مصطفى عبد السلام- العربي الجديد-
توجّه أمريكا وفرنسا وبريطانيا ضربة إلى سورية لقتل نظام بشار الأسد مدنيين سوريين بأسلحة كيميائية، فترتفع أسعار النفط في الأسواق العالمية بسبب زيادة المخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط. والنتيجة أن السعودية هي المستفيد الأول من ارتفاع الأسعار باعتبارها أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، ويبلغ إنتاج خامها نحو 10 ملايين برميل يومياً.
تهدد أمريكا إيران بفرض عقوبات اقتصادية جديدة، وبإلغاء الاتفاق النووي الذي أبرمته دول مجموعة (5+1)، فترتفع أسعار النفط عالمياً بسبب زيادة المخاطر السياسية في المنطقة. والنتيجة تدفق مليارات الدولارات على خزينة السعودية من حصيلة الزيادة المفاجئة في الأسعار.
تدخل أمريكا في حرب تجارية شرسة مع الصين وشركائها التجاريين، مثل دول الاتحاد الأوروبي، فترتفع أسعار النفط، ثم يزيد من ارتفاعها توقعُ الأسواق اندلاع حرب عملات، خصوصاً بين واشنطن وبكين. هنا ترتفع الأسعار أكثر، وتربح السعودية أكثر من 10 دولارات إضافية في كل برميل خلال فترة قصيرة.
يُصدر «ترامب» قرارات مثيرة للجدل، ويطلق تصريحات نارية تزيد بؤر التوتر في العالم، فيزيد طلب الدول الكبرى على شراء النفط، خصوصاً الدول المستهلكة بكثافة للطاقة، مثل الصين والهند ودول شرق آسيا. هنا ترتفع الأسعار وتتدفق الأموال على أرصدة السعودية المودعة في البنوك الأمريكية.
تدعو الحكومة السعودية روسيا، عدوها في سوريا، واللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج، إلى اجتماع في مدينة جدة لبحث التنسيق في ملفات النفط، فترتفع أسعار النفط ظناً من الأسواق أن الاجتماع سيبحث تمديد الاتفاق المبرم بين منظمة أوبك وكبار المنتجين غير الأعضاء فيها، وتكون المملكة هي المستفيد الأول من هذا الاجتماع.
تهدأ أسعار النفط لتنحو إلى التراجع، فيسارع «دونالد ترامب» إلى سكب البنزين على النار ويوجه انتقادات حادة إلى منظمة أوبك، فترتفع الأسعار وتحصد الرياض مزيداً من الأموال.
يتراجع طلب المستهلكين على النفط، وتتراجع الأسعار قليلاً، فتوجه الرياض انتقادات حادة وعنيفة إلى إيران وتتهمها بممارسة الإرهاب، فتردّ طهران على الانتقادات بشكل غير مباشر عبر استهداف عناصر الحوثي ناقلات شركة «أرامكو» النفطية السعودية في البحر الأحمر. هنا تعود أسعار النفط إلى الصعود مرة أخرى، ويكون المستفيد كبار المنتجين، وفي مقدّمتهم السعودية.
تتسرب معلومات إلى وسائل الإعلام العالمية حول توسيع حكومة «ترامب» دائرة العقوبات المفروضة ضد فنزويلا بعد الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، فترتفع أسعار النفط.
يلوّح «ترامب» باستخدام القوة في ملف كوريا الشمالية، فتشتعل الأسعار لتبلغ مستويات لم تصل إليها منذ نهاية عام 2014 ولتعيد إلى الأذهان الأسعار القياسية التي سجلتها قبل نحو 4 سنوات.
إذن، السعودية هي المستفيد الأول من ارتفاع أسعار النفط، لأنها تصدّر ما يقرب من 7 ملايين برميل من أصل إنتاج يناهز 10 ملايين برميل يومياً.
وفي حال زيادة السعر بنحو 10 دولارات، فإن هذا يعني دخلاً إضافياً للمملكة يوازي 70 مليون دولار يومياً. كما أن وصول سعر النفط إلى 75 دولاراً يعني أن دخل السعودية النفطي يبلغ 525 مليون دولار يومياً، أي نحو 15.7 مليار دولار شهرياً.
السؤال، ما مصير هذه المليارات التي تتدفق على الموازنة السعودية من جرّاء الارتفاعات المتواصلة في أسعار النفط؟
طبعاً، إن جزءاً من هذه الأموال يوجّه إلى الخزانة الأمريكية، إما لإتمام صفقات أسلحة ضخمة وطائرات أو لشراء أدوات دين وسندات وأذون خزانة أمريكية، أو للإيداع في البنوك الأمريكية بسعر فائدة متدنٍ، أو توجّه إلى تمويل مشروعات عملاقة تُقام على الأراضي الأمريكية وتوفر ملايين فرص العمل للأمريكيين.
ثمة جزء من هذه الأموال يوجه إلى تمويل الحرب الطاحنة التي يشنها التحالف بقيادة السعودية ضد اليمن، وجزء آخر يذهب إلى تغطية عجز الموازنة العامة للدولة ويبلغ 52 مليار دولار للعام الحالي؟
لكن ماذا عن المليارات التي توجّه لإسعاد المواطن السعودي؟ هل يتبقى شيء لهذا المواطن الذي بات يعاني من موجة غلاء ليس من الطبيعي أن نشهدها في دولة نفطية بالغة الثراء تتجاوز إيراداتها النفطية 492 مليار ريال «تعادل 131.21 مليار دولار» في العام الجاري، 2018، بحسب تقديرات الحكومة، ولا شك في أن هذا الرقم سيرتفع أكثر مع زيادات أسعار النفط الأخيرة.