وكالات-
قال تقرير لوكالة "رويترز" للأنباء، إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يسعى إلى طمأنة المستثمرين بعد حملة الاعتقالات التي قادها وشملت المئات من رجال الأعمال والأمراء والأثرياء، في إطار ما قال إنها حملة لمكافحة الفساد.
المستثمرون الأجانب والمحليون، كثيراً ما اشتكوا من الفساد في السعودية، فجاءت الحملة بوصفها محاولة من القيادة السعودية لمواجهة هذا الفساد، والقيام بالإصلاحات المناسبة، ولكن الكثير من المراقبين يعرفون أن تلك الحملة ذات دوافع سياسية، وليست بهدف القضاء على الفساد.
وتنقل الوكالة عن رجل أعمال غربي قوله: إن السؤال الآن هو "لماذا تستثمر بالسعودية؟! إنها بلد مليء بالتناقضات"، على حد قوله.
محمد بن سلمان وعدد من المسؤولين السعوديين عقدوا، الشهر الماضي، سلسلة من اللقاءات مع المستثمرين ورجال الأعمال؛ لطمأنتهم بأن السعودية آمنة للقيام بأي أعمال تجارية، خاصة أن معظم من تم احتجازه قد أُفرج عنه.
منتدى دافوس الذي عُقد مؤخراً في سويسراً، كان مناسبةً للقادة السعوديين لتسليط الضوء على إيجابيات الاعتقالات التي حصلت، حيث قال وزير التجارة والاستثمار السعودي، ماجد بن عبد الله القصبي: إن المملكة "في طريق النجاح، وهي تسير نحو الهدف المنشود".
وأضاف: "صحيح أننا ارتكبنا أخطاء، فنحن لسنا دولة مثالية، السعودية مثلها مثل أي بلد آخر، ولكن يمكن القول إننا نسير في طريق النجاح".
وتقول "رويترز": إن "على السعودية القيام بالتغيير، وأحد طرق هذا التغيير هو التصدي للفساد المستشري في عالم الأعمال الغامض والسري، ولكن النظام القضائي متخلف، فالحملة التي شُنت على الفساد، تتناقض بشكل حاد مع الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، ما يعني أن كل محاولة للإصلاح في السعودية الإسلامية المحافظة، سوف تكشف عن أوجه قصور أخرى".
الحكومة السعودية قالت إنها جمعت، وبموجب التسويات المالية مع المحتجزين، أكثر من 100 مليار دولار، معظمها على شكل أراضٍ أو حصص في الأعمال التجارية، وغير ذلك من أصول غير سائلة، وهو ما من شأنه أن يسهم في الخطط الإنمائية الضخمة، مثل المنطقة الاقتصادية "نيوم"، التي تبلغ تكلفتها نحو 500 مليار دولار.
لكن، تقول الوكالة، إن الحكومة السعودية لم تكشف إلا عن عددٍ قليلٍ من الادعاءات التي وُجِّهت إلى المحتجزين، كما تم الاحتفاظ بتفاصيل التسويات المالية معهم، حيث لم تتمكن "رويترز" من التحقق من صحة التقديرات الإجمالية التي أعلنتها الحكومة السعودية.
تدافع السلطات السعودية عن إجراءاتها السرية، فهي تقول إن ذلك يحمي سمعة الناس، وإن تسوية القضايا خارج المحكمة تُجنِّبهم المعارك القانونية التي قد يطول أمدها، والتي من شأنها أن تشتت الأولويات الأخرى، إلا أن سرية الحملة والإجراءات التي رافقتها تقوض وعود الشفافية.
وبحسب مصرفي كان أحد الحاضرين في واحد من تلك الاجتماعات، فإنه تم إبلاغهم أن حملة مكافحة الفساد تمت، وأنه بالإمكان أن يواصل الجميع أعمالهم ويستثمرون.
السلطات في السعودية تسعى، من خلال تلك الاجتماعات، إلى إيصال رسالة لرجال الأعمال مفادها أن الفساد "ضُيِّق نسبياً"، وأن السلطات السعودية ستسعى إلى تحسين الممارسات التجارية.
وتنقل "رويترز" عن عدد من رجال الأعمال السعوديين قولهم إنهم لا يتوقعون أن تتدخل السلطات، بشكل مباشر، في الشركات التي استحوذت على أصولها من بعض رجال الأعمال الذين كانوا محتجزين في فندق "ريتز-كارلتون".
وعلى الرغم من أن ولي العهد السعودي، وخلال أحد تلك الاجتماعات، سعى إلى طمأنة رجال الأعمال بأن الاستثمار في بلاده "آمن"، فإن القلق ما زال مسيطراً على رجال الأعمال السعوديين؛ خشية أن يطولهم الاعتقال في أي لحظة، خاصة أن السلطات أظهرت استعدادها للتحرك بسرعة وبلا رحمة، للاستيلاء على أصول الناس الذين تعتقد أنهم تصرفوا بشكل خاطئ.