سايمون هندرسون- معهد واشنطن-
في الثاني من حزيران/يونيو، أصدرت المملكة العربية السعودية سبعة وعشرين قراراً ملكياً وصفها وزير الإعلام عواد بن صالح العواد بأنها "ضمن مسيرة التحديث والنهضة التي تعيشها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان [للوصول بوطننا إلى أفضل المستويات]". وكان من بين القرارات تعيينات جديدة لمجلس الوزراء تمثلت بترقية الأفراد الذين ينظر إليهم على أنهم حلفاء ولي العهد والإبن المفضل للعاهل السعودي، البالغ من العمر 32 عاماً.
ولكن في وقت لاحق من ذلك اليوم، أصدرت "النيابة العامة" بياناً غامضاً على ما يبدو بشأن القبض "على عدد من الأشخاص في الآونة الأخيرة بعد رصد نشاط منسق لهم وعمل منظم للنيل من أمن واستقرار المملكة وسلمها الاجتماعي والمساس باللحمة الوطنية". وزُعم أن المتهمين اعترفوا بالتواصل مع أفراد ومنظمات معادين للمملكة والتعاون معهم؛ وتجنيد أشخاص في جهة حكومية حساسة للحصول منهم على معلومات ووثائق رسمية سرية للإضرار بمصالح المملكة العليا؛ وتقديم الدعم المالي والمعنوي لعناصر معادية في الخارج.
ومع ذلك، تكشف تفاصيل البيان النوايا الحقيقية وراء الاعتقالات، فقد جاء فيه: "بلغ عدد الموقوفين في هذه القضية سبعة عشر شخصاً، صدرت أوامر إفراج مؤقت بحق ثمانية متهمين من المشتبه بهم - خمس نساء وثلاثة رجال - لحين استكمال إجراءات التحقيق. ولا يزال هناك تسعة أشخاص، خمسة رجال وأربع نساء، رهن الاعتقال". وتؤكد الأوصاف الجنسية والإشارة إلى بيان صادر عن "رئاسة أمن الدولة" في 18 أيار/مايو إلى أن القضية تتعلق بـ احتجاز العديد من الناشطات في الآونة الأخيرة اللائي قمن بحملات من أجل حق المرأة في قيادة السيارة، من بين أمور أخرى. ومن المقرر منح هذا الحق ابتداءً من 24 حزيران/يونيو، بعد صدور قرار من الملك سلمان في العام الماضي.
كما تكشف التعيينات الوزارية عن حدود توسيع المساواة بين الجنسين في المملكة: فلا يوجد أي إمرأة بين الوزراء الجدد الثمانية عشر. ويمكن أن يؤدي العد التنازلي الوشيك للإصلاح في مجال قيادة المرأة للسيارة إلى المزيد من الجهود الحكومية لتحقيق التوازن بين الحق الجديد [الممنوح للنساء] مع المعارضة من قبل العناصر الاجتماعية المحافظة. وفي الأسبوع الماضي، استحدثت المملكة قانوناً يحظر التحرش الجنسي، وهو تغيير آخر قام النشطاء بحملة من أجله. وتمت معارضة التشريع سابقاً لأنه كان من شأنه أن يشجع الاختلاط بين الجنسين، ولكنه يُعتبر الآن ضرورياً لمنع الرجال من مضايقة السائقين النساء. وتشير هذه الخطوات المتغيرة إلى أن التحديث في المملكة العربية السعودية قد لا يكون مسيرة بقدر ما يكون رقصة حذرة.
كما يُلمّح التعديل الوزاري إلى الاتجاه العام الذي قد يستغرقه برنامج الإصلاح الذي تتخذه الرياض في الأشهر المقبلة، حيث يبدو أن جميع الوزراء الجدد هم من التكنوقراطيين المتوافقين مع الرؤية الاقتصادية لولي العهد. وتشمل القائمة وزير واحد فقط من أفراد العائلة المالكة، هو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وهو من الفرع الهامشي لبيت آل سعود ولكن يُنظر إليه باعتباره حليفاً وثيقاً للأمير محمد بن سلمان. وقد تم تعيينه وزيراً للثقافة، وهي حقيبة جديدة كانت في السابق جزءاً من وزارة الإعلام. وقد رافق الأمير بدر ولي العهد في رحلاته الأخيرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا. (ومن المثير للاهتمام، أنه كان أيضاً عضو العائلة المالكة الذي اشترى العام الماضي لوحة ليوناردو دافنشي "مُخلِّص العالم - Salvator Mundi" مقابل مبلغ ضخم قدره 450 مليون دولار، وهو الحدث الذي أثار جدلاً ليس فقط بسبب سعر اللوحة، ولكن أيضاً لأنها انتهت في متحف إماراتي).
وتشمل التعيينات الجديدة الأخرى أحمد الراجحي، سليل عائلة مصرفية بارزة، في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وعبداللطيف آل الشيخ، رجل دين معتدل ترأس "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (الشرطة الدينية) في عهد الملك عبد الله، في وزارة الشؤون الإسلامية. وتم تعيين الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ وزيراً جديداً للدولة. وبهذه الصفة، سينضم أيضاً إلى "مجلس الشؤون السياسية والأمنية"، وهو هيئة عليا لصنع القرار. وتشمل التعيينات المتبقية نواب وزراء جدد للداخلية والطاقة والاتصالات والنقل بالإضافة إلى قيادة جديدة لمنظمتين رئيسيتين: "مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة"، و"اللجنة الملكية للجبيل وينبع"، وهي هيئة مكلفة بالإشراف على المبادرات الاقتصادية في هاتين المدينتين الصناعيتين. كما تم الإعلان عن إنشاء هيئة ملكية جديدة لمدينة مكة المكرمة، إلى جانب هيئة جديدة لحماية المناطق التاريخية في جدة ومجلس جديد للاحتياطيات الطبيعية "لحماية الحياة البرية وتحفيز السياحة البيئية".