نيك روبرتسون - سي إن إن- ترجمة هند القديمي -
علق الكاتب الأمريكي «نيك روبرتسون» في مقال له نشرته شبكة «سي إن إن» على زيارة ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» لواشنطن متحدثا عن العلاقات التي تربط السعودية بالولايات المتحدة خلال فترة الرئيس «دونالد ترامب».
وقال في مقاله إن أحد كبار أعضاء العائلة المالكة السعودية أخبره مؤخراً أن ما يتردد في القصور الملكية هو أن الرئيس «ترامب» ينتبه عندما يتعلق الأمر بالأعمال والتجارة، وكان هذا الأمر واضحا في مايو/آيار الماضي خلال جولة «ترامب» في الخارج إلى الرياض، حيث أعلن بفخر عن صفقات أسلحة ضخمة تبلغ قيمتها أكثر من 100 مليار دولار.
وكانت رسالته منها واضحة: «أنا أفي بوعدي، وما فعلته نعمة للاقتصاد الأمريكي، ويساهم في خلق مزيد من فرص العمل للأمريكيين».
وقال فريقه للاتصالات إنه سيكون هناك عشرات الآلاف من الوظائف، وذلك بفضل الصفقات التي وقع عليها «ترامب» في السعودية.
وخلال هذا الأسبوع، رد ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» الذي وصفه بقائد السعودية المنتظر، الزيارة لـ«ترامب» الذي كان ينتظره بحرارة.
وجلس «ترامب» جنبا إلى جنب مع ولي العهد في المكتب البيضاوي واستعرض صفقات الأسلحة التي عقدتها واشنطن مع الرياض، واصفا إحدى الصفقات التي بلغت قيمتها 525 مليون دولار بأنها مجرد حبات فول سوداني.
ولم يبد «بن سلمان» ارتياحا لما يفعله الرئيس الأمريكي، الذي أكد بانتهاء حساباته أن مجموع هذه الصفقات سيوفر أكثر من 40 ألف وظيفة، قبل أن يروج لصفقات تصل قيمتها إلى 700 مليار دولار العام المقبل.
ولم يتوقع «بن سلمان» أن يعرض «ترامب» بهذه الطريقة صفقات تتخطى عشرات المليارات من الدولارات؛ فلم تكن هذه خطته من زيارة أمريكا، فهدفه كان تغيير النظرة العالمية للمملكة وإقناع العالم أنها تحوّلت إلى نظام أكثر قبولا وانفتاحا، وأنه يشرع بالفعل في إجراء إصلاحات اجتماعية واقتصادية ستبهر العالم؛ مثل تمكين المرأة وتوظيف العاطلين والعمل على جعل السعودية مكانا أفضل للأعمال التجارية، وتحويل اقتصادها من الاعتماد على النفط إلى تنويع مصادر دخل المملكة، والاعتماد على القطاعات الترفيهية.
وبحسب كاتب المقال ففي وقت لاحق، قال له مصدر على علم بالاجتماع إن «محمد بن سلمان» شعر بالإهانة من «ترامب».
وكانت زيارته للندن قبل أسبوعين بمثابة رحلة تجريبية قبل زيارة أمريكا، وأنفق ولي العهد السعودي 1.4 مليون دولار على الدعاية التي رافقته؛ سواء إعلانات تليفزيونية أو لوحات في الشوارع، مكتوب عليها أن السعودية بدأت في الانفتاح على العالم.
وفي لقاءات للكاتب، وصف مسؤولون سعوديون «بن سلمان» بأنه «دينامو بشري» يحاول استغلال نقاط قوة المملكة، مع توقعات بنتائج مرتفعة.
وتمثل جدول أعماله في زيارته لأمريكا في الاتفاق على المفاعلات النووية في مجال الاستخدامات السلمية ومحاولة إقناعها بضرورة التخلي عن شرط المعيار الذهبي، والاتفاق على تدريب جيل من المهندسين التقنيين وإمدادهم بخبرات لتشغيلها؛ فالمفاعلات النووية جزء من رؤيته 2030.
لكن، ما لا يستطيع «بن سلمان» السيطرة عليه أنه محاط بالماضي السعودي السيئ، وكذلك الحاضر.
وأبرز الأسئلة التي طرحت عليه في زيارته للندن: كم من الوقت سيستغرق لتغيير صورة المملكة وتحسينها؟ وتساءل نائب داخل مجلس العموم البريطاني عن دور السعودية في أزمة اليمن والمعاناة الإنسانية، وما إذا كان ينبغي على الحكومة استضافة «بن سلمان».
كما ساهمت حملة القمع الأخيرة بحق أمراء ورجال أعمال ومفكرين في تعطيل أهدافه هناك أيضا، ويقول مسؤولون أمريكيون إن ما فعله «ابن سلمان» واستيلاءه على 100 مليار دولار من رجال الأعمال المحتجزين كان الأكثر بروزا في زياراته الخارجية وحددت رؤية العالم إليه؛ وهي الحملة التي فشلت في تعزيز سلطته، وساهمت وفاة معتقل في ترسيخ هذه الصورة السلبية، وأثارت تخوفات لدى المستثمرين المحتملين؛ فبدلًا من تعزيز صورته وحكمه انقلبت عليه.
كره إيران
ولكن قبل مغادرته العاصمة الأمريكية عليه أن يحادث «ترامب» مرة أخرى حول الخطوات التي يجب اتخاذها بحق إيران.
ومما لاشك فيه فإن «بن سلمان» ومعظم السعوديين يعجبهم خطاب «ترامب» المناهض لإيران، وهو بالنسبة لهم رئيس أمريكي أكثر تناغما مع مصالحهم أكثر من الرئيس السابق «باراك أوباما».
ويقرأ الزعيمان تصرفات إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن وخارجها كتهديد للاستقرار الإقليمي، وتحدث كلاهما بصراحة عن الحد من النفوذ العسكري الإيراني المتنامي.
ويتماشى كره «ترامب» للاتفاق النووي الذي أبرمه «أوباما» مع إيران مع آراء «بن سلمان».
وفي مقابلة أجرتها معها شبكة «سي بي إس» التليفزيونية 60 دقيقة في الآونة الأخيرة، قال «بن سلمان» إنه إذا طورت إيران سلاحا نوويا، فإن المملكة العربية السعودية ستقوم بالخطوة نفسها.
هذا الأمر أكده «خالد بن سلمان» السفير السعودي لدى واشنطن في تصريحات تليفزيونية مع وسائل إعلام أمريكية حيث قال: «سنقوم بكل ما يلزم لحماية مواطنينا وشعبنا وبلدنا».
وقد يقترب «بن سلمان» وشقيقه مما يريدونه فيما يتعلق بإيران، وفي هذا الأسبوع أقال «ترامب» وزير خارجيته «ريكس تيلرسون» الذي كان يعتبره مكبحا لجهد الرئيس للخروج من الصفقة الإيرانية.
وأشار الكاتب إلى أن مقالا في صحيفة «نيويورك تايمز» وصف تحقيقاً يشير إلى أن المملكة العربية السعودية سعت إلى شراء النفوذ في البيت الأبيض، فإذا كان هذا الأمر صحيحاً سيكون غير قانوني، وحتى الآن لم يعلق البيت الأبيض بعد.
وأضاف الكاتب: «لقد دفعني ذلك إلى إعادة النظر بدقة في ما كان يقصده أحد أفراد العائلة المالكة السعودية عندما أخبرني عن قراءته لترامب.. هل كان يعني حقا أنهم رأوا في ترامب رئيسا مستعدا لمقايضة السياسة الخارجية الأمريكية مقابل بضعة دولارات، ربما على حساب مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة؟».