ملفات » الطريف إلى العرش

تفاصيل جديدة حول انتزاع أموال أمراء «الريتز»

في 2018/02/13

وول ستريت جورنال- ترجمة أسامة محمد -

بعد عملية استدعائهم من قبل مساعدين للملك «سلمان بن عبدالعزيز» يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استقبل فندق ريتز كارلتون في الرياض عددا من الضيوف من العائلة المالكة ثم تم اصطحابهم إلى الغرف الفندقية من قبل رجال مسلحين بعد مصادرة هواتفهم النقالة.

وقال أحدهم: «لقد قيل لي إنني سأبقى هنا لبعض الوقت».

وعلى مدار 99 يوما أغلقت الحكومة السعودية فندق ريتز كارلتون وخصصته للمعتقلين، حيث احتجزت 381 شخصا هناك في حملة لمكافحة الفساد لم يسبق لها مثيل ضد نخبة من مواطنيها.

وقد أعيد افتتاح فندق ريتز كارلتون، يوم الأحد الماضي، وهو ما يمثل نهاية مرحلة حملة القمع وبداية حقبة جديدة غير مؤكدة للدولة التي تعد أكبر مصدّر للنفط في العالم، وقد وصل بعض الضيوف ليجدوا القليل من الأمور قد تغيرت، فالردهة لا تزال تضم نفس الأرضيات الرخامية ومازالت التماثيل موجودة.

ويعتبر الفندق الآن رمزا لأن المملكة العربية السعودية لا تزال تقف بعيدا عن العالم الخارجي، حتى مع محاولة قيادتها تدشين عملية إعادة ترتيب تاريخية للمجتمع مع حريات جديدة للمرأة، وصورة أكثر اعتدالا للإسلام، واقتصاد موجه نحو السوق أقل ارتباطا بالنفط، ولكن من خلال استهداف رجال الأعمال السعوديين الذين لهم صلات عميقة بالغرب والاستيلاء على أصولهم دون الإفصاح عن تفاصيل تورطهم في الفساد، فقد أثارت عملية التطهير مخاوف بشأن سيادة القانون.

وقال «سيمون هندرسون»، وهو باحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «تخميني هو أن اسم فندق ريتز سيرتبط إلى الأبد بالسجن السعودي الفخم»، بينما قال مسؤول سعودى بارز إن المحققين أطلعوه بشكل جيد وقدموا له مجموعة كبيرة من الوثائق حول أصوله المالية بطريقة منهجية، وطرحوا الأسئلة في جلسات «طويلة، متعبة».

وأضاف أنه لم يعط سوى تفاصيل قليلة بخلاف أنه كان جزءا من تحقيق فساد وأنه يمكنه الخروج وهو ما فعله في نهاية المطاف، وقال إن بعض السعوديين في فندق ريتز أرادوا محاربة التهم، ولكن تم البرهنة على ضلوعهم بدعوة شركاءهم التجاريين للإدلاء بشهادتهم ضدهم؛ قائلا: «إنهم لم يتوقعوا حدوث ذلك».

ويقول مسؤولون سعوديون إن فندق ريتز كان قلعة للحرب ضد الفساد، وتقول الحكومة إنها حصلت على 106 مليارات دولار في عملية تفاهمات وهي تتقدم الآن بعشرات الملاحقات القضائية.

وقالت «فاطمة باعشن» الناطقة باسم السفارة السعودية في واشنطن: «إن قيادة المملكة العربية السعودية ملتزمة بالقضاء على الفساد لضمان الشفافية والازدهار وتحقيق بيئة عمل صحية».

انتزاع للسلطة

ووصف بعض المحللين الغربيين ذلك بأنه انتزاع للسلطة من قبل «محمد بن سلمان» البالغ من العمر 32 عاما الذى تم تعيينه كولى للعهد فى يونيو/حزيران الماضى.

وقال «بروس ريدل»، الباحث في مؤسسة بروكينغز المتخصصة في الشرق الأوسط: «هذا لا يبشر بالخير إذا كنت مستثمرا محتملا في البلاد».

وألقت المقابلات مع المحتجزين والأشخاص المقربين منهم الضوء على المحنة التي استمرت لأشهر، وقد تم تقديم بعض الوجبات من قبل الطهاة الخاصين بالديوان الملكي ولكن لم يسمح للمحتجزين إلا بمكالمة هاتفية واحدة يوميا، وقد تم استجواب البعض لساعات ولكن قيل لهم إن جميع التهم المتعلقة بالفساد قد تختفي مقابل تسوية سليمة.

وقد كان من ضمن المحتجزين في الفندق الأمير الملياردير «الوليد بن طلال»، أغنى رجل أعمال في البلاد، و«بكر بن لادن»، صاحب شركة إنشاءات، و«وليد الإبراهيم»، صاحب أكبر شركة إعلامية في البلاد؛ وبعض وزراء الدولة.

وتم بناء الفندق في عام 2011، وهو يضم أكثر من 500 غرفة، بما في ذلك 48 جناحا رئاسيا، ووحدة للرعاية الطبية مع أطباء عند الطلب وأشجار زيتون يبلغ عمرها 600 عام كما أن الفندق ليس بعيدا عن قصر اليمامة، مقر الحكومة السعودية، ولذا فهو مكان قريب من مكان العمل اليومي للملك «سلمان» والأمير «محمد».

وقد تم تغيير بعض موظفي فندق ريتز خلال إغلاق الفندق، وقال أحد الموظفين إن حوالي 20% منهم كانوا في إجازات مع تخفيض للأجور، في حين قال موظف آخر إن بعض الموظفين أعيد تعيينهم داخل مجمع الفندق.

وقال متحدث باسم شركة ماريوت الدولية، التى تدير فنادق ريتز كارلتون، يوم الجمعة إن الفندق سوف يستأنف العمليات العادية اعتبارا من يوم الأحد ولم يعط المتحدث على الفور تعليقا حول موظفيه.

وقال بعض السعوديين المحتجزين إنهم عولجوا جيدا، في حين صرح الأمير «الوليد»، في مقابلة مع «رويترز» بأن السلطات سمحت له بأكل وجباته النباتية.

وقد بقي المحتجزون المهمون في ما يسمى بالأجنحة الملكية، وفقا لما ذكره موظف في الفندق، وتحتوي هذه الأجنحة على غرفتي نوم وغرفة طعام وغرفتي معيشة ومكتب، فضلا عن منطقة مطبخ، وفقا لموقع ريتز كارلتون.

وقال الأمير «الوليد» فى مقابلة تلفزيونية: «كنت أمارس السباحة، وأتدرب وأمشي، لدي كل طعامي الخاص بالحمية، كل شيء على ما يرام».

واحتجز الأمير «الوليد» منذ ما يقرب من 3 أشهر، حيث ضغط عليه من أجل تسوية تزيد على 6 مليارات دولار، وكان الرقم أكثر بكثير وقد أفرج عنه في الشهر الماضي، في تسوية مالية لم يكشف عنها.

بدأ قبل عامين

وقالت السيدة «باعشن» من السفارة السعودية إن التحقيق فى مكافحة الفساد بدأ قبل عامين، مضيفة أنه «تم جمع أدلة كبيرة».

وتم تكليف جهات متخصصة في أوروبا والشرق الأوسط لتقييم أعمال وأموال بعض الأثرياء مثل الملياردير «محمد العمودي» والأمير «بندر بن سلطان»، السفير السعودي السابق في الولايات المتحدة.

وفي أوخر يناير/كانون الثاني الماضي، قال النائب العام السعودي «سعود المعجب»، إن غالبية المعتقلين البالغ عددهم 381 أطلق سراحهم بعد أن قررت السلطات أنه لا يوجد دليل على وجود فساد أو التوصل إلى تسويات مالية بعد الاعتراف بالفساد، موضحا أن 65 شخصا رفضوا التسويات وظلوا في الحجز الذي لم يكشف عنه.

وكانت المشكلة الأكبر هي أن الحكومة طلبت تسويات مالية تتجاوز ما يمكن لبعض المحتجزين أن يقوموا به.