ملفات » الطريف إلى العرش

السعودية في العهد الجديد.. قيود على العبادة وحرية للحفلات

في 2018/05/12

الخليج أونلاين-

قضاء شهر رمضان في مكة أمنية يرغب تحقيقها المسلمون في كل بقاع الأرض؛ فتلك أكثر مناطق العالم قدسية عندهم؛ وهو ما يشجع من يملك المقدرة على السفر على الإقامة في مكة شهراً كاملاً يقضيها في التعبد.

وفي مكة 11 ألف مسجد، كلها تتهيأ بعد صلاة العشاء في رمضان لاستقبال المعتكفين للعبادة حتى صلاة الفجر؛ ذلك ما لم تدأب عليه مكة وحدها بل جميع المساجد في البلدان الإسلامية للتعبد في الشهر الفضيل.

ولا يُمنع من دخول المسجد للاعتكاف أحد ما دام ينوي هذا، فالمسجد للمسلمين كافة، دون تمييز بين الأعراق والأجناس والفئات.

لكن الأمر لن يكون مثل السابق في مساجد أطهر بقاع الأرض وأكثرها قدسية عند المسلمين؛ فالاعتكاف منذ شهر رمضان المقبل لن يشمل غير السعوديين إلا أن يثبتوا شخصيتهم، ويبرزوا وثائقهم.

وعلى المقيمين أن يجلبوا موافقة الكفيل السعودي ليُسمح لهم بالاعتكاف وممارسة الشعائر التعبدية التي شَرّعها الدين الإسلامي!

هذا ما أكدته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية، عبر مدير فرعها بمنطقة مكة المكرمة، الشيخ علي بن سالم العبدلي.

وشدد العبدلي على المديرين والمراقبين بمتابعة المساجد والجوامع ورفع تقارير يومية عنها، ليمكن إظهارها على الوجه المطلوب، خاصة أن مكة المكرمة ومحافظاتها تشهد أعداداً كبيرة من الزوار والمعتمرين، بحسب ما ذكرت صحيفة سبق المحلية، الأحد 6 مايو 2018.

وشدد العبدلي، أيضاً، على أن يكون الإمام مسؤولاً عن الإذن للمعتكفين، والحرص على عدم وجود ما ينافي الاعتكاف، ومعرفته بالمعتكفين، ووضع سجلٍّ متكامل عنهم ومعلومات ونسخ من هوياتهم الشخصية، وطلب موافقة الكفيل المعتمد لغير السعودي؛ وذلك حتى لا يكون هناك تستُّر على المخالفين لنظام الإقامة.

تأتي هذه الخطوات في وقت تشهد المملكة انفتاحاً يقوده ولي العهد، محمد بن سلمان، يخالف ما عرفه المجتمع السعودي من عادات ظلت طوال عقود من المحرَّمات التي يصعب الاقتراب منها.

ومنذ يونيو 2017، وهو تاريخ تنصيب محمد بن سلمان ولياً للعهد، عرفت السعودية تغييرات مجتمعية كبيرة، لا سيما في ما يتعلق بحرية المرأة.

وشهدت المملكة، في الفترة الأخيرة، سلسلة قرارات بالتخلّي عن عدد من القوانين والأعراف الاجتماعية التي اعتمدتها البلاد على مدار عقود؛ أبرزها السماح للنساء بقيادة السيارة، ودخولهن ملاعب كرة القدم، ورعاية هيئة الترفيه الحفلات والمهرجانات الغنائية، مع تقييد دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأقيمت حفلات غنائية لفنانين وفنانات عرب وأجانب، توافد على حفلاتهم عدد غفير من السعوديين والمقيمين.

وكانت سلسلة التغييرات الدراماتيكية التي طالت جميع المجالات، وتجاوزت الخطوط الحمراء التي رسمتها بلاد الحرمين في خلال أقل من عام، أثارت استغراب مختلف وسائل الإعلام العالمية التي ما زالت تتحدث عن هذه التغييرات.

وانشغلت بهذه التغييرات التي زلزلت المجتمع السعودي، وحللت ما كان محرماً، العديد من الصحف العربية والغربية، لتنتقد التبدل السريع الذي سيسبب العديد من ردات الفعل، وغير المتقبل من فئة كبيرة من السعوديين.

صحيفة "نيويوك تايمز" الأمريكية قالت في مارس الماضي، إن السعودية عرفت بأنها من أكثر الأماكن تحفظاً في العالم، إذ إن الشرطة الدينية فيها كانت تفرض قوانين اجتماعية صارمة على النساء، مع ضرورة تغطية أجسادهن في أثناء وجودهن في الأماكن العامة.

وأيضاً فإن المملكة تحظر منذ سنوات طويلة إقامة أو تنظيم أي حفلات موسيقية أو مسرحية، ومن ثم فإن الترفيه والمتعة كانا شبه غائبين عن أفراد المجتمع، بحسب الصحيفة الأمريكية.

والآن تدخل السعودية عهداً جديداً؛ إذ بدأت تنتشر فيها الفرق المسرحية وتقدم عروضها، ونُظمت حفلات موسيقية، منها واحدة للموسيقي العالمي "ياني"، أقيمت في ديسمبر الماضي.

وشهدت المملكة حفلة لمغني الراب الأمريكي نيللي، أقيمت للذكور حصراً، وحفلة للفنان المصري الشاب تامر حسني.

وتتوقع الشركات الدولية التي تنظم حفلات كبار الفنانين مزيداً من الصفقات مع هيئة الترفيه السعودية؛ لإقامة مثل هذه الحفلات مستقبلاً.

كل تلك الحفلات تُعرف بأنها تشعل جواً من الصخب، يتخللها رقص الجمهور وتفاعلهم مع المغنين، وتقام في المساء لتستمر إلى وقت متأخر من الليل.

لكن ما يثير الاستغراب أنه ليس هناك أي شرط على من يريد حضور هذه الحفلات الصاخبة.

فلا يُفرض على غير السعودي أن يجلب تصريحاً من كفيله السعودي بحضور هذه الحفلات، والرقص فيها، والصراخ والتصفير والتصفيق للمغني أو المغنية إعجاباً، على خلاف من نيته التعبد وقيام الليل في مساجد مكة، وفي شهر رمضان المبارك، حيث يكون مراقباً ويفرض عليه جلب موافقة الكفيل!