صحيفة "بيزنس إنسايدر" الاقتصادية البريطانية-
قالت صحيفة "بيزنس إنسايدر" الاقتصادية البريطانية، إن قرار السلطات السعودية ترحيل 800 ألف وافد في إطار سياستها الاقتصادية الجديدة التي تهدف لتوطين الوظائف أو "السعودة"، أدى إلى خلق أزمة توظيف، مبينة أن السعوديون رجالاً ونساءً "كسالى وغير مهتمين بالعمل"، بحسب أرباب العمل، وهو ما يعني "أزمة" اقتصادية جديدة تضرب المملكة.
وتضيف الصحيفة أنه تزامنت السياسة الاقتصادية الجديدة التي انتهجها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لتوطين الوظائف من خلال إخراج الوافدين، مع أزمة اقتصادية أخرى تمثلت في انخفاض الاستثمار الأجنبي.
وتابعت أن أغلب الشركات السعودية تشكو من أن السكان المحليين لا يريدون العمل في وظائف متدنية، كان يعمل بها العديد من المغتربين، مما خلق مشكلة حقيقية للاقتصاد.
وفي نوفمبر الماضي توقعت دراسة أصدرها معهد التمويل الدولي، أن تصل تدفقات المال إلى خارج السعودية في عام 2017 إلى 101 مليار دولار، أي نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبينت أن انتعاش أسعار النفط مؤخراً أدى إلى إنقاذ الاقتصاد السعودي المتدهور، لكنه لن يكون حلاً طويل الأمد، فولي العهد السعودي الذي يحاول أن يظهر نفسه بأنه رائد التغييرات الاجتماعية في المملكة، يكافح من أجل إنقاذ اقتصاد بلاده الذي يعاني من "أزمة ثقة"، فقد عانت السعودية من انهيار أسعار النفط، وهي تعاني الآن من انخفاض الاستثمارات الأجنبية وارتفاع تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج.
وترى الصحيفة البريطانية أن طموحات بن سلمان وخططه لا تبدو أنها محل ثقة المستثمرين، ولعل واحدة من تلك الخطط قضية توطين الوظائف التي أضرت باقتصاد البلاد بسبب الهجرة المتزايدة للمغتربين.
وحتى أبريل الماضي غارد قرابة 800 ألف مغترب من السعودية، وهو أمر أثار قلق الشركات المحلية لأنها تعرف أنه لن يكون بسهولة استبدال الوافدين بمواطنين السعوديين، وهذا كان جزءاً من سياسة بن سلمان لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط، ودفع السعوديين للعمل في وظائف مختلفة من خلال توفير فرص العمل لهم.
تسعى السلطات في السعودية لتوفير 450 ألف فرصة عمل للشباب السعودي في القطاع الخاص بحلول 2020، وهو ما دفع بولي العهد السعودي لتسريع عملية هجرة العمال الأجانب الذين يشكلون نحو ثلث السكان، قبل أن يبدأ التراجع عن ذلك.
لقد شرعت السلطات في السعودية قوانين من أجل دفع الشركات إلى الاستغناء عن العمالة الوافدة؛ منها رفع الرسوم المفروضة على الشركات التي توظف غير السعوديين، وأيضاً الطلب من الوافد دفع رسوم للمعالين، وتقييد القطاعات التي يمكنهم العمل فيها.
هذه الإجراءات دفعت بالوافدين إلى ترك السعودية، وخلف ذلك انكماشاً واضحاً في سوق العقارات المستأجرة، وفراغاً كبيراً في مراكز التسوق.
وترى الصحيفة أن أصحاب العمل والشركات في المملكة يواجهون الآن صعوبة في الحصول على موظفين من السعوديين، الذين اعتادوا على العمل في القطاع الحكومي والتمتع بمزاياه السخية.
وتشير التقارير إلى أن العديد من السعوديين يرفضون العمل؛ بسبب أنهم يعتبرونها وظائف ضعيفة الأجور وذات وضع متدنٍ.
رؤساء الغرف التجارية والصناعيةطالبوا، بحسب ما نشرته صحيفة سعودي جازيت الحكومية، بأن تقوم الحكومة بإعفاء بعض القطاعات من السعودة بشكل كامل، خاصة في القطاعات التي لا يمكن أن يحل فيها السعودي، مثل قطاع البناء.
وبحسب مراقبين فإن هناك مخاوف فعلية من أن العديد من الشركات قد تغلق، ففي خلال الأشهر الثلاثة الماضية سجلت 5000 غرامة على شركات انتهكت قواعد السعودة في قطاعات، منها الاتصالات والفندقة وتأجير السيارات.
ولجأت العديد من الشركات إلى التحايل على قوانين السعودة، من خلال توظيف سعوديين في وظائف وهمية مقابل رواتب زهيدة، وهو ما بات يطلق عليه اسم " التوطين المزيف".
كل هذا دفع بالكاتب محمد بسناوي إلى الدعوة من أجل تأميم سوق الوظائف، مؤكداً أن أرباب العمل يقولون إن السعوديين كسالى وغير مهتمين بالعمل، ويتهمون الشباب السعودي بتفضيل البقاء في المنزل بدلاً من العمل بأجر منخفض، ومن ثم فإن السعودة المزيفة يمكن أن تخلق جيلاً من الشباب والشابات غير المهتمين بالعثور على وظيفة، والذين يفضلون الحصول على أموال مقابل عدم القيام بأي شيء.