الخليج أونلاين-
قال الأمير السعودي المنشقّ، خالد بن فرحان آل سعود، واللاجئ في ألمانيا، إن فكرة تدويل الحج والعمرة صائبة وعادلة وتصبّ في مصلحة الإسلام، وذلك بإنشاء منظّمة أو هيئة إسلامية تُمثَّل فيها جميع الدول والمجموعات الإسلامية التي تقطن في البلدان غير المسلمة.
وبيّن أن هذه المنظّمة يجب أن تكون منفردة ومجرّدة تماماً من التدخّلات والتجاذبات السياسية من أي جهة أو بأي شكل من الأشكال، في حين تبقى الأراضي المقدّسة داخل الأراضي السعودية وتحت سيادتها.
وأكّد في الجزء الثاني من حواره مع "الخليج أونلاين" أن الأنظمة في الإمارات والبحرين رخوة وتتبع النظام السياسي في السعودية.
وفيما يلي نصّ الجزء الثاني من الحوار:
"الخليج أونلاين": ما زالت السعودية متورّطة في اليمن كما يرى كثيرون، هل تعتقد أن للإمارات دوراً في توريط المملكة؟
الإمارات لها الدور الرئيس منذ البداية في مدّ جسور التعاون والخسّة بين الكيان الصهيوني والأمير محمد بن سلمان، ودورها كان بارزاً في دعمه لكي يصبح وليّاً للعهد في المملكة، ولها دورها الرئيس في طرح فكرة الحرب الظالمة على اليمن من قبل بن سلمان لتحقيق أطماعها فيه.
فالإمارات كدويلة متمثّلة في شخص محمد بن زايد آل نهيان لها أطماع توسّعية خارجية غير مبرّرة لا تتناسب مع حجمها الدولي الطبيعي، وبطبيعة الحال فقد عملت جاهدة لإخضاع المملكة عن طريق سذاجة بن سلمان وعدم خبرته، لكي تستند إلى قوى كبيرة مثل السعودية لدعمها في تحقيق تلك الأهداف.
دويلة الإمارات كشفت عن أطماعها في اليمن قبل العدوان السافر عليه، في 26 مارس 2015، حيث إن مجمل تركيزها يتمحور حول عدن ومينائها؛ لما يتمتّع به من مكانة وأهمية بين الموانئ العالمية.
لذلك فإن الإمارات منذ بداية العدوان على اليمن الشقيق تُعتبر الدولة الثانية من حيث حجم المشاركة في التحالف بعد السعودية، وما لم يكن أحد يتوقّعه أن ترسل جنودها إليه، وهذا الانتحار الإماراتي يوضّح مدى أهمية تحقيق أطماعها من خلال السيطرة على السواحل اليمنية ومضيق باب المندب وميناء عدن، وها هي اليوم تسيطر على عدن والسواحل اليمنية في باب المندب والمخا وجزيرة سقطرى وجزيرة ميون، وأقامت قواعد عسكرية هناك.
وفي سبيل تحقيق أطماعها تبنّت الإمارات فكرة انفصال اليمن إلى شطرين، كما كان الحال قبل توحيدهما في 22 مايو 1990، عبر دعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الزبيدي، وإنشائها ودعمها لقوات النُّخب في حضرموت وشبوة وأبين ولحج والحزام الأمني في عدن.
وهذه التشكيلات جميعها انفصالية، لذا تعاود الإمارات ما فعلته بريطانيا سابقاً عندما احتلّت اليمن الجنوبي، لقناعة محمد بن زايد آل نهيان بأنه لن يستطيع تحقيق أهدافه وأطماعه في اليمن إلا عن طريق ضرب الوحدة اليمنية، الأمر الذي يمثّل أكبر خطر على النسيج الاجتماعي وعلى تراثه التاريخي والحضاري.
"الخليج أونلاين": كيف تنظر إلى محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي؛ خاصّة أن تقارير تحدّثت عن أنه يملي على الرياض وولي عهدها الكثير من السياسات؟
أرى ويرى الجميع وأتعجّب من ذلك؛ أن بن زايد -وليست الإمارات المتمثّلة في شعبها الشقيق بالطبع- يرغب في تدمير ونسف الدول العربية والإسلامية جميعها عن طريق التآمر عليها؛ وذلك لغرض شخصي نفسي يخصّه.
وساعد بن زايد في تنفيذ مخطّطه المريض المعطيات الإقليمية والدولية الجديدة على الساحة الدولية؛ وأهمّها هو صعود بن سلمان لولاية العهد بالمملكة واستئثاره بالقرار السياسي السعودي، ووصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة.
"الخليج أونلاين": في موضوع الأزمة الخليجية، هل ترى حلاً قريباً لها رغم التصعيد المتواصل إعلامياً؟
أرى بارقة أمل تحدث عندما يتم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بصفة عامة، ولكن حالياً وخاصة مع مجموعة الشرذمة الحاكمة لأغلب دولنا العربية لا مجال للتفكير في انفراج للأزمة الخليجية، ولكن معطيات المستقبل القريب سوف تعطي نتائج إيجابية مغايرة مع حركات التغيير القادمة لا محالة، في السعودية وفي الكثير من الدول العربية.
"الخليج أونلاين": ما رأيك في تواصل تسييس السعودية للعمرة والحجّ، ومنع القطريين من أدائهما في ظروف طبيعية مثل غيرهم من المسلمين؟ وهل تعتقد أن تدويل الحرمين الشريفين وإخراجهما من إدارة النظام السعودي الحالي حلّ مثالي لإخراج المقدّسات الإسلامية من التجاذبات السياسية؟
لا شك في أن ظهور ما يُعرف بمفهوم "تسييس الحج" على السطح في الوقت الحالي بالذات جاء نتيجة الجدل الذي تفجّر مؤخراً بين قطر والسعودية؛ على خلفيّة ادّعاء الرياض بأن الدوحة تنادي بتدويل الحج، وذلك بعد اتهامها للرياض باستخدامه كأداة سياسية.
ومن خلال استقراء التاريخ السعودي أرى أن المملكة حقيقة تستخدم مناسك الحج كورقة ضغط على بعض الدول التي لا تتواءم معهاً سياسياً، وقد ظهر ذلك بوضوح مع مجموعة العراقيل التعجيزية التي وُضعت لحجاج بيت الله بدولة قطر، لذلك فإن رأيي الشخصي كإنسان مسلم مجرّداً من الاعتبارات السياسية أن فكرة تدويل الحج والعمرة فكرة صائبة وعادلة وتصبّ في مصلحة الدين الإسلامي نفسه.
وذلك عن طريق إنشاء منظّمة أو هيئة إسلامية تُمثَّل فيها جميع الدول والمجموعات الإسلامية التي تقطن في البلدان غير الإسلامية، وستكون هذه الهيئة منفردة ومجرّدة تماماً عن التدخّلات والتجاذبات السياسية من أي جهة أو بأي شكل من الأشكال، وبطبيعة الحال سوف تبقى الأراضي المقدّسة داخل الأراضي السعودية وتحت سيادتها.
ومن جانب آخر شخصي ولكن مضمونه عام؛ أنا شخصياً مواطن سعودي مسلم ومن الأسرة الحاكمة السعودية كذلك، ولكنني لا أستطيع زيارة بيت الله الحرام لأني معارض لسياسات الملك و"ابنه المدلل"، فلِماذا يستطيع أحد منعي كائناً من كان من أداء فريضة الحج أو العمرة إلى بيت الله الحرام؟
"الخليج أونلاين": لكن لماذا يعارض النظام السعودي ذلك، ويعتبر أن فرض وصايته على الحرمين مسألة حياة أو موت وغير قابلة للنقاش أصلاً؟
مردّ ذلك إلى إصرار النظام على الديكتاتورية التي لا تخفى على أحد، والتي من دعائمها وأدواتها السياسية الرئيسية التحكّم مطلقاً في بيت الله الحرام وضيوفه.
"الخليج أونلاين": هل تعتقد أن المجتمع السعودي بغالبيته سعيد وموافق على التغييرات الحاصلة والسريعة، لا سيما أن المجتمع بطبيعته ظلّ محافظاً على هويّته لعقود طويلة؟
التغييران الفريدان اللذان أُثني عليهما في الداخل السعودي هما السماح للمرأة بقيادة السيارة، وهو حقّ مكتسب للمرأة وأبسط حقوقها وليس بمكرمة من أحد، والشيء الإيجابي الآخر هو الحدّ من نفوذ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنها كانت تُستخدم كأداة قمع وترهيب دينية من قبل الحكومة السعودية على شعبها، وقد كانت هذه الهيئة تتّسم بالنفاق من خلال ازدواجية المعايير في التعامل مع الآخر.
"الخليج أونلاين": لكنّ مسألة قيادة المرأة للسيّارة تعتبر تحدّياً جديداً للإرادة الشعبية الرافضة لمثل هذا القرار، فهل تتوقّع حصول أزمة مجتمعية بسبب سرعة تنفيذ القرار؟
لا أعتقد ذلك؛ لأن المجتمع السعودي مجتمع منفتح فكرياً، ومنفتح على ثقافات الغير وقابل للتحديث، خاصة أن مسألة قيادة المرأة للسيارة لا تتعارض البتة مع الشريعة الإسلامية.
"الخليج أونلاين": برأيك، هل ستشهد المملكة احتجاجات شعبيّة ضد الحكم؟
في هذه الأثناء لا أتوقع أن تقوم احتجاجات شعبية حقيقية ومؤثرة، ولكن بعد فترة من الزمن ليست ببعيدة، عندما يشعر ويتأثر المواطن السعودي بصفة مباشرة بتأثير تلك السياسات عليه سوف يقوم باحتجاجات شعبية كاسحة لا تبقي ولا تذر.