقط العربية السعودية، بل كافة العالم".