الخليج أونلاين-
تواصل السعودية سعيها لتمرير تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي أقرّ ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، مؤخراً، بحقّها في الأرض والوجود، مخالفاً بذلك قناعات عربية وإسلامية بل وسعودية ترفض الاعتراف بهذه "الدولة" منذ إعلانها عام 1947.
وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أطلّ عبر صحيفة "إيلاف" السعودية، وهو ثالث مسؤول إسرائيلي رفيع تباهى بوجود "حوار بنّاء وتفاهم تامّ" مع دول عربية وحكومة الاحتلال حول قضايا المنطقة المفصلية.
وأجرت الصحيفة حواراً مع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، ونشرته الخميس 26 أبريل 2018، تطرّق فيه للعلاقات بالدول العربية، قائلاً إن هناك حواراً "هادئاً ومعمّقاً" مع دول عربية -رفض تسميتها- "والأمور تسير في الاتجاه الصحيح، وثمة تفاهم على نحو 75% من الأمور".
وعند سؤاله إن كان ما يجري في السعودية يسير بهذا الاتجاه قال: "نعم هناك بوادر، وأقول لكل الدول العربية: تعالوا معنا مع بلاد المبادرات (ستارت أب)، مع التقنيات والهاي-تك، ومع الموارد من عندكم والقوة الاقتصادية، فمعاً يمكننا إحداث تغيير جذري في الشرق الأوسط والعالم".
إلا أنه أكّد أن هذا التفاهم يتم مع مسؤولي الدول، قائلاً: "مع القيادة الحديث سهل، ولكن الأمور معقّدة بين الشعوب".
وحذر ليبرمان من أن "أوروبا تخطئ مرة أخرى. في الماضي أخطأ الأوروبيون عندما أبرموا اتفاق ميونيخ عام 1938 مع ألمانيا، ومن ثم كلنا يعرف ما حصل وكيف غرّر بهم هتلر، بعدها أرادوا الحديث معه والمفاوضات إلا أن ذلك كان خطأ فادحاً، وكلنا نعرف الثمن الذي دفعه العالم آنذاك، أرى أنهم يرتكبون نفس الخطأ، فإيران من دون اتفاق ومع اتفاق لن تلتزم".
وعند سؤال "إيلاف" ليبرمان ما إن كان هذا الكلام مطابقاً لما قاله ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مؤخراً، للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال: "يبدو أن هناك توارد أفكار".
توارد الأفكار بين ليبرمان وبن سلمان عكسه كلام الأخير في المقابلات الصحفية التي أجراها مع وسائل الإعلام الأمريكية، في مارس الماضي، خصوصاً لصحيفة "تايم"، حيث قال حينها: "إن إسرائيل تشكّل اقتصاداً كبيراً مقارنة بحجمها، كما أن اقتصادها متنامٍ".
وأضاف في تصريحات مؤخراً: "لعل هناك الكثير من المصالح الاقتصادية المحتملة التي قد نتشاركها مع إسرائيل، ومتى كان هناك سلام مُنصف فحينها سيكون هناك مصالح بين تل أبيب ودول مجلس التعاون الخليجي ودول كمصر والأردن".
وبينما كانت قوات الاحتلال تقتل الفلسطينيين المشاركين في مسيرة العودة الكبرى، قال بن سلمان لمجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، يوم 2 أبريل 2018: إن "الشعب اليهودي له الحق في العيش بدولة قومية أو في جزء من موطن أجداده على الأقل، وإن كل شعب بأي مكان له الحق في العيش بسلام".
هذه التطوّرات في العلاقات بين الرياض وتل أبيب تأتي أيضاً في ظل فتح السعودية أجواءها أمام شركات طيران تتجه في رحلاتها إلى تل أبيب، في سابقة تمهّد لعلاقات اقتصادية بين الجانبين، بحسب ما يراه محللون.
وسبق أن أجرت "إيلاف" لقاء اعتُبر "الأول من نوعه لصحيفة عربية"، مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، أواخر العام الماضي.
تبرير التطبيع مع "إسرائيل" سبق أن بدأ من كُتّاب ومحللين سعوديين أيّدوا التوارد الذي أشار إليه ليبرمان، قبل أن يتطوّر إلى الإعلان الصريح، ففي مقال للكاتب السعودي مساعد العصيمي، نُشر في يونيو 2018، بصحيفة "الرياض" السعودية، تساءل عمّا إذا كان هناك "عدوّ أشد على بلادنا (السعودية) من إيران".
العصيمي، الذي يقلّل من خطر تل أبيب مقارنة بطهران، دعا إلى حسم الأولويات والتركيز على "العدو الحقيقي (في إشارة إلى إيران).. لنحكّم العقل نحو مصالحنا ونعيد تداول المسائل اقتصادياً وسياسياً (..) كي نعلم من أشد خطراً؛ إيران أو إسرائيل".
لكن هذه المواقف تضع الشارع العربي أمام تساؤل لا بد منه؛ حول إمكانية قبول المجتمع السعودي أي تقارب مع إسرائيل، التي يرى فيها الكثير من العرب عدواً.
ومنذ تأسيسها قبل 90 عاماً، لم تتّخذ مملكة آل سعود مكانتها الدولية والإقليمية من كونها أكبر منتج للنفط في العالم، وإنما استقت جزءاً لا يستهان به من النفوذ من كونها "زعيمة الإسلام السنّي" في العالم، ومهد الإسلام، ومقرّ أقدس مقدساته، ومثوى نبيه (صلى الله عليه وسلم)، وكلها أمور جعلت من معاداة "إسرائيل" عرفاً راسخاً في سياسات المملكة عبر تاريخها.
لكن التغيّرات الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة عموماً خلال السنوات السبع الماضية، والتي كان من بينها ما يمكن وصفه بالانقلاب على نظام تداول السلطة في السعودية؛ عبر صعود محمد بن سلمان إلى المنصب الثاني في قمّة هرم السلطة، استوجب أيضاً تغييرات لا تقلّ درامية على صعيد السياستين الداخلية والخارجية للمملكة.
يشار إلى أن "الخليج أونلاين" كان قد انفرد، في 9 مارس الماضي، بالكشف عن تفاصيل لقاءات سرية هي الأولى من نوعها جرت بين السعودية و"إسرائيل" في العاصمة المصرية القاهرة، مطلع مارس، وأثارت ردود أفعال فلسطينية وعربية ودولية وإسرائيلية كبيرة.