ملفات » الطريف إلى العرش

السعودية بين رمضانيْن.. ملاحقة لذوي القربى وظلم للجار

في 2018/06/01

أحمد علي حسن - الخليج أونلاين-

في مثل هذا الشهر الفضيل من العام الماضي، أشعلت السعودية فتيل الأزمة التي قطّعت أوصال الخليج العربي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وامتدّت دون أن يستطيع أحد إخمادها.

ليس ذلك فحسب؛ بل إن أواصر المجتمع السعودي الواحد كان لها نصيب من انتهاكات المملكة الحديثة التي أعقب ميلادها حصار قطر، تزامناً مع تولي الأمير الشاب، محمد بن سلمان، منصب ولاية عهد والده.

وفي 5 يونيو من العام 2017، والذي صادف 10 رمضان (1438 هجري)، تجاهلت السعودية والإمارات والبحرين ومصر فضائل الشهر الكريم، وأعلنت حصاراً محكماً على قطر واتّهمتها بدعم الإرهاب، وهو ما نفته الأخيرة مراراً.

ففي رمضان 2017، كان الموعد مع أبشع أزمة تعصف بمنطقة الخليج، نتج عنها حصار الرباعي العربي للدوحة، وهو ما ألقى بظلاله على المجتمع القطري الذي عانى من انتهاكات دول المقاطعة.

وفي رمضان 2018 لم يختلف الحال كثيراً؛ فملاحقة القطريين وانتهاكات حقوقهم ظلّت قائمة من قِبل السعودية، التي طالت انتهاكاتها مواطني المملكة داخلياً.

وبين الرمضانين حرّكت السعودية حربين؛ الأولى بمعيّة البحرين والإمارات ضد قطر، والثانية حرب داخلية طالت الأمراء والدعاة ونشطاء الرأي ممن يغرّدون خارج سرب الملك.

- انتهاكات بحق القطريين

عقب قطع العلاقات مع قطر طلبت السعودية من المواطنين القطريين مغادرة البلاد، الأمر الذي تسبّب بتشتيت العديد من العائلات الخليجية التي تصاهرت وتلاحمت منذ سنوات طويلة.

وعلى خلفيّة القرار منعت الدول التي أعلنت قطع علاقاتها مع دولة قطر مواطنين قطريين من التمتّع بحقوقهم القانونية، غير أن الموقف الشعبي في دول الحصار، آنذاك، كان مناهضاً لموقف الحكومات.

ومنذ بدء الأزمة الخليجية وحصار قطر إلى غاية الآن، سجّلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر آلاف الشكاوى الخاصة بانتهاك حقوق الإنسان جراء قرار المقاطعة.

وتعلّقت أغلب هذه الشكاوى بحظر سفر المواطنين ومنعهم من التنقّل والإقامة، والترحيل الإجباري للعائلات وتشتيتها وحرمان الأمهات والآباء من أبنائهم وأطفالهم.

كما اشتكى مواطنون قطريون من تضرّر شركاتهم وأعمالهم التجارية في الإمارات والسعودية والبحرين، وأصبحوا غير قادرين على التنقّل والسفر لمتابعة أعمالهم.

ومع مرور عام على الأزمة التي لم تنجح في حلّها أي وساطة بسبب تعنّت دول الحصار في فرض شروطها، لم تنقطع الانتهاكات والتضييقات على القطريين.

فها هو شهر رمضان الثاني الذي يأتي على دولة قطر وشعبها محروم من أداء مناسك الحج والعمرة، وزيارة الأقارب في السعودية والإمارات والبحرين إثر حصار هذه الدول لها، منذ يونيو الماضي.

وفي 17 مايو من العام الجاري بدأ شهر رمضان المبارك، ولا يزال الحصار مستمراً، في ظلّ فشل كل الجهود لحل الأزمة، وسط تواصل تقطيع صلات الأرحام بين العائلات الخليجية، وتضييق الخناق على المعتمرين القطريين أيضاً.

- السعودية من الداخل

وكما لم تأبه السعودية لمطالبات آلاف الأسر الخليجية، فإن انتهاكات سلطات المملكة طالت مواطنيها أيضاً، وذلك مع إظهار الرياض "وجهاً انفتاحياً" رسم ملامحه الأمير الشاب.

ويأتي رمضان هذا العام تزامناً مع تصاعد حملة اعتقالات ضد ناشطين سعوديين، سبقتها بأشهر حملة هي الأوسع في تاريخ المملكة، وذلك عقب اعتقال عشرات الأمراء والوزراء ضمن حملة عُرفت إعلامياً بـ "اعتقالات الريتز".

وقالت "هيومان رايتس ووتش" إن الاعتقالات الجماعية التي نفّذتها السعودية بحق أمراء ومسؤولين حكوميين حاليين وسابقين ورجال أعمال بارزين تثير مخاوف حقوقية؛ إذ يُحتجز بعضهم في مواقع احتجاز غير رسمية.

وطالبت المؤسسة الحقوقية الدولية السلطات السعودية، آنذاك، بالكشف فوراً عن الأساس القانوني والأدلة الضرورية لاحتجاز كل شخص، وضمان إمكانية ممارسة كل واحد منهم حقوقه القانونية الواجبة، وهو ما لم تستجب له الرياض.

وانتقدت وزارة الخارجية الأمريكية، في تقريرها السنوي الأخير، حالة حقوق الإنسان في السعودية، مؤكّدة أن اعتقالات الأمراء والدعاة في المملكة "جرت خارج القانون".

وذكر التقرير أن السلطات السعودية اعتقلت معارضين سياسيين وقادة دينيين بـ "شكل تعسّفي"، مشيراً إلى أن السلطات لم تعقد أي محاكمات للأمراء ورجال الأعمال السعوديين المعتقلين، في حين تمّ الإفراج عن بعضهم مقابل تسويات مالية.

وليس ذلك فحسب، إذ إنه منذ تغيّر الوضع بالسعودية، منذ يوليو 2017؛ بعد تولّي بن سلمان، شهدت المملكة أيضاً حملة اعتقالات طالت الدعاة والمشايخ السعوديين لأسباب بقيت حبيسة أدراج القصر الملكي.

هذا الأمر دفع سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، إلى التعليق على أوضاع حقوق الإنسان في السعودية بالقول: "يبدو أن الحكومة السعودية غارقة في محاولاتها إسكات المعارضة".

وقالت في بيان نُشر على موقع المنظمة الإلكتروني واطّلع عليه "الخليج أونلاين": "السعودية تعيد استهداف النشطاء الذين التزموا الصمت خوفاً من الانتقام، وهو ما يشكّك في مدى جدّية المملكة بشأن تغيير نهجها تجاه حقوق المرأة".

ومنذ منتصف مايو 2018، اعتقلت السعودية -على الأقل- 11 من أبرز المدافعات والمدافعين عن حقوق المرأة، أطلقت سراح عدد منهم، في حين أبقت على احتجاز "لجين الهذلول، وإيمان النفجان، وعزيزة اليوسف، ومحمد الربيع، وإبراهيم المديميغ".