أحمد علي حسن - الخليج أونلاين-
معتقل آخر من حملة "ريتز كارلتون" سيرى النور قريباً، بعد 7 أشهر من المكوث في سجون السلطات السعودية، بعد أن نال نصيبه من التهم التي وزعها ولي العهد محمد بن سلمان.
فقد أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد علي، أن السلطات السعودية ستفرج "في أقرب وقت" عن رجل الأعمال الملياردير السعودي، إثيوبي الأصل، محمد حسين العمودي، المعتقل منذ نوفمبر الماضي، ضمن حملة لمكافحة "الفساد" في المملكة.
الإعلان هذا جاء عقب عودة أبي أحمد من زيارة للسعودية، قال إنه قدَّم خلالها طلباً إلى محمد بن سلمان بضرورة إطلاق سراح العمودي، فأجاب بالقبول دون تحديد موعد ذلك.
وفي نوفمبر الماضي، شنت السعودية حملة اعتقالات طالت نحو 200 من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال في فندق "ريتز كارلتون" بالرياض، وذلك في إطار ما اعتبرته الحكومة حملة ضد الفساد.
- من هو العمودي؟
رجل أعمال ثري من أصول إثيوبية، حاصل على الجنسية السعودية، وتعدُّه مجلة "فوربس" الأمريكية "أغنى رجل أَسود"، بثروة تقدَّر بأكثر من تسعة مليارات دولار، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
ويوظف العمودي أكثر من 70 ألف عامل في شركاته المنتشرة حول العالم، ويُعدُّ واحداً من أكبر ممولي سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل.
أصول العمودي تعود إلى أب يمني من حضرموت وأم إثيوبية، ولديه شركات كبيرة في العديد من دول العالم، تمتد من إثيوبيا إلى السويد ولندن، فضلاً عن السعودية.
انتقل إلى المملكة في سن المراهقة، دون أن يُعرف الكثير من التفاصيل الدقيقة عن كيفية تكوينه هذه الثروة الهائلة.
غير أنه تمكن من تكوين علاقات جيدة بالسعودية، كان أهمها مع الأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي شغل منصب وزير الدفاع وولي العهد قبل وفاته في عام 2011؛ إذ أدار أعمالاً تعتمد على أموال الأمير وموقعه، حسب قول زملائه.
العمودي حظي بشعبية كبيرة في إثيوبيا، بحسب ما تقوله صحيفة "نيويورك تايمز"، ويصوره حلفاؤه هناك بأنه رجل خيِّر وبطل للنمو الأفريقي، منوهة إلى أنه ساعد في بناء مستشفى بأديس أبابا، وموّل برامج علاج الإيدز.
لكنه دعم، منذ فترة طويلة، الجبهة الديمقراطية الشعبية الإثيوبية التي حكمت البلاد منذ أكثر من ربع قرن، الأمر الذي أغضب أنصار المعارضة.
- شرعية الاعتقال؟
والاستجابة من طرف السعودية لطلب أبي أحمد تطرح تساؤلات عن شرعية اعتقال العمودي؛ فإذا كان مداناً حقاً بتهمة الفساد التي وُجِّهت إليه، فكيف سُجن وسيطلَق سراحه دون محاكمة؟! أمّ أنه توصل إلى تسوية كباقي من أُفرج عنهم سابقاً؟
وعلى الرغم من أن العمودي لا ينتسب إلى الأسرة السعودية المالكة، فإنه نجح في نسج شبكة من العلاقات الاستثمارية التي مكَّنته من أن يكون أحد الشخصيات المهمة.
والعمودي كزملائه المعتقلين يملك ثروة طائلة تقدَّر بـ9 مليارات دولار، إلى جانب علاقاته الوطيدة بالأسرة السعودية الحاكمة، وهذان السببان كافيان لجعله واحداً من محتجزي "ريتز كارلتون".
وكَحال العمودي، فإن العشرات من معتقلي "ريتز كارلتون" أُطلِق سراحهم مقابل تسويات مالية بعد أشهر متفاوتة من الاعتقال، كان آخرها إطلاق سراح الأمير السعودي الملياردير، الوليد بن طلال.
وتمكنت السلطات السعودية، من خلال حملة الاعتقالات التي يشوبها كثير من الشكوك حول شرعيتها، من الحصول على أكثر من 100 مليار دولار من أموال المحتجَزين.
والأموال المتحصل عليها من حملة الاعتقالات تؤكد -بما لا يدع مجالاً للشك- أن الهدف منها لم يكن يستهدف الفساد بالدرجة الأولى، بدليل الإفراج عن العمودي وغيره بعد أشهر دون محاكمة.
ومما يؤكد أيضاً عدم شرعية الحملة غير المسبوقة، ما صحبها من إدانات واستنكارات لمؤسسات حقوق الإنسان الدولية بضرورة إطلاق سراح المعتقلين؛ لكونهم محتجَزين دون تهمة أو محاكمة.
وقالت "هيومان رايتس ووتش" إن الاعتقالات الجماعية التي نفذتها السعودية بحق أمراء ومسؤولين حكوميين حاليين وسابقين ورجال أعمال بارزين تثير مخاوف حقوقية؛ إذ يُحتجز بعضهم في مواقع احتجاز غير رسمية.
وطالبت المؤسسة الحقوقية الدولية السلطات السعودية، آنذاك، بالكشف فوراً عن الأساس القانوني والأدلة الضرورية لاحتجاز كل شخص، وضمان إمكانية ممارسة كل واحد منهم حقوقه القانونية الواجبة، وهو ما لم تستجب له الرياض.
وانتقدت وزارة الخارجية الأمريكية، في تقريرها السنوي الأخير، حالة حقوق الإنسان في السعودية، مؤكّدة أن اعتقالات الأمراء والدعاة في المملكة "جرت خارج القانون".
وذكر التقرير أن السلطات السعودية اعتقلت معارضين سياسيين وقادة دينيين بـ"شكل تعسّفي"، مشيراً إلى أن السلطات لم تُعقد أي محاكمات للأمراء ورجال الأعمال السعوديين المعتقلين، في حين تمّ الإفراج عن بعضهم مقابل تسويات مالية.