ذا بيورو للصحافة الاستقصائية- ترجمةشادي خليفة -
كشف موقع «ذا بيرو» للصحافة الاستقصائية أن دبلوماسيا بريطانيا كبيرا يعمل لحساب شركة تشارك في حملة العلاقات العامة السعودية التي تتكلف عدة ملايين من الدولارات، بينما لا يزال يعمل لدى وزارة الخارجية.
وأتت هذه الأنباء في الوقت الذي كان يستعد فيه ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» للقيام برحلة إلى لندن، حيث استقبلته مظاهرات ضده تتهمه بالوقوف وراء عدد القتلى الكبير من المدنيين في اليمن، بسبب حملة القصف السعودية.
وتم منح «جوليون ويلش»، الذي شغل منصبا في وزارة الخارجية، إجازة خاصة غير مدفوعة الأجر عام 2014، ليصبح مديرا رفيع المستوى لشركة «كونسولوم». وتأسست تلك الشركة في لندن والشرق الأوسط من قبل المديرين التنفيذيين السابقين لوكالة «بوتينجر»، التي ضربتها فضيحة، وظل يعمل هناك منذ ذلك الحين.
وتشمل قائمة عملاء المنظمتين ولي العهد السعودي، الحاكم الفعلي والذي بدأت زيارته الرسمية إلى بريطانيا الأربعاء، وسط جدل حول الحملة العسكرية لبلاده في اليمن.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في سبتمبر/أيلول الماضي أن الغارات الجوية التي شنها التحالف الذي تقوده السعودية هي «السبب الرئيسي» للقتلى في صفوف المدنيين.
وعلم «ذا بيورو» أن «ويلش» شارك على الأقل فيما يخص الحساب السعودي. ويعد السماح لدبلوماسي بهذا المستوى بالاضطلاع بهذا الدور تأكيدا على العلاقات الوثيقة بين لندن والرياض، حيث أن الإذن بالعمل في شركة ما لا يُمنح إلا إذا كان «يرتبط ارتباطا مباشرا وثيقا بمجال محدد من مجالات المصالح الأجنبية، تتماشى مع أولوياتنا الاستراتيجية».
الأبواب الدوارة
ويثير الأمر أسئلة جديدة حول الأبواب الدوارة بين «الوايت هول» وشركات العلاقات العامة التي تعمل لصالح الحكومات الأجنبية.
وقال عضو لجنة العموم المختصة بضوابط تصدير الأسلحة «لويد راسل مويل»: «توفر وزارة الخارجية غطاء سياسيا لهجوم السعوديين على اليمن، الأمر الذي يتحدى كل المفاهيم والمواءمة، والتي أعتقد أنها في العديد من الحالات تشكل جرائم حرب. ولكنه أمر آخر تماما بالنسبة لوزارة الخارجية الأمريكية أن تندب موظفيها إلى شركة تعمل في مجال العلاقات العامة لصالح السعوديين».
وهناك الآن 34 مسؤولا مثل «ويلش» يعملون في القطاع الخاص مع الاحتفاظ بمناصبهم في وزارة الخارجية. ويمثل برنامج الإجازة الخاصة غير مدفوعة الأجر، الذي يسمح للدبلوماسيين بالعمل في المستويات العليا في الشركات الخارجية لأعوام في نفس الوقت، برنامجا مختلفا عن الإعارات قصيرة الأجل التي تستخدمها وزارة الخارجية منذ فترة طويلة لإعطاء الموظفين خبرة في قطاعات الصناعة. ويحصل العاملون في القطاع الخاص على الأموال، ولكنهم يظلون موظفين في وزارة الخارجية، ويمكنهم العودة إلى مناصبهم فيما بعد.
ومنحت وزارة الخارجية الإذن لـ 14 شخصا بالعمل في القطاع الخاص عبر إجازة خاصة غير مدفوعة الأجر عام 2014، و8 عام 2015، و14 عام 2016، و5 عام 2017. وعاد 5 منهم إلى الوزارة منذ ذلك الحين. ولم تذكر وزارة الخارجية عدد المشاركين في العمل الذي كان يتعلق بتقديم المشورة للحكومات الأجنبية.
وتعد القواعد الحاكمة لذلك الأمر غامضة؛ حيث قال بيان صادر عن وزارة الخارجية البريطانية ببساطة إن الدبلوماسيين يحظر عليهم القيام بوظائف «قد تؤثر بأي شكل من الأشكال على الموظفين أو على عملهم في السلك الدبلوماسي».
وقال دبلوماسي سابق إن النظام «غير صحي حقا». وعندما ذكر «ذا بيرو» مثال «ويلش» في وزارة الخارجية، قال متحدث باسم الوزارة: «نحن واثقون من عدم وجود تضارب في المصالح في هذه الحالة».
وقال المنسق الإعلامي لمجموعة «حملة ضد تجارة الأسلحة» «أندرو سميث»: «هناك تضارب واضح هنا».
وأضاف: «هذا الوضع غير مناسب تماما، وهو ما يدل على العلاقة المريحة والمتوازنة بين سكان الوايت هول وانتهاك حقوق الإنسان على يد أنظمة مثل السعودية».
وباعت المملكة المتحدة أسلحة بمليارات الجنيهات للسعودية خلال الحرب، وتتطلع إلى توقيع صفقة جديدة بقيمة 10 مليار جنيه إسترليني مقابل مزيد من القاذفات المقاتلة.
وتريد لندن الآن تعميق العلاقة التجارية، على أمل أن تقدم الخطط الاقتصادية الطموحة للدولة الخليجية الغنية بالنفط بعض الأخبار الجيدة النادرة للشركات البريطانية، وسط توقعات قاتمة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ولكن في الوقت الذي يشهد فيه ولي العهد ترحيبا حارا في لندن، استعدت شرطة العاصمة للاحتجاجات في الشوارع.
وبدأت الصور المتلاحقة للغارات الجوية التي أجراها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في إشعال الرأي العام ضد المملكة، مما خلق صداعا قانونيا لحلفائها.
وأوقفت عدة دول أوروبية مبيعات الأسلحة إلى المملكة، بعد توثيق الآلاف من الخسائر في صفوف المدنيين في اليمن، ودعا زعيم حزب العمل «جيرمي كوربين» بريطانيا إلى القيام بالمثل. وفي الأسبوع الماضي، بدأ أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي التصويت على سحب الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية.
وفي الوقت نفسه، عانى مجتمع المستثمرين العالمي من حملة الاعتقالات المفاجئة التي شنها ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما، والتي طالت مئات رجال الأعمال وأعضاء الأسرة المالكة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، والتي كانت ظاهريا في إطار حملة لمكافحة الفساد.
ولمحاربة الفساد وتنويع الاقتصاد، استأجرت المملكة جيشا من شركات الاستشارات الغربية، بما في ذلك العديد من الشركات البريطانية.
وتقول الرسالة التي يعممها النظام السعودي إن «بن سلمان» يحاول جعل البلاد أقل جمودا وأكثر ليبرالية.
وتشدد المملكة على تدابير من قبيل خطة رفع الحظر على قيادة المرأة في يونيو/حزيران من هذا العام.
وتعتبر القضايا الاقتصادية، وليس الموضوعات الصعبة مثل اليمن، محور الحوار المفضل.
ويقول المحللون إن ولي العهد يتخذ خطوات حقيقية على طريق التحرير الاقتصادي، حتى لو كان يقضي في طريقه على المعارضة السياسية.
ولكن صورة «بن سلمان» كمصلح تضررت إلى حد ما من خلال الكشف عن إنفاقه الشخصي، حيث أفيد بأن مشترياته الأخيرة تضمنت يختا بقيمة 500 مليون دولار، فضلا عن قلعة فرساي في فرنسا، ولوحة للفنان «ليوناردو دافنشي».
وكان موظف سابق في إحدى شركات العلاقات العامة البريطانية قد شبه المملكة بعميل لدى محامي دفاع. وقال الموظف: «عليك أن تعمل على إخراج العميل من المتاعب، وأن تعزز فكرة أن السعودية أصبحت مثل سويسرا».
الشركات البريطانية والنفوذ السعودي
وتعمل شركة «كونسولوم» على مشاريع «بن سلمان» منذ عام 2016. كما أن لديها مكاتب في البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة.
وتصف «كونسولوم» نفسها على موقعها على الإنترنت بأنها توفر «برامج الاتصالات المتطورة، التي تشكل الوعي، وتوجه الرأي العام، وتعزز التفاهم».
ويقول عاملون في صناعة العلاقات العامة إن الشركة معروفة بأنها مهنية، ولم تتأثر بالسمعة السيئة التي قضت على «بيل بوتينجر».
ولكن مثل «بيل بوتينجر»، اجتذبت «كونسولوم» عددا من الزبائن غير الجيدين. وتم انتقاد الشركة بعد أن ظهر عام 2013 أنها تعمل لصالح نظام الحكم الاستبدادي في البحرين.
ومن بين عملاء الشركة الآخرين حكومتي جيبوتي والإمارات، وليس من الواضح عدد العقود التي أبرمتها الشركة مع السعودية، ولكن من الواضح من البيانات الصحفية أنها تعمل لصالح مؤسسة «بن سمان» الخيرية، (مسك).
وتعد «مسك» مؤسسة غير ربحية تدير برامج التعليم والمهارات للشباب السعودي. كما أنها تروج لرسالة «بن سلمان» للإصلاح والتقدم على المسرح العالمي.
وبعد أسبوعين من إلقاء القبض على مئات رجال الأعمال في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، نظمت «مسك» مؤتمرا في الرياض حول التعليم و«المستقبل الرقمي».
وكان «بيل غيتس» قد تحدث في المؤتمر، على الرغم من أن شريكه السعودي الأمير «الوليد بن طلال» كان محتجزا في فندق «ريتز كارلتون» في الرياض.
ووفقا لمجلة «إنتليجنس أونلاين»، تتعامل «كونسولوم» أيضا مع شركة الصناعات العسكرية السعودية، وهي شركة مملوكة لصندوق الاستثمار العام السعودي، الذي يسعى لتعزيز صناعة الدفاع المحلية.
والشهر الماضي، كشفت شبكة «إيرين نيوز» أن إحدى الشركات البريطانية الأخرى المشاركة في جهود العلاقات العامة السعودية هي «بكفيلد غلوبال كونسيل»، وهي متخصصة في إدارة الأزمات.
وتوصل السعوديون إلى خطة إنسانية لليمن تحت الضغط المتزايد حول الوضع المأساوي هناك، وساعدت اللجنة على وضع هذه الخطة.
ومثل «كونسولوم»، فإن لدى «بكفيلد» اتصالات جيدة مع حكومة المملكة المتحدة. وكن قد انتقل إليها «وليام باركر»، المستشار الخاص السابق لوزير الخارجية «بوريس جونسون»، مباشرة من «الوايت هول»، في سبتمبر/أيلول الماضي.
وبينما كان «باركر» يعمل لصالح شركة العلاقات العامة، زار «بوريس جونسون» البلاد، ولكن «باركر» قال إنه لم ينصح وزير الخارجية أبدا بزيارة المملكة. كما قال إنه لا علاقة له بعمل «بكفيلد» للسعودية.
الرأي العام الدولي
ويستهدف عمل بعض شركات العلاقات العامة الجمهور المحلي، ولكن الرأي العام الدولي يكتسي أهمية متزايدة لدى السعوديين. وكانوا ينفقون على شركات الضغط والاستشارات لأعوام عديدة، ولكن المراقبين يقولون إنه قد تم تعزيز هذا الجهد مع صعود «محمد بن سلمان». والذي بدأ الاهتمام بهذا الملف عام 2015، عندما تولى والده العرش، وطور ذلك في يونيو/حزيران عام 2017، عندما أصبح وليا للعهد.
ووفقا لمحلل مقرب من الدوائر السعودية، قرر السعوديون منتصف عام 2016 أن يكونوا أكثر نشاطا في التأثير على الرأي العام، وليس فقط صنع القرار.
وقال المحلل: «لقد كانوا يعتقدون أن علاقتهم بالولايات المتحدة صلبة ولا تحتاج للعلاقات العامة. ثم أدركوا أن هناك لعبة يجب أن تُلعب. ومنذ ذلك الحين، تم تسجيل عشرات العقود السعودية الجديدة للعلاقات العامة مع الجهات الأمريكية، تقدر قيمتها بملايين الدولارات».
واتخذت الضغوط للتأثير على الحوار العالمي أشكالا أخرى. وفي عام 2017، أنشأت وزارة الثقافة السعودية «مركزا للاتصال الدولي» بهدف «تسهيل العلاقات مع مجتمع الإعلام العالمي»، الأمر الذي جلب المزيد من الصحفيين الأجانب إلى الرياض.
الحرب في اليمن
لكن الأزمة الأكثر صعوبة من برنامج مكافحة الفساد هي الحرب في اليمن. وتسبب تدخل التحالف الخليجي بقيادة السعودية عام 2015 في تفاقم أزمة اليمن، ومع استمرار قصف الطائرات الحربية التابعة لقوات التحالف، والحصار البحري الفعلي على البلاد، تسبب ذلك في معاناة كبيرة لليمنيين، وجعل الأمر أكثر صعوبة للسيطرة عليه، فضلا عن تفشي وباء الكوليرا الذي أصاب ملايين اليمنيين.
ورغم أهداف التحالف الجيدة أمام المجتمع الدولي، بالرغبة في دحر الحوثيين واحتواء نفوذ إيران، كان الدليل على انتهاكات التحالف الذي تقوده السعودية صارخ وقوي.
وعندما حققت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة في 10 غارات جوية شنها التحالف على المناطق المدنية عام 2017، وجدوا أنها تسببت في 157 حالة وفاة.
وكان لدى السعوديين استراتيجيات مختلفة لإدارة العلاقات العامة بشأن الصورة السلبية في اليمن. وفي عام 2016، أشار الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» إلى أنهم هددوا بسحب التمويل الإنساني إذا لم يتم إخراجهم من القائمة السنوية لمنتهكي حقوق الطفل.
والصيف الماضي، قبل رحلة ترامب إلى الرياض، عممت شركات الضغط الأمريكية «نشرات» عن الحرب في اليمن، والتي أكدت على مدى حرص السعوديين على دقة الاستهداف لعدم قتل المدنيين.
وخلص فريق خبراء الأمم المتحدة إلى النقيض من ذلك، إلى أن «الإجراءات التي اتخذها التحالف بقيادة السعودية في عملية الاستهداف للحد من الخسائر في الأطفال - إن وجدت - ما زالت غير فعالة إلى حد كبير».
ولا تزال الرهانات بالنسبة للسعوديين في معركة العلاقات العامة هذه مرتفعة. وذهبت ألمانيا والنرويج وهولندا بالفعل إلى تعليق مبيعات الأسلحة إلى التحالف الذي تقوده السعودية، بسبب الحرب اليمنية، ويمكن للمملكة المتحدة أن تتبعهم إذا تم انتخاب حزب العمل.
كما أن الوضع الإنساني في اليمن، حيث يعيش 8 ملايين شخص الآن على شفا المجاعة، فرض ضغوطا على السعوديين. وفي حين قد يحصل الحوثيون على جزء كبير من اللوم، فإن تقييد الرياض الحاد لحركة البضائع الواردة إلى اليمن، والتي تعتمد حاليا على الواردات في كل شيء تقريبا، يسهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية، بل ونقصها الحاد في البلاد.
وعندما حجب السعوديون حتى الإمدادات الإنسانية من الوصول إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، رد الحوثيون بهجوم صاروخي على المملكة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، الأمر الذي أثار رد فعل دوليا قويا. وحتى أن حليف قوي مثل الرئيس «دونالد ترامب» دعا إلى إنهاء الحصار.
غير أن العاملين في المجال الإنساني يقولون إنهم لاحظوا جهدا كبيرا لتغيير السرد المتعلق بالحالة الإنسانية. أولا، سمح السعوديون بإعادة دخول الإمدادات الإنسانية عبر «الحديدة»، ثم أعلنوا أنهم سيودعون 2 مليار دولار في البنك المركزي اليمني، ثم في فبراير/شباط عام 2018، أطلقوا خطة عمل إنسانية واسعة النطاق في اليمن، شملت ضخ المزيد من الأموال. وتم الإعلان عن الخطة في فندق 5 نجوم في الرياض، حيث تم تقديم مجموعة متنوعة من «الكعك».
ورحب العاملون في المجال الإنساني بضخ الأموال الجديدة، على افتراض وصولها، وتخفيف بعض القيود المفروضة على ميناء الحديدة، ولكنهم قالوا إن المشكلة الأساسية المتمثلة في عرقلة مرور السلع الأساسية إلى اليمن لم يتم علاجها بعد. ووصفت لجنة الإنقاذ الدولية، التابعة للمنظمات غير الحكومية، الخطة بأنها «تكتيك حرب».
وقالت «سوزي فان ميجن»، من المجلس النرويجي للاجئين: «سيكون من الخطأ الجسيم للمانحين التفكير في أن هذا التمويل يكفي اليمن، والأسوأ من ذلك أن يخطئ المجتمع الدولي بقبول مبادرة إنسانية معزولة كرد للأضرار الناجمة عن الحرب الجارية . إن المساهمة في اليمن ليست حلا لليمن، بل يجب إيجاد حل جذري».
وقال متحدث باسم التحالف الذي تقوده السعودية إن عملياتهم الإنسانية «حاسمة للتخفيف من المعاناة التي يسببها الحوثيون المدعومون من إيران».
وأضاف: «يعد الاستثمار في مشاريع البنية التحتية طويلة الأجل هدفا دائما لدعم وتعزيز الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن».
وعلى الرغم من عدم اليقين بشأن الخطة، تقع السعودية الآن تحت ضغط أقل للقيام بشيء ما بشأن معاناة اليمن مما كان عليه من قبل. وفي الواقع، أشاد مشروع بيان لمجلس الأمن قدمته المملكة المتحدة في فبراير/شباط بالجهود الإنسانية السعودية.
ومع ذلك، وصف وزير التنمية الدولية السابق «أندرو ميتشل» مؤخرا الخطة الإنسانية السعودية لليمن بأنها ممارسة ساخرة للعلاقات العامة».
وقال إنه يرحب بزيارة ولي العهد والإصلاحات التي أدخلها في السعودية، و«لشركات العلاقات العامة البريطانية الحق الكامل في الحصول على الريالات السعودية».
إلا أنه أضاف أن وسائل الإعلام البريطانية «لا يجب أن تنحرف عن ضرورة محاسبة الحكومة السعودية».
وأكد على أن وسائل الإعلام يجب أن تستمر في كشف «الانتهاكات الكارثية والواضحة للقانون الإنساني الدولي في اليمن».
الحاجة البريطانية
وتساعد بعض الضغوط خارج السعودية في جعل رئيسة الوزراء «تيريزا ماي» في موقف أقل حرجا مع وصول «محمد بن سلمان» إلى المملكة المتحدة.
وقبل أسبوع من الزيارة، قدم وزير الخارجية - الذي سبق له أن اتهم علنا السعوديين بإثارة حروب بالوكالة في الشرق الأوسط - بنفسه تكريما لولي العهد في صحيفة «التايمز»، والتي لم يذكر فيه اليمن، وقد تكون رسالته قد كتبت من قبل إحدى شركات العلاقات العامة السعودية.
وتضاعف «داونينج ستريت» علاقاتها التجارية مع السعودية. وقال دبلوماسي سابق إن استراتيجية التقارب مع دول الخليج الغنية بالموارد «تسارعت» نتيجة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال الدبلوماسي: «يتعلق الأمر بدخول دول الخليج للاستثمار في أصول المملكة المتحدة، ومشاريع البنية التحتية، والاستفادة من العلاقة لدعم الشركات البريطانية».
ويرى «بيتر ساليسبري»، وهو زميل بارز في الاستشارات في معهد «شاثام هاوس»، أن العلاقات العامة تجدي بالنسبة للسعودية، مشيرا إلى جملة أمور منها الاستراتيجية الناجحة لجلب المزيد من الصحفيين الأجانب إلى البلاد. وظهرت أعمدة حديثة في كل من صحيفة «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» تروج لفضائل «بن سلمان».
ويقول «ساليسبري» إن السعوديين أداروا «خطة ذكية وفعالة للتأكيد على أن السرد القائل بأن السعودية مكان محافظ وصارم لم يكن أبدا القصة بأكملها.
وتمكنت المملكة حقا من تحويل ذلك إلى سرد حول أن السعودية دولة إصلاح، في ظل قيادة ديناميكية مثيرة شابة، تشترك في كثير من القيم الليبرالية مع الغرب».