دويتشه فيلله-
أجرى الأمير السعودي المعارض «خالد بن فرحان آل سعود»، لقاء صحفيا مع قناة «دويتشه فيله» الألمانية، كشف فيه عن بداية العداوة بين أسرته والعائلة الحاكمة في المملكة؛ وصولا إلى هروبه إلى ألمانيا؛ حيث حصل على حق اللجوء السياسي.
ويُعتبر جد الأمير «خالد»، الأمير الراحل «عبدالعزيز بن سعود بن ناصر آل سعود»، أحد مؤسسي المملكة في عام 1932، أما والده الأمير «فرحان»، فكان ضابطاً في الجيش السعودي.
وفي مقابلته مع الإعلامية «سماح الطويل» على قناة «دويتشه فيله» الألمانية، تحدث الأمير «خالد» عن مُعاناة والده الأمير «فرحان» بعد مطالبته للعائلة الحاكمة بـ«قدر أكبر من الحرية في السعودية»، وهي الواقعة التي جلبت عليه سيل من المضايقات، وانتهت بتقديمه الاستقالة من الجيش.
ويقول: «غادر والدي السعودية إلى لبنان ومصر، وتزوج فيها سيدة مصرية أنجبتني وأختي ابتسام، وبينما كان في يوم من الأيام يغادر الرياض لقضاء إجازة في لندن، تم إعلامه في المطار بأنّه ممنوع من السفر، فاستشاط غضبا وأبدى صدمته للموظفين في المطار، ثم عدنا إلى المنزل»، مضيفا: «في تلك الليلة جاءت سيارات سوداء ضخمة وأخذته، قبل أن يختفي لـ6 أشهر عرفنا بعدها أنه كان في السجن».
وأشار الأمير إلى أن والده تم سجنه، آنذاك، بحجة التطاول على الملك «خالد بن عبدالعزيز»، الذي تولى ملك السعودية بين عامي 1975 و1982.
وأثناء سجنه، أُجبر على تطليق زوجته المصرية، التي أُمرت بمغادرة السعودية برفقة ولديها، بأمر من «سلمان بن عبدالعزيز»، الملك السعودي حاليا، والذي كان أمير الرياض في ذلك الوقت، والمسؤول عن أسرة «آل سعود».
ويذكر «خالد» كيف عاد طفلا هو ووالدته وشقيقته، إلى السعودية، إثر عفو من الملك «فهد بن عبدالعزيز»، الذي حكم السعودية بين عامي 1982 و1997، إلى «مرحلة المهلكة» كما يصفها؛ حيث عانت عائلته من قيود على تحركاتها والعزلة عن الأسرة الكبيرة والجيران، وحتى الذهاب إلى السوبرماركت، بأمر من الأمير «سلمان» آنذاك، على حد قوله.
وتابع الأمير «خالد» موضحا أنه لم يقابل والده الأمير «فرحان»، إلا في مناسبات معدودة، خلال العزلة على تحركات أسرته، وكان الوالد ممنوعا من القدوم من منزل إقامته الجبرية إلى منزل أسرته سوى مرة في الشهر.
ووفقا للمقابلة، نجح الأمير «خالد» بالشهادة الثانوية، وكان من العشرة الأوائل على مستوى المملكة، ودرس الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، بينما درست شقيقته «ابتسام» في كلية الطب، وتقدّم إلى وظيفة في السفارة السعودية بمصر.
وفي هذا الإطار، يقول «خالد»، في المقابلة ردا على سؤال مستغرب لخطوته من الإعلامية: «هذه بلدي، ورغم كل شيء ما علاقة الدولة بالقيود التي تعرضت لها»، مشيرا إلى أن هدفه كان «أن أصير خالد... وليس الأمير خالد.. أن أصير نفسي.. أصل لمراحل بعيدة في تعليمي.. أن أفيد وطني وأفيد نفسي... لا أنكر في موقع جيد بناء على تعليمي».
وأشار إلى أن السفارة السعودية في القاهرة لم تقبل منح «خالد» صفة دبلوماسي، وتعاقدت معه عقدا حرا كأجنبي، نتيجة وجود اسمه على قائمة سوداء.
ولدى مراجعته وزارة الخارجية السعودية، طُلب منه التقدّم بطلب إلى الأمير «سلمان»، والذي كان أميرا للعاصمة الرياض، آنذاك، والمسؤول عن شؤون الأسرة الحاكمة، ليمنحه تزكية برقم وهمي، ما عرّض «خالد» لموقف محرج أمام موظفي الوزارة الذين كانوا يضحكون أمام عينيه، على حد تعبيره.
وأوضح الأمير «خالد» أنه عاني على مدى سنوات، من تضييق حتى بصفته أميرا؛ حيث رُفض منحه امتيازات الأمراء عند تقدمه لطلب علاج في الخارج، بعد تعرضه لحادث سير في مصر، على الرغم من مقابلته الأمير «سلمان» حينها، 3 مرات، وهو على كرسي متحرك.
وتابع قائلا: «بفضل أحد معارفي، حصلت على إذن من وزارة الصحة بتلقّي العلاج في ألمانيا، وسافرت إليها عام 2003، وهناك علمت أن شقيقتي وخلال تقديمها طلبا لتجديد جواز السفر في الكويت، حيث تزوجت، أُمرت بمراجعة الوزارة السعودية، لتصبح بعدها ممنوعة من السفر».
وتعاني «ابتسام»، شقيقة «خالد»، من حظر السفر حتى الآن، بدون أي أمر قضائي، وفقا للأمير، الذي قال إن زوجها تم استدعاؤه إلى السعودية؛ حيث قام تحت الضغط بتطليقها.
وكشف أنه في عام 2007، علم «خالد» أن الأمير «سلمان» وقع على قرار منعه من السفر، ليتوجه مباشرة إلى المطار عائدا إلى ألمانيا، وكتب بعدها خطابا إلى الملك «عبدالله بن العزيز»، ملك السعودية بين عامي 2005 و2015، شارحا له ما لقيه وعائلته بسبب الأمير «سلمان»، عبر عدة أجيال.
وبعد هذا الكتاب، يقول «خالد» إنه تلقى اتصالا من رئيس الديوان الملكي «خالد بن عيسى»، الذي أعلمه بموعد مع الملك وضرورة عودته للسعودية، قام على أثره مباشرة بتقديم طلب لجوء سياسي في ألمانيا، قائلا: «لو نزلت إلى السعودية لم أكن لأتكلم معك الآن».
بخلاف ذلك، يؤكد الأمير «خالد» أن المشكلة مع النظام السعودي لم تعد شخصية، بل هي مسألة حقوق عامة.
ويقول: «هم بقوتهم وفلوسهم وبنفوذهم وبسفاراتهم ومخابراتهم وبكل شيء، حاربوني حربا كبيرة وغير متكافئة.. ومع ذلك حصلت على اللجوء السياسي الحمد لله، بفضل رب العالمين حصلت على الجنسية الألمانية. وأنا الآن معزز مكرّم في ألمانيا».
ويتابع: «من خلال مواجهتي معهم اكتشفت مدى الاستبداد والظلم في السعودية، إذا أنا من الأسرة وانظلمت كل هذا الظلم فما بالك بالمواطنين؟».
وردا على سؤاله حول ما إذا كان يطمح للحصول على فرصة جديدة، رفض «خالد» تقديم اعتذار علني مقابل رفع القيود عنه.
وعن خوفه من الحديث عن تجربته، يختتم الأمير السابق بالقول: «الآن لا أخشى إلا رب العالمين. لماذا أعتذر عن حقي؟ أموت وأنا على رأيي أحسن من العودة إلى السعودية، على الأقل هي موتة واحدة، فلتكن في سبيل تعبيري عن نفسي بحرية».
وختاما، أكد «خالد»، كما يطلب مناداته، تنازله عن لقب الأمير، قائلا: «أنا موجود في ألمانيا. تركت لهم الإمارة وسمو الأمير. أنا مواطن عادي، أعتز بأنني مواطن سعودي، لكني لا أعتز بأن أكون في ظل هذا الحكم».
;