ملفات » الطريف إلى العرش

قنبلة بن سلمان النووية .. متى؟

في 2018/03/20

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-

وأخيراً ستطوّر المملكة السعودية سلاحاً نووياً، ولن تكون إيران الوحيدة في المنطقة التي قد تمتلك هذا النوع من السلاح المدمّر، وسنكون قادرين على الدفاع عن حدودنا وثرواتنا، وعن مستقبلنا الذي ننتظر مع قدوم العام 2030، حيث تكون البلاد قد دخلت في مرحلة جديدة من التمدّن والحضارة، حيث نكون قد نجحنا في رمي الثقل الديني - الوهابي الذي طالما أرهق ثقافتنا، وننطلق في ثقافة الغرب المتقدّمة نحو حياة أفضل تتساوى فيها النساء مع الرجال في كل شيء، لا بل ستكون نساؤنا متحررات، ليس فقط في قيادة السيارات وارتياد الأماكن العامة والمشاركة في النشاطات المختلفة، وسنمضي في تحصيل حقوقها المهدورة، حتى في لباسهن الذي لن يعود مقيّداً بالعباءة السوداء التي طبعت صورة قاتمة عن النظرة إلى المرأة في السعودية.

قنبلة نووية من باكستان

هذه هي خلاصة الخطاب الجديد الذي تقدم به ولي العهد محمد بن سلمان إلى العالم عشية جولته الأمريكية وزيارته واشنطن في مقابلة مع قناة CBS الأمريكية، وهو خطاب يجدّد في أدبياته وتفاصيله، ما كان أعلن عنه قبل أشهر حول التغييرات الثورية والتبدلات الجذرية التي ينوي القيام بها لتشكيل نيو - سعودية، قادرة على مواكبة تحديات العصر، وهي تحديات لا تتوقف فقط عند تعديل مفهوم الدولة لدى قادة المملكة بل لا بد بالضرورة من أن يتعداه ليكون نهجاً جديداً لدى عامة الشعب السعودية المتعطش للحرية، بعد أن قاسى ألوان التخلّف والاضطهاد منذ العام 1979.

لم يصدر بيان قاطع من الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول امتلاك إيران قنبلة نووية، وإيران نفسها تؤكد أنها تعمل فقط على الاستفادة من الطاقة النووية السلمية في مشاريع اقتصادية وصناعية، وتعتمد على خبرات مهندسيها وعلمائها الإيرانيين، ولكن الأمر ليس متعلّقاً باحتمال امتلاك إيران قنبلة نووية، فالمملكة تعمل منذ الثمانينات على امتلاك سلاح نووي من خلال تمويل مشاريع باكستانية، والاعتماد على القدرات الأوروبية والأمريكية في هذا الصدد، وها هو ولي العهد يجدّد إعلان هذا المسعى اليوم، ويتقاطع ذلك مع تأكيد عاموس يادلين، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، أمام مؤتمر في السويد عام 2013، أنه في حال حصول إيران على القنبلة النووية، "فإن السعوديين لن ينتظروا شهرًا واحدًا، وسيذهبون إلى باكستان وسيحصلون على ما يريدونه، وهم دفعوا ثمن القنبلة بالفعل".

إيران عدو السعودية وليس إسرائيل

ليس سراً أن "إسرائيل"، التي ترفض التوقيع على معاهدة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، هي في الواقع عبارة عن ترسانة نووية، ولكن الأولوية لدى المملكة السعودية هي في الحذر من إيران التي تعمل على نشر فكر التشيّع في المنطقة العربية والإسلامية، في حين أن "إسرائيل" تقف اليوم من العرب ومن المملكة خصوصاً موقف الحليف، كما أن المشاريع المستقبلية في السعودية ستكون مضمونة الاستثمار في المنظور الاقتصادي الأمريكي، وبالتالي فإن الواقعية السياسية تقتضي من السعودية مراعاة مصالح أمريكا وإسرائيل والوقوف معهما في الخط المعادي لإيران، وفي مواجهة الحركات الإسلامية المتطرّفة أمثال الأخوان المسلمين وحماس وغيرهما، فقد آن الأوان لتقديم السعودية بمظهر جديد لا ينفر منه الغرب، بل يشكّل نقطة استقطاب سياحية واقتصادية وتجارية على غرار ما هو حاصل في الإمارات العربية والخليج بشكل عام.

وأمام ذلك يمكن أن نستشرف الوجه الجديد للسعودية الجديدة، ولا نستغرب في يوم من الأيام أن تتخلى عن النظام الملكي في الحكم وصولاً إلى اعتماد النظام الديمقراطي، ولكن مع ضمان الحفاظ على صمام الأمان للتغيير الثوري، الذي يتمثل في ولي العهد محمد بن سلمان، فهذا الشاب الثلاثيني وفق النظرة الأمريكية هو القادر حالياً على التماهي مع سياسة واشنطن ليس في ظل إدارة ترامب فقط بل في ظل أي إدارة جديدة، لأن ما يعمل على تأسيسه الآن يتناغم بشكل وبآخر مع الرؤية الاستراتيجية الغربية التي تضمن اندماج السعودية في النظام الدولي الجديد والتي تأخذ "إسرائيل" فيه دوراً محورياً.

من يجرؤ على إطلاق القنبلة؟

إن ما يأخذه محمد بن سلمان على عاتقه من مهام عظيمة تجعل منه رجل المرحلة في التفكير الغربي لصورة المنطقة، ولكن هذا الأمر يصطدم بعقدة إيران وحزب الله وحركات المقاومة وما يسمّى بـ "دول محور الممانعة" وهناك أيضاً الكثير من الملفات العالقة التي تحتاج إلى حسم، وتشكل ثقلاً كبيراً على السعودية، بدءاً من قطر مروراً باليمن وصولاً إلى استيعاب العراق ومعالجة الوضع في سوريا، والتهديد بالقنبلة النووية ما هو إلا مؤشر لبداية الطريق في تشكيل سعودية قوية، ولكن يبقى السؤال: إذا تدهورت الأوضاع وأصبحت الرياض في مرمى نار حرب إقليمية تتداخل فيها مصالح الدول الكبرى، ماذا ينفع المرأة السعودية من تغييرات ثورية وفتح مجالات التحرّر؟ وهل سيكون لدى المملكة وقت كافٍ لفتح مخازنها الحربية فقط؟ وهل سيكون هناك وقت كافٍ لاتخاذ قرار بنقل القنبلة النووية من باكستان إلى السعودية؟ وهل سيكون هناك قدرة على إيجاد مكان لتنطلق منها هذه القنبلة باتجاه هدفها؟ ومن الذي سيكون لديه الجرأة على إطلاقها؟