وكالات-
جولة جديدة ومفاجئة من الاعتقالات شنتها السلطات السعودية مع دخول شهر رمضان، شملت عدداً من النشطاء والناشطات المنتمين للتيار الليبرالي والنسوي، كما شملت أيضاً أكاديميين وأكاديميات ومحامين سبق لهم أن ترافعوا أمام المحاكم للدفاع عن معتقلين سياسيين.
السلطات السعودية أعلنت بعد أيام من تسريبات ناشطين حول الاعتقالات، القبض على 7 أشخاص، اتهمتهم بالتواصل المشبوه مع جهات خارجية، وتجنيد أشخاص يعملون بمواقع حكومية حساسة، وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج بهدف "النيل من أمن المملكة واستقرارها".
ونقلت وكالة الأنباء السعودية، أمس الجمعة، عن المتحدث الأمني لرئاسة أمن الدولة (لم تذكر اسمه)، أن "الجهة المختصة رصدت نشاطاً منسقاً لمجموعة من الأشخاص، قاموا من خلاله بعمل منظم للتجاوز على الثوابت الدينية والوطنية".
وبيّن المتحدث الأمني أن تلك المجموعة قامت "بالتواصل المشبوه مع جهات خارجية فيما يدعم أنشطتهم، وتجنيد أشخاص يعملون بمواقع حكومية حساسة، وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وسِلمها الاجتماعي والمساس باللُّحمة الوطنية"، دون مزيد من التفاصيل.
وقال: إن "الجهة المختصة تمكنت من القبض على عناصر تلك المجموعة، والبالغ عددهم سبعة أشخاص".
حساب "موجز الأخبار" الشهير على موقع "تويتر"، والمقرب من السلطات الرسمية، كشف أن حملة الاعتقالات شنّتها السلطات في السعودية، الخميس، أول أيام الشهر الفضيل.
وبيّن الحساب أن المقبوض عليهم هم 7 أشخاص الكاتب الدكتور محمد الربيعة، والدكتور إبراهيم المديميغ، بالإضافة إلى الناشطات: لجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وإيمان النفجان، محمد الربيعة، وشخص سابع "تتطلب التحقيقات عدم الإفصاح عن اسمه حالياً".
أسماء المقبوض عليهم من قبل رئاسة أمن الدولة:
— موجز الأخبار(@KSA24) ١٩ مايو ٢٠١٨
عزيزة محمد عبدالعزيز اليوسف
لجين هذلول الهذلول
إيمان فهد محمد النفجان
ابراهيم عبدالرحمن المديميغ
محمد فهد محمد الربيعة
عبدالعزيز محمد المشعل
شخص سابع تتطلب التحقيقات عدم الإفصاح عن اسمه حاليًا
-انتقادات
وأغلق العديد من النشطاء والناشطات الحقوقيين هواتفهم، كما قاموا بحذف حساباتهم من على مواقع التواصل الاجتماعي، خوفًا من ملاحقة السلطات.
ويتوقع ناشطون أن تشمل الحملة عددًا أكبر من النشطاء، فيما لا تزال أسباب الاعتقال مجهولة حتى الآن، حيث لم تصرح أي وسيلة إعلامية رسمية بشأن ذلك حتى هذه اللحظة.
الإعلامية السعودية المقيمة في فرنسا إيمان الحمود، ذكرت في تغريدة لها أن التهم الموجهة للحقوقيين الموقوفين هو العمل على تأسيس جمعية لحماية المعنفات تسمى "آمنه"، وأنهم قد تقدموا بكل الأوراق اللازمة للدولة بهدف إشهارها بالطرق القانونية بعد ان لمسوا انفتاح الدولة مؤخراً!.
من مصادر خاصة فإن التهم الموجهة للحقوقيين الموقوفين هو العمل على تأسيس جمعية لحماية المعنفات تسمى #آمنه
— ايمان الحمود (@imankais1) ١٩ مايو ٢٠١٨
وأنهم قد تقدموا بكل الأوراق اللازمة للدولة بهدف إشهارها بالطرق القانونية بعد ان لمسوا انفتاح الدولة مؤخراً .. ولكن ‼️ #عملاء_السفارات
وقالت إحدى الناشطات لـوكالة "رويترز" طالبة عدم ذكر اسمها "خوفاً من الانتقام" إن الاعتقالات الأخيرة مرتبطة بالدفاع عن حق النساء في قيادة السيارات. وأضافت "اعتقلوهن لأنهم لا يريدون منهن، أن يقلن علنا إنهن نجحن في مساعيهن".
وسيُسمح للنساء بقيادة السيارات اعتبارا من 24 يونيو حزيران. وفتحت السلطات مدارس لتعليم القيادة استعدادا للأمر ووضعت قواعد تنظيمية جديدة وعينت ضابطات في شرطة المرور.
لكن نشطاء ومحللين يقولون إن الحكومة حريصة على عدم مكافأة عمل النشطاء المحظور في المملكة، وعازمة على عدم مقاومة الحساسية الدينية للأمر لدى المحافظين المعارضين للتحديث الجاري حالياً.
كما انتقد الصحفي السعودي المقيم في أمريكا جمال خاشقجي حملة الاعتقالات هذه قائلاً: "نفس المنطق، نفس الاقصاء، ما الفرق بين المنشورين؟".
نفس المنطق … نفس الاقصاء ، مالفرق بين المنشورين ؟
— جمال خاشقجي (@JKhashoggi) ١٩ مايو ٢٠١٨
#عملاء_السفارات pic.twitter.com/J0sNPmyfUO
كما نددت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش بحملة الإعتقالات وقالت في بيان لها: "الإصلاح الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان كان حتى الآن حملة لتخويف الإصلاحيين السعوديين الحقيقيين، ممن يتجرؤون علناً على الدفاع عن حقوق الإنسان أو تمكين المرأة" مضيفة: "الرسالة واضحة كل من يُشكك في أجندة ولي العهد سيُسجن".
وزادت ويتسن في القول: "يبدو أن الجريمة الوحيدة التي ارتكبتها الناشطات والنشطاء، هي رغبتهم في قيادة النساء السيارة قبل أن يسمح محمد بن سلمان بذلك، إذا كانوا في السجن لهذا السبب، فعلى السلطات إطلاق سراحهم فوراً".
-حملة إعلامية
الصحف السعودية في المقابل، شنت حملة شرسة على المعتقلين السبعة واصفة إياهم بـ "المخربين والخونة"، علماً أنه لم يسبق لهم أن مارسوا أي ناشط سياسي أو ديني متطرف، بل جلهم من الناشطين الاجتماعيين السلميين المعنيين بقضايا المرأة وحقوقها.
كما أطلق المغردون السعوديون وسماً تحت عنوان #عملاء_السفارات حصد 5 آلاف تغريدة في ساعاته الأولى، وتصدر الترند العالمي، هاجم من خلاله مغردون المعتقلين ووصفوهم بالعملاء للسفارات الأجنبية، مع كيل المديح للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
ومن بين أبرز المعتلقين الناشطة السعودية في شؤون المرأة لجين الهذلول، التي تطالب بإنهاء ولاية الرجل على المرأة الذي لا يُسمح بموجبها للنساء بالسفر أو الزواج أو استصدار جواز سفر من دون إذن ولي أمر ذكر، كالأب أو الزوج أو الأخ أو حتى الابن.
وسبق أن اعتقلت السلطات سابقاً الهذلول لأشهر في العام 2014، بعد أن قادت سيارتها بنفسها من أبو ظبي إلى الحدود السعودية وحاولت دخول البلاد، ثم اعتقلت لاحقاً 2017 لكن أُطلق سراحها بعد عدة أيام.
للتذكير. https://t.co/uOzTlsyu8e
— لجين هذلول الهذلول (@LoujainHathloul) ٢٨ سبتمبر ٢٠١٧
وللسلطات السعودية تاريخ طويل في قمع النشطاء والمعارضين لقيامهم بأنشطة سلمية.
وكانت السلطات السعودية قد دشنت حملة اعتقالات هي الأكبر في تاريخ البلاد في شهر سبتمبر العام الماضي، إذ استهدفت المئات من أفراد "تيار الصحوة"، أحد أكبر التيارات الدينية في البلاد، كما استهدفت شعراءً وكتاباً وأكاديميين وخبراء اقتصاديين متعاطفين مع الإسلاميين، الذي توعّد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بـ"تدميرهم".
ولم يقدم أيٌ من المعتقلين السابقين إلى المحاكم أو توضح السلطات أسباب اعتقالها لهم، ما أدى إلى انتقاد منظمات حقوق الإنسان لتصرفات النظام السعودي، وتنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية أثناء زيارة بن سلمان إلى أوروبا وللولايات المتحدة.