ديفيد أوالالو - هاف بوست-
وكأن المملكة العربية السعودية لم يكن لديها بالفعل مخاوف كافية في الشرق الأوسط سريع التغير، لتضرب أزمة أخرى المملكة الصحراوية من الداخل، في الآونة الأخيرة. وكانت الملك «سلمان» قد أمر باعتقال 11 أميرا، فضلا عن عشرات الوزراء السابقين والحاليين. وكان ابنه المتهور، ولي العهد «محمد بن سلمان»، هو القائم على هذه الحملة. فهل تكون هذه بداية نهاية المملكة؟
وفي حين تبدو صحة العاهل السعودي، البالغ من العمر 82 عاما، في حالة سيئة، تظهر أسئلة حول ما إذا كان الملك «سلمان» قد يتخلى عن العرش لابنه قبل وفاته. وما اتفق عليه معظم المحللين هو أن ولي العهد، البالغ من العمر 32 عاما، قد ارتكب خطأ فادحا باعتقاله رئيس الحرس الوطني السعودي، من بين باقي الأمراء. وبالنسبة لي، يبدو أن حملة «بن سلمان» الجريئة والصاخبة، وحتى حملة مكافحة الفساد، لا تهدف إلى القضاء على الفساد حقا. بل تهدف إلى استهداف منافسيه، حتى تتاح له السلطة المطلقة. وأرى أن الحديث عن فتح المملكة على مزيد من الشفافية والحرية مجرد هراء.
وإزاء هذه الخلفية، أتساءل ما هي الخطوة التالية لهؤلاء الأمراء الملكيين المهمشين والمحتجزين. وبشكل غير مسبوق، تسببت حملة الاعتقالات والاحتجاز بالفعل في عاصفة سياسية كبيرة، مما يزيد بشكل كبير من خطر عدم الاستقرار، ليس فقط داخل المملكة، ولكن أيضا في جميع أنحاء الشرق الأوسط الذي مزقته الصراعات الكبرى.
ويأتي هذا التحول في الأحداث في أعقاب مجموعة من الأخبار المروعة. وقد ذكرت صحيفة الغارديان، في لندن، ادعاءات من أمير سعودي «مجهول» بأن رسالتين تم تعميمهما بين كبار أعضاء العائلة المالكة تشجعانهم على القيام بانقلاب ضد الملك «سلمان». والأساس المنطقي وراء هذه الدعوة هو أن الملك وابنه، البالغ من العمر 32 عاما، ينفذان سياسات خطيرة تقود المملكة إلى الخراب السياسي والاقتصادي والعسكري. ويثير الإفصاح عن هذه الدعوة شواغل خطيرة. فهل يمكن لـ «بن سلمان» أن يخوض تجربة مماثلة لما حدث للملك «فيصل» عام 1975؟ ربما!
ومما لاشك فيه، فقد جمع «بن سلمان» المزيد من السلطة في العامين الماضيين أكثر من أي عضو في العائلة المالكة السعودية. وعلى ما يبدو، يسير «بن سلمان» في رحلة السلطة إلى حد تجاهل وتغيير البروتوكول التقليدي في النظام السعودي، في مقابل الخلافة الملكية. وتجدر الإشارة إلى أن «بن سلمان» لم يحتل مكانة ذات دلالة في الحكومة السعودية من قبل، ولا يملك خبرة في القيادة. ومن السخرية أن يصبح «بن سلمان»، بموجب مرسوم ملكي، مسؤول عن المصدر الرئيسي للثروة في المملكة، أرامكو السعودية.
ولن نكون مخطئين إذا قلنا إنه عندما ينفجر الاقتتال الملكي الداخلي ويكشف عن نفسه علنا للعالم الخارجي، فإنها ستكون بداية النهاية للمملكة العربية السعودية كما نعرفها. وسيترتب على ذلك عواقب بعيدة المدى، ليس فقط اقتصاديا وسياسيا، بل أيضا دينيا وجيوسياسيا.
ويحاول «بن سلمان» تحطيم تقليد الحكم بتوافق الآراء، الذي قامت عليه المملكة منذ إنشائها عام 1932. ويعتقد أنه يمكنه تغيير ذلك من خلال عدد قليل من الاعتقالات والتخويف. وللأسف، يستنسخ ذلك نموذجا من القادة العرب/ المسلمين، الذين يعتقدون أنهم منحوا الحق الإلهي للحكم بقبضة من حديد وإلى الأبد. ثم يتساءل المرء بعد ذلك لماذا يتخلف العالم العربي/ الإسلامي العربي عن الركب.
وفي الوقت الذي تم فيه اعتقال العشرات من رجال الأعمال والأمراء، خرج اثنان من الرجال من الصورة من حيث قدرتهما على تهديد صعود «بن سلمان» إلى العرش، الأمير «منصور بن مقرن»، الذي توفي في حادث تحطم طائرة مروحية بالقرب من اليمن الأسبوع الماضي، والأمير «متعب بن عبد الله»، الذي تمت الإطاحة به كرئيس للحرس الوطني السعودي.
ويعتبر الحرس الوطني قوة قوية داخل المملكة، بل هو واحد من العديد من المؤسسات المحتملة للغضب على «بن سلمان». وبلا شك، يتسبب تغيير «بن سلمان» المفاجئ لعقود من الحكم بالإجماع والتشاور، لصالح الطغيان والاستبدادية، في خلق أعداء له بالمئات، إن لم يكن الآلاف، من الأمراء ورجال الأعمال الأثرياء وأصحاب التأثير. ومن غير المرجح أن ينتظر هؤلاء الأمراء ورجال الأعمال دعوتهم إلى فندق ريتز كارلتون (الذي يستخدم الآن كمركز احتجاز للأمراء).
ومن هنا، وكما ذكرت في كتاباتي السابقة، ستواجه المملكة عدم استقرار سياسي كبير، مع توقعات اقتصادية قاتمة، نظرا لانخفاض أسعار النفط، وعزلة إقليمية وعالمية بسبب فظائعها المستمرة في اليمن، والآن، قضايا الخلافة الملكية. يبدو الأمر لي وكأن السعودية تمضي نحو زوالها.