DW- عربية-
انتقد وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل دور العربية السعودية في الأزمة اللبنانية بالإضافة إلى فاعلين آخرين في المنطقة. وكان واضحا لغة الانتقاد القوية في كلام الوزير. غالبية الصحف الألمانية انتقدت بقوة دور الرياض.
ركزت الصحف الألمانية على الأزمة اللبنانية ودور محمد بن سلمان في أزمات اليمن وقطر ولبنان، بالإضافة لذلك تم التركيز على مأساة اليمن ومعاناة المدنيين، والأسلحة الألمانية التي تصدر هناك. سياسة ماكرون إزاء الحريري جذبت أيضا اهتمام الصحافة الألمانية.
صحيفة "تاغس تسايتونغ" الصادرة في برلين ترى خطر أن "يفجر" ولي العهد السعودي بسياسته الخارجية المنطقة، وكتبت تقول:
"محمد بن سلمان يتواجد في وضع مريح ما يشكل فرصة للأحداث أن تتحسن في السعودية بدءً من الاقتصاد وحتى التعليم. فهو يملك الفرصة، كما يبدو وأيضا السلطة للتأثير على بلده كما فعل قبلها مؤسس الدولة الملك عبد العزيز بن سعود. وهذا يعني أنه في حال لم تتفجر الأوضاع في المنطقة، فإن محمد بن سلمان يتطلع ليكون بطلا حربيا كبيرا ويميل في ذلك إلى الإفراط غير المتناهي في تقييم الذات والاعتداد بنفسه. فهو الذي فجر كوزير دفاع شاب الحرب في اليمن، وهذا التحرك المسلح ما زال مستمرا منذ أكثر من سنتين، وتسبب في أزمة إنسانية ولم يصب هدفه. الواقع يبين أن الحوثين المتحالفين مع إيران ما يزالون في السلطة في صنعاء المجاورة وأطلقوا حديثا بشكل استفزازي صاروخا باتجاه السعوديين ـ وهذا محرج لمحمد بن سلمان. ولم يكن الوضع أفضل في عزلة البلد الخليجي الصغير قطر التي يتهمها إبن سلمان بربط علاقة ودية مع طهران. وفجأة تم قطع العلاقات وإغلاق الحدود، وحتى الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي كانت مجبرة على فعل الشيء نفسه. وماذا كانت النتيجة؟ لا شيء. قطر لم ترضخ. ونفس التفكير ينطبق أيضا على التدخل الأخير في لبنان المضطرب. فالكثير من المراقبين يعتبرون أن الرياض استدعت رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لإجباره على الاستقالة وإطلاق اتهامات قوية في اتجاه حزب الله الموالي لإيران. والآن ما الذي سيحصل؟ حزب الله يملك أسلحة ولا يمكن التغلب عليه عمليا في لبنان".
أما صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" فقد قامت بتحليل خلفيات الأزمة، وكتبت تقول:
"يدور الأمر في الصميم حول الصراع على السلطة بين السعودية وعدوها اللدود إيران الذي يظهر أيضا في لبنان. وعلى هذا النحو استدعت المملكة السنية خادمها الحريري بهدف لجم حزب الله الشيعي الذي تحركه الجمهورية الإسلامية. لكن سعد الحريري لم يحرز سوى نجاحا ضعيفا. بالنهاية تم تفسير ذلك بأنه استقال بمليء إرادته أو أنه كان يتطلع لفترة إقامة طويلة في العربية السعودية. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المعروف "كصقر" غير صبور يسعى إلى تصعيد الخلاف داخل لبنان، كما يردد بالإجماع دبلوماسيون غربيون. واللبنانيون يخشون أن بلدهم الذي كان طويلا فقط طاولة القمار للصراعات على السلطة في المنطقة أن يتحول مجددا إلى أرض معركة. والحريري ينفي أن تكون فترة إقامته في العربية السعودية ليست عن طيب خاطر. ولم يتمكن من إلغاء هذا الشك أثناء ظهوره العلني. زغمار غابرييل عبر في نبرة حادة عن انتقاده للامبالاة التي يتم فيها إدارة هذا النزاع بين إيران والمملكة السعودية على حساب بلدان أخرى. وقال يجب أن تنطلق من أوروبا الإشارة التي مفادها " أننا لم نعد مستعدين دون أي اعتراض قبول أسلوب المغامرات الذي يحدث في الشهور الأخيرة هناك". ووزير الخارجية السعودي عادل الزبير شدد الخميس مجددا أن بإمكان الحريري أن يذهب إلى أي وجهة أراد. وكرر الطلب الذي من الصعب تلبيته نزع سلاح حزب الله، الأداة بيد إيران. وعلم من دبلوماسيين غربيين الخميس أن ماكرون قد نجح ربما في تحقيق حل وسط ذكي بسفر عائلة الحريري إلى فرنسا، وعلى هذا النحو يمكن للحريري السفر إلى لبنان وإتمام استقالته دون اتهام الرياض بالتحفظ على ذويه كرهائن".
أما صحيفة "زوددويتشه تسايتونغ" فقد سلطت الضوء على دور الرئيس الفرنسي ماكرون، وكتبت تقول:
"في الفيلم السياسي الأكثر إثارة في الوقت الحاضر استطاع ماكرون أن يؤمن لنفسه على الأقل دورا ثانويا: إذ وجه الدعوة لرئيس الوزراء اللبناني المستقيل في ظروف غامضة في الرياض، واستخدمه للقيام بزيارة . الخميس أرسل ماكرون وزير دفاعه كي يصطحب الضيف معه إلى باريس. وهناك تكهنات كثيرة حول ما إذا كان الحريري يقيم بمليء إرادته في العاصمة الرياض أم أنه مسجون في بيت العطلات خاصته. فعوض القيام بدبلوماسية هادئة يكشف ماكرون عن نوع من إطلاق سراح رهينة أمام الرأي العام الذي يركز الانتباه عليه وسيصفق له في حال هبوط طائرة الحريري في باريس، لأنه إلى حد الآن لا أحد يعرف هل تخلى هو عن منصبه طواعية أو تحت ضغط القصر السعودي ـ وما دام الرجل موجودا في الرياض، فلا أحد سيكشف عن ذلك".
بدورها أشارت صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" إلى الوضع الإنساني الكارثي في اليمن وانتقدت في هذا الإطار صادرات الأسلحة الألمانية إلى المملكة السعودية، وكتبت تقول:
"لا يمكن أبداً التحدث عن تحفظ. بل العكس: فوزارة الاقتصاد الألمانية المسؤولة عن تصدير أسلحة ألمانية وعتاد عسكري ألماني اعترفت بأن هذه أسلحة قيمتها حوالي 140 مليون يورو تم تصديرها في الربع الثالث من العام الجاري إلى السعودية. وفي الربع الثالث من عام 2016 وصلت قيمة تلك الصادرات إلى 40 مليون يورو. وزارة الاقتصاد تؤكد الآن بكل جدية أن الحكومة الألمانية تنهج "سياسة صادرات أسلحة متحفظة ومسؤولة". ويتم البث في كل حالة على حدة "على ضوء الوضع بعد تحقيق دقيق مع مراعاة معطيات السياسة الخارجية والأمنية". بالإضافة إلى ذلك:" مراعاة حقوق الإنسان تأخذ ثقلا خاصا في قرارات صادرات الأسلحة". وفي الحقيقة يتوجب مساءلة الساخرين في وزارة الاقتصاد: أليست هذه المعطيات نكتة سيئة؟ أم أنكم تؤمنون بهذا فعلا؟.