الخليج الجديد-
كتيبة «السيف الأجرب»، اسم شغل الرأي العام السعودي، السبت، إثر إعلان أنها من تلقت الأوامر بإلقاء القبض على 11 أميرا خالفوا التعليمات بالتجمهر أمام قصر الحكم بالرياض.
وتعد هذه الكتيبة، إحدى كتائب الحرس الملكي، فهي مكلفة بتنفيذ مهام حساسة بما في ذلك أمن قصر الحكم بالمملكة، وولي العهد «محمد بن سلمان»، الذي استحدثها عقب تولي والده الحكم.
حماية «بن سلمان»
وبحسب صحيفة «سبق»، فإن كتيبة «السيف الأجرب»، ترتبط بشكل مباشر بولي العهد السعودي.
وتضيف مصادر الصحيفة، أن الكتيبة تم استحداثها فور تولي العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» مقاليد الحكم، ويزيد عدد أفرادها على 5000 عسكري من مختلف الرتب العسكرية.
ولفتت إلى أن جميع منسوبي الكتيبة يحملون دورات عسكرية متقدمة، منها دورات الضفادع البشرية، والصاعقة، والمظلات، ومكافحة الشغب، وقناصة ومتفجرات.
سيف وتسمية
وسميت هذه الكتيبة تيمناً بسيف شهير في تراث السعودية، يعود للإمام «تركي بن عبدالله بن محمد آل سعود» مؤسس الدولة السعودية الثانية، وجد حُـكام «آل سعود»، الذي يلقب سيفه بـ«الأجرب».
وقيل في هذا السيف:
يوم إن كل من خويه تبرّا.. حطيت (الأجرب) لي عميل ٍ مباري
نعم الرفيق إلى سطا ثم جرّا.. يودع مناعير النشامى حباري
واكتسب هذا السيف سمعة هائلة منذ ذلك الحين في أنحاء الجزيرة العربية، ويعدّ الأشهر في تاريخ السيوف العربية.
ويشير المؤرخ «فؤاد حمزة»، في كتابه «البلاد العربية السعودية» متحدثا عن سيوف الملك المؤسس «عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود»، إلى أنه كان يعنى عناية فائقة بالسيوف.
وأوضح أنه ذي «خبرة واسعة في أجناسها وأصنافها ومعرفة بتواريخها، وقد اهتم بالسيوف القديمة التي اشتهرت في العائلة السعودية، وحرص على جمع ما تفرق منها في حوادث الفتنة الأهلية فتم له أكثر ما أراد».
وأضاف: «سمعته يذكر أن هنالك سيفا مشهورا واحدا من سيوف آل سعود الأولين لم يزل مفقودا».
وتابع «حمزة»: «كان يفضل السيوف الفارسية القديمة، ومن أفضلها الجنس المسمى خريسان والجنس المسمى دابان، وانعدمت صناعتهما منذ مئات السنين والموجود منهما الآن نادر جدا، وأكثر السيوف القديمة في العائلة هي من الصنف الثاني دابان ومنها السيوف: رقبان وهو من أحب السيوف إلى جلالته، وصويلح، وثويني، وياقوت».
أساطير
ورويت عن الإمام «تركي بن عبدالله» وقائع تشبه الأساطير، حيث أشار «منير العجلاني» في كتابه عن السعودية إلى أن «سلاح الإمام، بل ورفيقه الذي لا يفارقه أبدا، هو السيف الذي عرف باسم (الأجرب) وهذا السيف كان عند تركي بمنزلة المصباح السحري عند (علاء الدين)، يقول له تركي: «يا أجرب أعطني رأس فلان»، فيجيبه (الأجرب): لبيك، هذا رأسه بين يديك!».
واستطاع «تركي» الهرب من الدرعية قبل استسلامها واستيلاء الغزاة عليها، وطلبه الترك في كل مكان فلم يظفروا به.
وهرب مرة أخرى إلى الرياض، حين أحكم الترك الحصار حولها، وظنوا أنه لن يفلت من قبضتهم ولكنه نجا منهم ولم يقتفوا له على أثر.
كان «تركي» يتنقل بين البلدان والعشائر متخفيا في النهار وقد يظهر في الحقول المنعزلة، وفي الليل يحمل سيفه ويترصد الجواسيس والخونة ويقاتلهم، كما يروى أنه كان يدخل مرارا معسكر الترك ليعرف حركاتهم وخططهم ومن يعاونهم من أهل نجد، ودخل مرة المعسكر متنكرا، فعرفه أحد النجديين الموجودين هناك، فسار «تركي» إليه مسرعا وصب طبق الطعام فوق رأسه فشغله بذلك عن الإبلاغ عنه واستطاع الهرب.
روايات مختلفة
ويرجح الباحث «راشد بن عساكر»، أن اسم «الأجرب» جاء من الصدأ الذي يركب السيف أو قرابه موردا في هذا الصدد ما جاء في «لسان العرب»، لـ«ابن المنظور» عن مادة جرب، حيث أشار إلى أن جرب: «هو بثر يعلو أبدان الناس والإبل»، وأجرب القوم: جربت إبلهم، والجرب كالصدأ يعلو باطن الجفن والجراب هو الوعاء والجمع أجربة والجراب وعاء.
وذكر الدكتور «علي أبا حسين» في دراسة عن العلاقات السعودية البحرينية، في مجلة «الوثيقة» التي تصدر عن مركز الوثائق التاريخية في البحرين أن الملك «عبدالعزيز» عندما زار ظهران بمناسبة استخراج النفط في عام 1939، وعلم الشيخ «حمد بن عيسى» بقدوم الملك «عبدالعزيز» إلى المنطقة الشرقية قرر الذهاب إلى الظهران للسلام عليه ودعوته لزيارة البحرين، وكان في معية الشيخ «حمد» حين زار الملك «عبدالعزيز» إخوانه وأولاده وأبناء عمه وحشد كبير من أتباعه.
واستقبل الملك «عبدالعزيز»، الضيوف استقبالا يليق بهم، وخلال زيارة الشيخ «حمد» قدم هدية للملك «عبدالعزيز»، وهي «الأجرب» سيف الإمام «تركي بن عبدالله» مؤسس الدولة السعودية الثاني، ولكن الملك «عبدالعزيز»، قال للشيخ «حمد» «هذه ذكرى منا عندكم فأبقوه لديكم»، وقبل الشيخ «حمد» بهذا الأمر من الملك «عبدالعزيز».
وهناك روايتان لاستقرار السيف في البحرين، يذكرهما المؤرخ السعودي «سعد الصويان»، إحداها تشير إلى أن الملك «عبدالعزيز بن عبدالرحمن» عندما كان في الكويت أهدى السيف لحكام البحرين «آل خليفة»، ولكنه استبعد هذه الرواية، وقال: «مستحيل أن يفرط الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن بالسيف الأجرب، ولو أراد إهداءه لأهداه لحكام الكويت آل الصباح».
أما الرواية الثالثة، والتي يرى «الصويان»، أنها الرواية الراجحة، هي أن الذي سلم «الأجرب» وأهداه لـ«آل خليفة»، هو «محمد بن سعود» الذي يسمى «غزالان».
إلا أنه لاحقاً أصبح السيف في البحرين يتوارثه ملوكها، حتى عام 2010، حيث أهداه العاهل البحريني، للملك «عبدالله» خلال زيارته للمنامة.
وبعد تسلمه الحكم، أهدى السيف للملك «سلمان» من أبناء الملك «عبدالله».