فهد الأحمري - الوطن السعودية-
ليتذكر عصاة الوطن أن المكابرة لا تجدي، وأن الولاءات لغير الوطن لا قيمة لها، وأن أموال الأعداء ستندثر، ويستحقرهم الطغاة ويرفضون حتى مصافحتهم، ما يهمنا الآن هو كيف نتجاوز شخوص وأفكار عصاة الوطن والمتمردين عليه ونبحث في أساليب ناجعة ومواضيع موجهة لتعرية نهجهم لانتشال المتأثرين بهم شخصيا وفكريا، لا سيما أن الأزمات الأخيرة التي تواجها مملكتنا بكل حزم واقتدار كشفت عن بعض تلك الوجوه الرمادية، ولابسي الأقنعة الملونة، فقد بدؤوا حديثا يكشفون عن أقنعتهم الحقيقية، وشرعوا يمارسون أفكارهم المؤدلجة، ويحاولون بثها بطرق قد تبدو ذكية لكنها غير ذلك. هم لم يسلكوا طرق المعارضين التقليدية التي لو فعلوها لمجّهم الناس كما حصل لشلة المتبطحين في لندن وغيرها. أعلن بعضهم مرارا أنهم ليسوا معارضين ولا ناقمين على بلدهم وقيادته، بل يريدون الإصلاح ثم يخرجون علينا في تحدٍّ صارخ ليملوا علينا آراءهم المؤدلجة التي كانوا يعلنوها في السابق بطرق مبطنة وملتوية، وكلها آراء تصطدم مع ثوابت الوطن.
ما أود قوله أن هؤلاء المرتدين عن وطنيتهم يمتازون بعبقرية هائلة وخبرات متراكمة من الدهاء والخداع، الأمر الذي قد يُخشى على الأتباع من تأثيرهم، لا سيما أن بعضهم يسلك أسلوب المعارض المحب الناصح ثم ينفث سمومه.
بعضهم يخرجون علينا من الفضائيات «المحظورة» بعبارات خطيرة على المتلقي، حيث لم تعد في محمل التشفير ولا التلميح، بل التصريح على طريقة «هلموا يا قوم» التي ينادي بها المتطرفون أتباعهم للخروج إلى مناطق الصراع. يبثون حقن تحريضية الخروج على الوطن وعن الوطن.
والعجيب والغريب أن أحدهم يطالب بحرية الرأي من خلال منبر قطري يصادر حرية الرأي ويعتقل مواطنيه ويضع العراقيل أمام حقوقهم الدينية كـ-الحج-، علاوة على سحب جناسي مواطنيه! يطالبون بحرية الرأي وهم الذين صفّقوا لـ«عاصفة الحزم الإردوغانية» التي من خلال تلك العاصفة، تم اعتقال الصحفيين وأصحاب الرأي.
هم يؤمنون بالماديات وإمكانية شراء الذمم والدول بالدولار، هذه هي أدبياتهم الإخوانية؟. يطالبون السعودية أن تصبح دولة مثالية، متناسيين أن البلد الذي ينظرون من خلال قنواته هو من يرعى الإرهاب في المنطقة.
تكمن الخطورة في الأتباع -من الداخل- لأولئك الذين يحاولون عرض قناعات مغرضة على مواطنيهم. متابعو أحدهم وحده على تويتر يفوق المليون، وإذا أضفنا أعدادا أخرى من متابعي أولئك العاقين لأوطانهم فإننا أمام أرقام هائلة قد تكون قنابل موقوتة إذا تعصبوا لقدواتهم المتمردة على الوطن دون تحكيم عقل ولا مصلحة وطنية.
ولأن الثقة في هؤلاء الأتباع ما زالت مرجّحة فإننا نخاطب ضمائرهم وعقولهم بأن يعودوا لرشدهم ويسعوا لمصالحهم تحت سماء وطنهم، وأن يكونوا خير من يقف مع بلدهم، خصوصا في هذه المرحلة العصيبة التي تحدق بنا من كل جانب. وليتذكر هؤلاء أن المكابرة لا تجدي، وأن الولاءات لغير الوطن لا قيمة لها، وأن أموال الأعداء ستندثر ويستحقرهم الطغاة ويرفضون حتى مصافحتهم كما فعل نابليون حين رمى بالذهب على الأرض للضابط الخائن النمساوي فقال: «لكنني أريد أن أحظى بمصافحة يد الإمبراطور»، فأجاب «نابليون»: «هذا الذهب لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلاً يخون بلاده».
كلنا ننشد حرية التعبير والرأي، ونتوق إليها ونطالب بها وننقد المؤسسات الحكومية في أدائها وأداء أصحاب المعالي الوزراء والأمراء على حد سواء، لكن ليس بهذه الطريقة التي ينهجها أولئك، والتي تخلو من الوفاء من خلال المشاركة في قنوات ومؤتمرات تستهدف الإساءة للوطن، والعمل على تقويض أمنه واستقراره ولحمته.