ترجمة منال حميد-
علق الكاتب الأمريكي توماس فريدمان على الأحداث الجارية في السعودية بالقول: أنا قلق، مؤكداً في مقال نشره بصحيفة نيويورك تايمز أنه حتى تقوم بعملية مكافحة وإصلاح الفساد لا بد أن تكون أنت نظيفاً، مبيناً أن ما يقوم به محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، من إجراءات بحق من يتهمهم بأنهم فاسدون لا علاقة له بمكافحة الفساد.
ولفهم طبيعة الاضطرابات الجارية في السعودية، قال فريدمان: "يجب أن نعرف بعض الحقائق السياسية عن هذه البلاد، فطيلة عقود أربعة كانت الأصولية تسيطر على البلاد، بالإضافة إلى الليبرالية والرأسمالية، وكذلك داعش".
وأضاف: "هناك 70% من السعوديين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، ونحو 25% منهم عاطلون عن العمل، كما أن هناك 200 ألف مبتعث لا يعود منهم سوى 35 ألفاً فقط".
هذه الخلفية يمكن أن تعطينا فكرة عن السعودية، ولماذا حصلت كل هذه الأحداث المتهورة والجريئة من قبل ولي العهد محمد بن سلمان.
يقول فريدمان: "لقد قابلت محمد بن سلمان مرتين، وهو شاب في عجلة من أمره، وجدت فيه شغفاً لإصلاح المملكة، وأعتقد أن النظام السعودي كان بحاجة إلى شخص يكسر تقاليد المملكة القديمة".
ولكن ما أعرفه أيضاً أنه لا يمكن أن يكون دافعه للإصلاح هو الوحيد وراء اعتقال العشرات من الأمراء والأثرياء والوزراء بتهمة الفساد، وهم الذين وصفهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأنهم كانوا يحلبون السعودية لسنوات.
ومن أجل أن يصدقك الناس ويصدقوا إصلاحاتك فإنه لا بد أن تكون أنت أيضاً نظيف اليد، ويجب على الناس أن يؤمنوا بأنك نظيف، وأنك تفعل ذلك لمكافحة الفساد لا من أجل أجندات خفية، وفقاً للكاتب.
إن ما يقوم به محمد بن سلمان هو إعادة تشكيل الدولة السعودية التي كانت قائمة على ائتلاف واسع من العائلة المالكة، والتي كانت سابقاً تتخذ قراراتها بالتوافق، وهو يريدها الآن دولة الرجل الواحد، وكان ذلك ظاهراً من الاعتقالات التي شنها السبت الماضي، والتي شملت أيضاً الحرس القديم من العائلة المالكة والمنافسين له.
ولي العهد يستبدل السعودية الوهابية بالدولة العلمانية التي لها مشاكل مع إيران، وهذا أمر ممكن أن يأخذ المملكة إلى أماكن خطيرة، خاصةً بعد أن صعّدت من حربها الكلامية مع إيران، وإجبارها رئيس الحكومة اللبناني السني سعد الحريري على الاستقالة، واتهام إيران بتزويد الحوثيين في اليمن بصواريخ بعيدة المدى سقط أحدها على الرياض السبت الماضي.
كما أن السعودية ما زالت تحاصر قطر بسبب مزاعم عن علاقتها الجيدة مع إيران، وأيضاً فإن حرب اليمن التي مضى عليها أكثر من عامين لم تحقق شيئاً بالنسبة للسعودية.
ويقول فريدمان إنه سأل صحفياً سعودياً مخضرماً عما يجري في بلاده فقال: "هذا الرجل، ويقصد بن سلمان، أنقذ السعودية من الموت البطيء، لكنه يحتاج إلى توسيع قاعدته، إنه أمر جيد أن تكون البلاد خالية من نفوذ رجال الدين".
فريدمان ختم مقاله بالقول: "هناك من يحث محمد بن سلمان ليكون أكثر عدوانيةً لمواجهة إيران، كالإمارات، والرئيس دونالد ترامب، وصهره جاريد كوشنر، وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، هؤلاء قد يدفعون السعودية والمنطقة كلها لتخرج الأمور فيها عن نطاق السيطرة. كما قلت؛ أنا قلق".