ملفات » الطريف إلى العرش

«خاشقجي»: شراكة الأمراء والتجار دمرت الاقتصاد.. و«بن سلمان» حائر تجاه «الإسلام المعتدل»

في 2018/02/19

الخليج الجديد-

حذر الكاتب السعودي المعروف «جمال خاشقجي»، من تغييرات وصفها بـ«الهائلة» تشهدها المؤسسة الدينية في المملكة، موضحا أن الإصلاح فيها يتم بقوة السلطان وليس بالحوار، وأن ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، ليست لديه إجابة عن ماذا يعنيه بـ«الإسلام المعتدل».

جاء ذلك خلال ندوة بمدينة إسطنبول التركية استضافتها مؤسسة «رواق إسطنبول»، مساء الجمعة، قال فيها «خاشقجي»: «إن من أبرز مظاهر التغيير الذي تشهده المؤسسة الدينية في المملكة إلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ نعم الهيئة لا تزال موجودة، لكنها لم تعد مؤثرة».

وأضاف: «الشعب السعودي الآن منتشي بأجواء الحرية والانفتاح الحالي، لكن اعتقد أن تلك النشوة مرحلة عابرة؛ فالواقع هو أن الشعب السعودي محافظ، محذرا من أن تفكيك المؤسسة الدينية ستكون له تأثيرات سلبية في السعودية»؛ قائلا: «شرعية السعودية جاءت من الوهابية والتأريخ الوهابي، ولا تستطيع أن تنفصل عنه».

وبخصوص حديث «بن سلمان» عن الإسلام المعتدل، قال «خاشقجي»: «أعتقد أنه (ولي العهد) لا يمتلك الإجابة عن ماذا يعني بذلك؟».

ولفت إلى أنه «قبل 1979 (التاريخ الذي يقول بن سلمان إنه يريد إعادة السعودية من الناحية الدينية إلى ما قبله) كانت السعودية متدينة، وأن الملك فيصل بن عبدالعزيز (1964-1975) كان يحاول تهذيب الإسلام الوهابي المتشدد بعلماء من الإخوان المسلمون الذين التحقوا بالمدارس والجامعات، لكن ليس بطريقة الإلغاء وإنما بالحوار؛ فكان هناك تحديث للإسلام النجدي، ثم بوفاة الملك فيصل انتهي الأمر، وعادت السلفية بتشددها».

وتابع: «المؤسسة الدينية ضعفت الآن، المؤسسة الدينية بقوة السلطان بدأت تعتدل وليس من داخلها، فهم يستجيبوا للحاكم».

واعتبر الكاتب السعودي أن «التحولات في المؤسسة الدينية في المملكة تحتاج مراقبة»؛ موضحا أنها لم تنته بعد، وأن ما تم اتخاذه مجرد قرارات، أما النتائج فربما تظهر بعد سنوات.

مؤسسة إسلامية جديدة

وردا على سؤال بشأن سعي «بن سلمان» لتشكيل «مؤسسة إسلامية جديدة» في المملكة، قال «خاشقجي»: «بن سلمان لا يعرف أصلا ما يعنيه بالإسلام المعتدل»، لافتا على سبيل المثال إلى أن كلام مركز «اعتدال»، الذي تم تأسيسه في المملكة مؤخرا، مثل كلام علماء «الإخوان»؛ لأن الاعتدال الحقيقي جاء من العلماء المعاصرين من جماعة الإخوان أمثال الشيخ «علي الطنطاوي» والشيخ «يوسف القرضاوي».

وأضاف: «بن سلمان في حيرة بشأن الاختيار المناسب للاعتدال، والجماعة خيار له، الإخوان السلمون هم المعتدلون، لكنه لا يريد أن يعترف بذلك».

وأعرب عن اعتقاده بأنه ستكون هناك عملية إضعاف للدين في المملكة وستبقى منه ديكورات، مضيفا: «لكن أعتقد هذا سيكون صعب في السعودية».

شراكة الأمراء والتجارة دمرت الاقتصاد والأخلاق..

وأبدى «خاشقجي» الذي يصف نفسه بـ«الكاتب المستقل»، دعمه لمساعي ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، إلى إعادة صياغة تفكيك ما سماه بـ«مؤسسة الفساد» في المملكة، لكنه رأى أن هناك مشكلتين في التطبيق، من بينها خلق حالة أشبه بالتأميم.

وقال: «من مصلحتنا كسعوديين إعادة صياغة مؤسسة الفساد؛ وهي تستحق إدارة خاصة بمسمى (الإدارة العامة لمكافحة الفساد) ».

وأوضح أن الأمراء هم أساس «مؤسسة الفساد»، التي بدأت تتشكل بعد عهد الملك «فيصل بن عبدالعزيز» (1964-1975)؛ مشيرا إلى أن عهد الرجل كان نظيفا.

وأضاف: «بعد وفاة الملك فيصل حصلت شراكة بين الأمراء والتجار؛ وهذه السياسة دمرت الاقتصاد والقيم والأخلاق، ويبدو أن بن سلمان رآها مدمرة وأراد أن يفككها».

واعتبر أن تفكيك «مؤسسة الفساد» مفيد في الإطار السعودي على صعيد فرص العمل، وعلى صعيد إعطاء الأمل للشباب، فضلا عن أن ذلك يفقد الأمراء الرغبة في أن يكونوا في الحكم، ويفقدهم النفوذ.

من جانب آخر، انتقد «خاشقجي» طريقة تنفيذ الحرب على الفساد؛ ورأى أن هناك مشكلتين في التطبيق؛ موضحا أن الأولى تتمثل في خلق حالة أشبه بالتأميم كما حدث في مصر في عهد الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» (1956-1970)، ما أضعف القطاع الخاص، حيث لا تزال مصر لا تعاني منه حتى الآن.

وبحسب «خاشقجي»، المشكلة الثانية هي تجميع تسويات محاربة الفساد في مؤسسة واحدة هي صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي للمملكة)، معربا عن اعتقاده بأن ميزانية الصندوق المذكور تضاعفت منذ العام الماضي وحتى الآن، وأن المزعج في السعودية هو «عدم الشفافية حيث لا توجد أرقام».

واعتبر أن وضع مثل تلك الأصول والأموال الضخمة قيد تصرف مؤسسة واحدة أمر غير جيد، وتساءل مستنكرا: «من الشاب الذكي الذي يستطيع أن يدير كل ذلك».

المواطن السعودي «مركز تكلفة»

وفي هذا الصدد تطرق «خاشقجي» إلى التوجه السعودي بفرض رسوم وضرائب لمواجهة العجز في الموازنة.

وقال: «إن المواطن السعودي يعتبر مركز تكلفة بالنسبة للدولة بعكس المواطن التركي الذي يعد مركز ربح؛ حيث إن تركيا بها نظام ضريبي قوي يساهم فيه المواطن، أما في السعودية فلا توجد حتى الآن ضريبة على الدخل، لكن هناك رسوما يتم دفعها، والمواطن بدا يشعر بالضجر منها؛ لأن السعودي غير متعود، ويعتبر الضرائب كارثة».

وأبدى «خاشقجي» دعمه للتوجه نحو فرض ضرائب على المواطنين؛ قائلا: «لأن الشخص عندما يدفع ضريبة ستهتم به الدولة أكثر، ويشمل ذلك الاهتمام بتعليمه وبنجاحه في عمله»، معتبرا أنه طالما بقى السعودي «مركز تكلفة» فلن تراه الدولة.

وعن الرسوم التي بدأت المملكة في فرضها على الأجانب، ومنها رسوم المرافقين، قال «خاشقجي»: «يكون هناك ظلم للبعض لكن أنا كسعودي وكمحلل اقتصادي أرى ذلك شيئا صحيحا؛ فلا يصح أن يكون ثلث السعودية أجانب».