ملفات » الطريف إلى العرش

نيوم.. إسرائيل في قلب الخليج

في 2018/03/09

فؤاد السحيباني- خاص راصد الخليج-

نقل الكاتب الصحفي العربي الأشهر، محمد حسنين هيكل، عن الرئيس الفرنسي شارل ديجول قوله "إن السياسة لا تصلح بلا خريطة"، مقولة لا يوجد أبلغ منها كبداية لقراءة مشروع "نيوم"، الذي يراهن ولي العهد محمد بن سلمان عليه، كمدخل المملكة إلى عصر جديد.

خطط طموحة وتمويلات ضخمة وحزمة تحفيز للمستثمرين غير مسبوقة، والأهم، شراكة مع دولتين عربيتين هما مصر والأردن، ستحول خليج العقبة إلى واحدة من أهم الوجهات الاستثمارية خلال السنوات القليلة المقبلة، بالإضافة إلى موقع ممتاز، ظل لقرون غير مستغل، منذ انهيار دولة المماليك الحاكمة لمصر والشام، والتي اعتمدت على البحر الأحمر كمعبر للتجارة العالمية، إبان عصرها الذهبي.

كل عناصر النجاح متوفرة للمشروع الكبير، هذا ما يشنف به أذاننا إعلام المملكة، ووسائط إعلامية أخرى، وبعض مراكز الدراسات الغربية، بدفع من الثقة في الإمكانات المالية للخزانة السعودية، أولًا وقبل أي شيء، ولن نبالغ إذا ما قلنا إن قيادات الدول العربية الثلاث تعتبر "نيوم" مشروع القرن.

بداية فأن الانسداد الراهن في السياسات الاقتصادية للملكة هو الدافع الأكبر وراء إعادة طرح "نيوم"، انسداد ناتج عن مأزق فشل تسويق "أرامكو" في بورصات العالم، والعجر المتنامي في الموازنة العامة، رغم جهود الكبح، وعدم وجود نتائج واضحة لعملية تنويع الاقتصاد السعودي، وبالتالي تعثر الانتقال إلى عصر ما بعد النفط.

وبالتالي فخطوة مثل إعلان مشروع جديد وضخم هي فرصة لشغل مساحات من الحديث عوضًا عن مناقشة فشل السياسات السابقة، أي أن ولي العهد ببساطة يقدم قضية جديدة تأكل ساعات المناقشة، بدلًا من الحديث عن مصير كل المشروعات الاقتصادية السابقة.

المنطقة بالكامل تقع على مساحة 26.5 ألف كيلو متر، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الاستثمارات العامة والخاصة في المنطقة 500 مليار دولار، ويتفاوض "بن سلمان" حاليًا مع سبع شركات سياحة والملاحة السياحية وتهدف إلى بناء موانئ خاصة باليخوت، بالإضافة إلى حماية البيئة البحرية والحد من التلوث للمحافظة على الشعب المرجانية والشواطئ والاتفاق على ضوابط ملزمة لمنع التلوث البصري.

الأمير اتجه إلى أقرب الحلفاء بالإقليم، مصر، التي تمثل تحت حكم عبد الفتاح السيسي فرصة وجب استغلالها، في ظل ضعف عام يضرب أركان الدولة المصرية، ويضيق الخيارات على حاكمها، للدرجة التي مكنت من استعادة تيران وصنافير، رغم ما تمثله من تهديد على مصير حكم الجنرال.

"نيوم" أيضًا سينتزع من مصر، وفقًا لمصدر سعودي رسمي، حوالي 1000 كيلو متر من شبه جزيرة سيناء، ويضمها إلى مساحات في شمال غرب المملكة، بالإضافة إلى أراض من الأردن، تطبق فيها قوانين استثمارية خاصة، لتصبح منطقة حرة بين الدول الثلاث، تخضع سياديا (الدفاع والأمن) فقط للحكومات، وتعد الأراضي الواقعة بمحاذاة البحر الأحمر، جزءاً من صندوق مشترك قيمته عشرة مليارات دولار، أعلن "بن سلمان" تأسيسه، خلال زيارته للقاهرة.

لكن هل هناك رابط بري بين الدول الثلاث.. الإجابة –وفقًا للخريطة- هي أن دولة الاحتلال تقسم الخريطة العربية! أي أن دولة الاحتلال هي الرابط في مشروع "نيوم"، وهي رابط لازم وواجب لاستكمال الطرح، وهو ما تم تجاهل الحديث عنه في الخطط التي تعرض حاليًا على وسائل الإعلام.

كما أن تحدي توفير التمويل الضخم للمشروع، والذي يبلغ 500 مليار دولار، رغم الأزمة المالية التي تمر بها المملكة، يجعلنا نتسائل عن دراسات الجدوى الخاصة بالمشروع، وهل هو بالفعل مشروع اقتصادي، يحمل أمل جديد للمستقبل، أم أنه مشروع يأتي ضمن خطط سياسية، تغفل المصالح الاقتصادية للمواطن السعودي، الذي يمر بفترة سيئة وغير مسبوقة.