ملفات » الطريف إلى العرش

غم سلطاته غير المسبوقة.. ولي العهد السعودي في مهب الريح

في 2018/02/26

بيزنس إنسايدر- ترجمة شادي خليفة -

باعتباره وريثا للعرش السعودي، يستعد «محمد بن سلمان» للخروج في جولة من الزيارات إلى العواصم الغربية لتعزيز الاستثمار في المملكة، لكن في نفس الوقت، يجري التشكيك في خططه الاقتصادية الطموحة، وحتى قبضته على السلطة، بشكل متزايد.

وهناك شكوك كبيرة حول رغبة المستثمرين الأجانب في دعمه، في أعقاب حملته الأخير ضد النخبة السعودية؛ حيث يجري الكثير من النقاش حول حقيقة المبالغ المالية التي تمكن فعلا من الحصول عليها، وهناك ادعاءات بأن الحملة كانت جزءا من الجهود الرامية إلى توطيد سلطته، وهو ما يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.

وكان «بن سلمان» قد احتجز عدة مئات من الأسرة المالكة ورجال الأعمال البارزين في فندق «ريتز كارلتون» بالرياض، حيث قيل إنهم أجبروا على التوقيع على التنازل عن الأصول مقابل حريتهم، وقد أطلق سراح معظم المعتقلين الآن.

كثير من الذعر

وقد حاولت السلطات السعودية الاستيلاء على الأصول كمحرك لمكافحة الفساد، ولكن في البلاد التي ينتشر فيها الفساد، تبدو هذه العملية انتقائية للغاية، وأظهرت اهتماما ضئيلا بحقوق الملكية والإجراءات القانونية الواجبة.

وكان الأمراء السعوديون الناجحون تجاريا مع إمبراطوريات الأعمال الدولية، وقادة الشركات المحلية الرائدة، من بين المحتجزين، ما يشير بقوة إلى أنه لا أحد في المملكة، باستثناء أولئك المقربين من «بن سلمان»، في مأمن من تلك العدالة التعسفية.

وقد لاحظ المستثمرون الأجانب عمليات الاحتجاز، وكانت لهم بمثابة جرس إنذار، وبالنسبة للغالبية، تعد مخاطر الفساد هي الاعتبار الرئيسي عند استكشاف الفرص في السوق السعودية.

وفي الماضي، كان أولئك الذين يتطلعون إلى الدخول في الأعمال التجارية مع الشركات المحلية يتم نصحهم ببذل العناية الواجبة لتجنب الشراكة مع شركات متورطة في الكسب غير المشروع.

لكن الآن المخاوف أوسع وأعمق بكثير، وتركز أساسا على احتمال وقوع الشريك السعودي في المشروع المشترك أو العميل ذي الثروة الخاصة ضحية لمرحلة أخرى من «حملة التطهير لمكافحة الفساد»، ويعود ذلك إلى أن السعوديين لم يقدموا بعد أي دليل على مزاعم الفساد الموجهة ضد المعتقلين.

وذلك على الرغم من أن النائب العام «سعود المعجب» وصف الحملة بأنها «عملية قضائية مستقلة»، وهي جزء من الجهود المبذولة لضمان «الشفافية والانفتاح والحكم الرشيد»، وإذا كان الأمر كذلك، فإن البعض يسأل عن سبب هذا الصمت عما قام به كل هؤلاء في السابق.

أخذ «بن سلمان» مقامرة ضخمة عندما أطلق هذه الحملة، وقال إنه كان على بينة من مخاطر تخويف المستثمرين الأجانب، لكنه يبدو أنه قد حسب أنه مع اقتصاده المتعثر المعتمد على النفط، كان من الأهمية بمكان أن يجمع الأموال لخدمة العجز في الميزانية - الذي من المتوقع أن تصل هذا العام إلى 52 مليار دولار - وإرسال رسالة إلى غير الملتزمين التزاما تاما بجدول أعماله.

تقديرات غير واقعية

وفي البداية، أُفيد بأنه يأمل في توليد ما يصل إلى 300 مليار دولار من مضبوطات الأصول، ولكن كان هذا الأمر غير واقعي إلى حد كبير، لأن الكثير من ثروات المحتجزين مرتبطة بهياكل مالية معقدة في الخارج، بعيدا عن متناول الدولة السعودية.

ومن ثم فليس من المستغرب أن يكون المبلغ الإجمالي الذي تم جمعه مجرد جزء ضئيل من المبلغ المتوقع، مع قصة ذات مصداقية عالية في صحيفة «فايننشيال تايمز»، نقلا عن مسؤول سعودي كبير، تفيد بأن السلطات قد تصل فقط إلى الاستحواذ على 13.3 مليار دولار عبر التسويات بحلول نهاية العام، أي ما يعادل مبلغ الإيرادات التي قد تحصل عليها البلاد من زيادة صغيرة في أسعار النفط.

ويهدف حظر السفر المفروض على العديد من المعتقلين السابقين إلى ضمان التزامهم بالتسويات، ولكن على افتراض أن التقدير البالغ 13.3 مليار دولار دقيق، فإلى أي مدى سيذهب هذا المبلغ؟ وقد يخفف بعض الضغوط على الاقتصاد، لكن «بن سلمان» قد بدأ بالفعل في التراجع عن حملة التقشف التي تهدف إلى تقليص المزايا التي يتمتع بها السعوديون العاديون، وهي الدائرة الوحيدة التي يبدو أنه حريص على الحفاظ عليها، كجزء من إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق.

وفي الشهر الماضي، منح ولي العهد نحو 13 مليار دولار في شكل علاوات لموظفي الدولة، وهم الغالبية العظمى من السكان العاملين في البلاد.

وجاء الإنفاق العام الإضافي وسط سخط عام، تم التعبير عنه على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد إدخال ضريبة القيمة المضافة وارتفاع أسعار الطاقة.

وكانت هذه سلسلة من التدابير التقشفية التي أثارت شكوكا حول خطط رؤيته لعام 2030 لتنويع الاقتصاد، من خلال تطوير القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار الأجنبي.

وقد أثيرت أسئلة أخرى حول الخطط، من خلال تأميم جزء كبير من التكتلات الكبيرة التي تدين الحكومة لها بالمليارات، وكانت هذه الخطوة واحدة من نتائج جولة «ريتز كارلتون».

ولكن إذا اعتقد «بن سلمان» أن عمليات الاستيلاء القسري قد تخفف من حدة العجز، فإن المظاهرات الأخيرة التي قام بها العمال الذين لم يحصلوا على أجورهم من قبل الشركات التي ستصبح مؤممة قريبا، تشير إلى خلاف ذلك.

أكثر خطورة

ومع ذلك فإن لدى «بن سلمان» مخاوف أكثر خطورة على مكتبه، ويجري الاعتقاد بأن توطيده السريع للسلطة في الأشهر الأخيرة استعدادا لصعوده الوشيك إلى العرش قد جلب له عداء الكثيرين في العائلة المالكة، في حين يبدو أن محاولاته لتخفيف بعض القيود الاجتماعية الخانقة في البلاد، والحصار المفروض على قطر المجاورة، قد أثارت غضب رجال دين بارزين، والذين قام بتوقيف 3 منهم في سبتمبر/أيلول.

ويمتلك «بن سلمان» زمام معظم مفاتيح السلطة في البلاد الآن، بعد أن أطاح وأقال العديد من خصومه من الأسرة المالكة، لكن تردده الواضح في السفر إلى الخارج لحضور اللقاءات العامة منذ انقلاب القصر في يونيو/حزيران الماضي، يشير إلى درجة من التوتر.

وقد تعرضت زياراته إلى بريطانيا وأمريكا لتأجيلات، ويشير ذلك إلى أن «بن سلمان» يرغب في الشعور بمزيد من الأمان قبل أن يمضي قدما، وإذا أتم زياراته الخارجية فستكون إشارة إلى اعتقاده أن أي تحد داخلي لحكمه قد انحسر.

ويشير كل ذلك إلى أن ولي العهد ليس ذلك الرجل المسالم كما بدا بعد الإطاحة بابن عمه ليصبح وريثا للعرش، ومع تكشف عوار خططه الاقتصادية، وتزايد المعارضة داخل صفوف الديوان الملكي، فإنه قد يكون قد أدخل فمه أكثر مما يمكنه مضغه.