الخليج اونلاين-
أسوة برئيسه، استهل وزير الخارجية الأمريكي الجديد، مايك بومبيو، عهدته الوزارية بزيارة المملكة العربية السعودية، في أول مساعيه لحشد الصف العربي "الحليف" لمواجهة "هلال إيران الشيعي".
إيران ستكون الملف الأبرز على جدول أعمال زيارة بومبيو إلى المنطقة والتي ستشمل السعودية و"إسرائيل" والأردن.
ويشدد بومبيو على أن تهديد إيران زاد بعد الاتفاق النووي الذي وقعه الغرب معها في صيف عام 2015، ويتهم طهران صراحة بأنها طورت القدرة الصاروخية لـ"حزب الله" ضد إسرائيل، ولها مليشيات شيعية في الموصل، وتدعم الحوثيين الذين يستهدفون السعودية بصواريخ.
وبومبيو معروف بمعارضته الشديدة للاتفاق النووي مع إيران، وقد وصف طهران سابقاً بأنها "أكبر داعم للإرهاب في العالم".
وكان الرئيس دونالد ترامب قد اختار، في مايو الماضي، السعودية كأول محطة خارجية له، منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وتأتي جولة وزير الخارجية الأمريكية الجديد إلى الشرق الأوسط، بعد ثلاثة أيام فقط من توليه منصب وزير خارجية الولايات المتحدة، كما أنها تأتي قبل نحو أسبوعين من المهلة التي حددها الرئيس دونالد ترامب لاتخاذ قرار بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي الموقَّع مع إيران.
وكان بومبيو من أوائل مسؤولي إدارة ترامب الذين زاروا السعودية، في بداية عمله كمدير لوكالة المخابرات المركزية.
- عقبة الحصار
ويُعتبر بومبيو من أكثر المؤيدين لسياسة ترامب بشأن الاتفاق النووي مع إيران؛ فلقد كان من أشد الرافضين للاتفاق عام 2015 في أثناء وجوده بالكونغرس، واستخدم كل السبل الممكنة من أجل تشويه هذا الاتفاق وتقويضه، وتحدَّث عن صفقات سرية خيالية كانت إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، قد عقدتها مع إيران، وقلَّل من تكاليف أي عملية عسكرية ضدها؛ بل وشبهها بتنظيم داعش، كما سعى لإثبات أن طهران متحالفة مع تنظيم القاعدة.
يقول الوزير الجديد إنه وضع استراتيجية للتصدي لطهران، تعتمد بداية على التعاون مع الشركاء الإقليميين، خصوصاً في دول الخليج وإسرائيل وأطراف المنطقة الذين يشعرون بتهديد إيران أيضاً.
لكن هذه الشراكة لا تزال صعبة المنال في ظل إصرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر، على حصار قطر ومقاطعتها، في وقت ترى واشنطن أن حل تلك الأزمة يعد ركيزة أساسية لأي تحرك بالمنطقة.
وخلال مؤتمر صحفي له مع نظيره السعودي عادل الجبير، بالرياض، قبل توجهه إلى تل أبيب، الأحد 29 أبريل، قال بومبيو صراحة إنه أبلغ القادة السعوديين أن وحدة الخليج ضرورية ويحب تحقيقها، داعياً إياهم صراحة إلى ضرورة وضع حدٍ للأزمة الخليجية.
وتشدد واشنطن على أن إنهاء حصار قطر سيساعد على عودة الاستقرار في المنطقة والتفرغ لمواجهة إيران والتنظيمات "الإسلامية المتطرفة" التي لا يمكن مواجهتها من دون رد عربي موحد وقوي.
ويقترب حصار قطر من عامه الأول، في ظل تعنّت السعودية والإمارات وتنصّلهما من الحوار، الذي تراه الدوحة وسيلة لحل الأزمة التي بدأت في 5 يونيو الماضي.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن السعوديين كانوا يعرفون أن وزير الخارجية السابق، ريكس تيلرسون، لديه علاقات متوترة مع ترامب؛ ولذا فقد تجاهلوا وساطته، خاصة أن ترامب انحاز إلى الرياض ضد قطر في بداية الأزمة الخليجية، فيما يعد بومبيو قريباً ومتناغماً مع ترامب، الذي أعرب عن دعمه قطر، خلال زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى واشنطن في وقت سابق من أبريل الجاري.
- تحالف جديد
وبعد الرياض، سيتوجه الوزير الأمريكي الجديد إلى تل أبيب ويعقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ثم يزور بعدها الأردن.
وسيبحث بومبيو مع نتنياهو ملف الاتفاق النووي مع إيران، والوجود الإيراني في سوريا، وفقاً لصحيفة "هآرتس" العبرية.
ويؤيد بومبيو، كحال الإدارة الأمريكية، المصلحة الإسرائيلية بشدة، وقد سبق أن دعا علانية، في عام 2017، خلال توليه رئاسة الاستخبارات، إلى تقارب سعودي-إسرائيلي أكبر في المنطقة؛ لحماية المصالح المشتركة على حد وصفه؛ بل وأشاد بالتغيّر الذي طرأ على السياسة الخارجية تجاه "إسرائيل" والذي نتج عنه تقارب بين الطرفين.
ويبدو اليوم أن ما من شيء مثل محاربة إيران والجماعات "الإسلامية" الراديكالية قادر على جمع تل أبيب والرياض، خاصة أن بومبيو ينفذ استراتيجية ترامب، القائمة على دعم التقارب بين ما يُعرف بدول "الاعتدال العربي" بعيداً عن أي قضايا خلافية قد تعكر صفو أي تحالف يمكن تشكيله في هذا السياق.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أكثر من مناسبة، أن هناك تعاوناً على عدة مستويات، مع دول عربية لا يوجد بينها وبين إسرائيل اتفاقيات سلام.
وأبدى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، في مقابلة نشرها موقع "إيلاف" الإخباري السعودي الخاص في نوفمبر 2017، استعداد بلاده للتعاون الاستخباراتي مع الدول العربية "المعتدلة" لمجابهة إيران.
وتحاول إيران عن طريق الحرس الثوري الإيراني إقامة قواعد بحرية وجوية إيرانية دائمة في سوريا، والإشراف على تدريب ونشر آلاف المقاتلين من المليشيات والمرتزقة الشيعة.
كما تشير المواجهات المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل داخل العمق السوري إلى محاولة طهران توريط تل أبيب في الحرب السورية، وكانت الضربة الإسرائيلية لقاعدة التيفور السورية في أبريل 2018، التي تتخذها طهران مقراً لعملياتها، "ضربة مؤلمة" قتلت 7 من الضباط الإيرانيين هناك.
وفي سبتمبر الماضي، قال نتنياهو إن إيران تعمل ليل نهار لتحويل سوريا إلى قاعدة عسكرية تتمركز فيها، بغية استخدام سوريا ولبنان كجبهتي حرب ضد إسرائيل.
وربما تنبئ هذه التحركات والتحالفات الجديدة بدفع أطراف عسكرية جديدة لمواجهة نفوذ إيران، كفصائل المعارضة السورية، بدعم الولايات المتحدة ودول الخليج، لكن هذا الأمر مرهون بمدى قبول موسكو بهذه الخطوة، خاصة أنه ومنذ تدخُّلها عسكرياً عام 2015 إلى جانب زعيم النظام السوري، بشار الأسد، باتت إيران أكثر قوة وثقة.
إذ استطاعت قوات النظام السوري، مدعومة بمليشيات تشرف عليها إيران وبغطاء جوي روسي، استعادة مساحات هائلة كانت تحت سيطرة المعارضة.
لكن، لا بد من الإشارة إلى أن موسكو أقامت مع تل أبيب خطاً عسكرياً ساخناً؛ لتفادي إمكانية وقوع أخطاء غير مقصودة في أثناء شنِّ الطائرات الإسرائيلية غارات على شحنات الأسلحة الإيرانية التي تُنقل إلى حزب الله اللبناني، أو مقرات القواعد الإيرانية في سوريا.