ملفات » الطريف إلى العرش

هل يشير الخطاب «الوردي» لولي العهد السعودي إلى تغيير حقيقي؟

في 2018/04/09

تسفي برئيل - هآرتس-

علق «تسفي برئيل» معلق الشؤون العربية في صحيفة هآرتس العبرية على الجدل الكبير الذي أثارته تصريحات ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان». مؤكدا أنه أخيرا بعد أكثر من قرن على «وعد بلفور»، قام عضو بارز في العائلة المالكة السعودية بالاعتراف بحقوق اليهود في دولة، في كلمات تشبه تقريبا بيان وزير الخارجية البريطاني عام 1917.

وفي مقابلة مطولة مع «جيفري غولدبيرغ» من صحيفة «ذي أتلانتيك»، نشرت الأسبوع الماضي، قال الأمير «محمد» إن كلا من «الفلسطينيين والإسرائيليين لديهم الحق في الحصول على أرض خاصة بهم».

لكن «تسفي برئيل» يرى أن كلمات ولي العهد لا تتضمن الاعتراف بالدولة الإسرائيلية الحالية، بل حق الإسرائيليين في امتلاك أرض، وحق الفلسطينيين أن يكون لهم أرض كذلك.

وبعبارة أخرى، وفقا لـ«برئيل»، فإنه في كل تعليقات الأمير، فإنه لا يستخدم كلمة «دولة» بل يستخدم بالأحرى «الأرض» و«الشعب»، لافتا النظر إلى الاختلاف بين تصريحات ولي العهد السودي وبين المبادرة السعودية، التي أصبحت مبادرة السلام العربية عام 2002، والتي تضمنت إشارات مقاربة.

وتوضح تلك المبادرة، من بين أمور أخرى، أنه في مقابل انسحاب عام من جميع الأراضي (بما في ذلك مرتفعات الجولان)، تلتزم الدول العربية بالتوقيع على اتفاقية سلام مع (إسرائيل) وتطبيع العلاقات معها، ويتم صياغة اتفاقات السلام مع الدول المعترف بها؛ أي أن الدول العربية التي اعترفت بوجود (إسرائيل) في ذلك الوقت، وليس فقط بحق (إسرائيل) في الوجود.

ويؤكد «برئيل» على الاختلاف صنع السلام والاعتراف بالبلاد نفس الشيء، فـ(إسرائيل) تعترف بوجود العديد من الدول، لكن ليس لديها اتفاقيات سلام مع جميع الدول، على حد قوله.

وفي نفس الوقت، لم يوجه أحد السؤال لـ«بن سلمان»، وبالتالي لم يشارك أفكاره، حول ما يشار إليه عادة باسم «صفقة القرن» التي «تطبخها» إدارة «ترامب».

ويتساءل «برئيل» بالقول: هل لا يزال ولي العهد السعودي يصر على انسحاب (إسرائيل) الكامل من جميع الأراضي، كما طالبت المبادرة العربية؟ وهل تسمح السعودية بتغييرات في الاتفاقية؟ وهل سيكون الأمير على استعداد للاعتراف بالقدس الغربية كعاصمة لـ(إسرائيل)؟ وهل لديه رأي حول حدود 1967؟

قد لا تكون هذه الأسئلة قد طرحت في المقابلة لأنه تم الاتفاق مسبقا على عدم طرحها، ومن ناحية أخرى، فقد تم نشر تقارير التعاون الأمني ​​بين المملكة العربية السعودية و(إسرائيل) بشكل علني، وقد التقى مسؤولون إسرائيليون كبار مع ممثلين سعوديين.

وفي ضوء ذلك، وكما يعترف ولي العهد نفسه، عندما يكون للبلدين مصالح مشتركة، تكون طبيعة التعاون بين البلدين على أساس العداء المشترك تجاه إيران، ويبدو أن المملكة ليست لديها مشكلة في التعاون مع (إسرائيل) حتى من دون توقيع معاهدة سلام معها.

مصالح مشتركة

وفي المقابلة التي جرت في «ذي أتلانتيك»، قال ولي العهد: «أعتقد أن المرشد الأعلى الإيراني إذا ما قورن بـ(هتلر)، يبدو (هتلر) شخصا جيد، فلم يفعل (هتلر) ما يحاول المرشد الأعلى القيام به، فقد حاول (هتلر) التغلب على أوروبا، لكن المرشد الأعلى يحاول غزو العالم».

ويرى المعلق العبري أنه سيكون من دواعي سرور (إسرائيل) المقارنة بين المرشد الأعلى الإيراني و«هتلر»، منوها أن «إسرائيل» قد غفرت كذلك للأمير «نسيان» ذكر «الهولوكوست» كجزء من المقارنة، على حد قوله.

ويتساءل «تسفي برئيل» من جديد عن قيمة المصلحة المشتركة السعودية الإسرائيلية فيما يتعلق بإيران، ويرى أن هذا الإعلان الذي يداعب مصالح (إسرائيل) ينطوي على رغبة في تأمين موافقتها على إطلاق السعودية لبرنامجها النووي.

وفقا للصحيفة العبرية، فإن الجزء المقلق من المقابلة مع «محمد بن سلمان» يكمن في الطريقة التي يصف بها الواقع في المملكة، حين أنكر وجود الوهابية وتحدث كما لو أن الأقلية الشيعية تعيش بسلام في المملكة العربية السعودية، على الرغم من أن المملكة في الواقع تضطهد الشيعة بالكامل، وكما لو أنه لا يوجد سبب للمطالبة بأن تلتزم المملكة بالقيم الغربية، لأن تكساس وكاليفورنيا لا تشتركان في نفس القيم.

ويرى «برئيل» أن قيمة الأمير السعودي بمدى معرفته بالتاريخ أو بإنجازاته على جبهة حقوق الإنسان، حيث إن مهاراته الدبلوماسية واستراتيجيته للتنمية الاقتصادية في بلاده هي التي ستحدد مستقبل المملكة، وحتى الآن، من الصعب تحديد إنجاز دبلوماسي حقيقي له، فضلا عن إخفاقه في الحرب الفاشلة مع اليمن التي لا يريد أن يتحدث عنها، ولا عن محاولاته لإقامة نظام جديد في لبنان.

وقد انسحب ولي العهد من سوريا، وأوضح حتى أن الرئيس السوري «بشار الأسد» باق في منصبه، في مقابل وجهات النظر التقليدية للمملكة في هذا الشأن، وحتى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يشهد أي تورط سعودي على الإطلاق.

ولا تزال رؤية ولي العهد لتنويع مصادر الدخل في المملكة وتقليل اعتمادها على النفط، كما هو مطلوب في «رؤية 2030»، تنتظر الدليل على النجاخ، في حين أنه في الوقت نفسه يجب عليه التعامل مع عجز الموازنة الناجم عن انخفاض أسعار النفط والنفقات الضخمة في الحرب في اليمن.

ويختتم «برئيل» بالتأكيد أن أي شخص يرى تصريحات «بن سلمان» كعلامة على أن العلم الإسرائيلي سوف «يرفرف» قريبا في الرياض، يجب أن يتأكد أولا ما إذا كان لدى السعودية بالفعل شريك في (إسرائيل).