ملفات » الطريف إلى العرش

خبير: «بن سلمان» سيتجاوز كل التوقعات بمعركته مع المحافظين

في 2018/07/11

وكالات-

توقع الأستاذ في كلية «راجاراتنام» للدراسات الدولية «جيمس دورسي» أن يتجاوز ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» كل الخطوط الحمراء في سعيه للقطيعة مع ما أسماها «الراديكالية السنية المحافظة»، مشيرا إلى أن الأمر لن يتوقف عند ما وصفه بـ«تقليم أظفار الأيدولوجية الوهابية».

وفي تحليل نشره موقع «مودرن دبلوماسي»، قال «دورسي» إن «بن سلمان غذى هذه التوقعات من خلال تشجيع ودعم علماء الدين الساعين لمراجعة الأيدولوجية الوهابية، بالإضافة إلى رفع الحظر عن النساء في قيادة المركبات والسماح بالترفيه المنظم من قبل الدولة، بما في ذلك الموسيقى والمسرح والسينما والأحداث الرياضية المثيرة للجدل مثل حدث المصارعة الأخير».

واعتبر «دورسي» في التقرير الذي حمل عنوان «مآلات الوهابية والمملكة العربية السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان»، أن «هذه التوقعات تعززت بمراقبة حثيثة للخطوات التي انتهجها الملك سلمان ونجله ولي عهده الأمير محمد في الخروج عن العرف السائد ولعقود، وذلك بإسباغ الشرعية الدينية والتوافقية العائلية، بحيث تم تجريد الثانية من قيمتها في أعقاب انتزاع سلطة ولي العهد محمد بن نايف».

وأشار إلى أن «المملكة تحولت من عائلة توافقية بمرجعية دينية إلى حكم لشخصين، وبحيث ترتكز شرعية الملك وابنه على صورتهما كمصلحين وهذا ما يعيد هيكلية مفاهيم الشرعية الدينية للحكم كون الإصلاح يشمل أيضا التيار الديني المحافظ».

وتابع: «لتعزيز سلطته، قام بن سلمان في العام الماضي بتهميش علماء الدين في مؤسسات الدولة، واعتقل النقاد والنخب الناشطة اجتماعيا خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، ورجال الأعمال البارزين، والمسؤولين الأمراء، وجردهم من الكثير من صلاحياتهم وممتلكاتهم».

وأوضح الكاتب الذي يشغل منصب المدير المشارك لمعهد تعزيز الثقافات في جامعة «فورتسبورغ»، أنه «في إطار توقعات متفائلة بتغيرات بن سلمان، جادلت باحثة سعودية (إيمان الحسين) بأن احتضان ولي العهد لعلماء دين لا ينتمون للحرس القديم شجع على ظهور المزيد من الشيوخ المتنورين، ما دفع بعض علماء الدين الراديكاليين لإعادة التفكير في مواقفهم من قضايا عديده كانت تعتبر من التابوهات المحرمة، وهذا انعكس على مكانة الحرس القديم من أعضاء المؤسسة الدينية في نفوس المجتمع».

ونقل الكاتب عن الباحثة السعودية قولها إن «الآراء المتضاربة والمختلفة التي قدمها هؤلاء العلماء ساعدت على هدم الهالة التي يتمتع بها بعض العلماء الراديكاليين، ولسنوات خلت كانت مكانتهم بمصاف القديسين، ما جنبهم المساءلة والانتقاد. وسقوطهم سيسمح للناس باستعادة الثقة في تفكيرهم، والامتناع عن الاعتماد بشكل كامل على تفسيراتهم الدينية الخاصة، وإعادة العلماء إلى الأرض».

ونقل الكاتب عن «نبيل مولين»، وهو مؤرخ لعلماء الدين السعوديين وعلاقتهم بالملكية السعودية قوله إنه «من غير المرجّح أن ينفصل بن سلمان عن المؤسسة الدينية الوهابية لأن رجال الدين أثبتوا بأنهم يتمتعون بالمرونة في خدمة السلطة وقد أظهروا قدرات كبيرة على التكيف مع تحولاتها وتقلباتها وليس فقط في الجانب الاجتماعي وانما السياسي الإقليمي أيضا».

واعتبر أن «إدانة ولي العهد العلني للأفكار المتطرفة هو لتقديمه كشخصية سياسية حاضنة للإسلام المعتدل ولديه رغبة في الخروج عن الوهابية. ولكن في الحقيقة هو يعمل على الحفاظ على الوهابية وتقديمها بشكل جديد وتحميل مسؤولية الجوانب السلبية فيها لأية جهة أخرى لديها تفسيرها المستقل عن الوهابية للإسلام، كما تقول قراءة أقرب أن الأمير محمد يُدين في المقام الأول الإخوان المسلمون والجهاديين ويعفي الوهابية».

ميثاق تاريخي

ومضى «مولين» بالقول إن «الميثاق التاريخي بين النظام الملكي والوهابية بمؤسستها الدينية الراسخة لم يواجها تحديا جديا أبدا.

ودوما هنالك تناغم في المراحل الانتقالية للسلطة او التحولات والتغييرات التي تطال الشكل الذي تظهر وتقدم به الدولة أمام المجتمع الدولي ولخدمة جهات دولية عظمى وهو تناغم يعكس قدرتهم كشركاء على التعامل مع التحديات بكفاءة».

وتوقع «مولين» أن «الوهابية ستظل على الأرجح دعامة للمملكة على المدى المتوسط ​​المنظور، وأوضح بأن أي مواجهة بين أبناء سعود وورثة أيديولوجية بن عبدالوهاب ستكون مدمرة لكليهما».

ولفت الكاتب إلى أن «بن سلمان» أشار بالفعل في الكلام والفعل إلى أن إصلاحاته قد لا تنطوي على انفصال تام عن الوهابية وكانت غامضة بشأن درجة التغيير الاجتماعي الذي يتصوره. ولم يقل بعد كلمة واضحة بشأن رفع نظام الوصاية في السعودية والذي يمنح الأقارب الذكور السيطرة المُطلقة على حياة المرأة.

وأقال «بن سلمان» الشهر الماضي رئيس هيئة الترفيه «أحمد الخطيب»، بعد عروض لسيرك روسي بالرياض، والذي شمل نساء يرتدين «ملابس غير محتشمة»، ما أثار احتجاجات كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال الباحث إن« إعادة الحكومة السعودية هيكلة علاقتها بالوهابية بدأت في الحقيقة تدريجياً في عهد الملك الراحل عبدالله حينما كان وليا للعهد حينها (2003)، لكن هذا البعد الدرامي والمتسارع في التنفيذ أخذ منحاه في عهد ولي العهد الحالي الأمير محمد بن سلمان».

في حينه، نظم الأمير «عبدالله» أول مؤتمر للحوار الوطني في المملكة جمع 30 من علماء الدين يمثلون الوهابيين وغير الوهابيين من السنة، والصوفيين، والإسماعيليين، والشيعة.

ومن اللافت للنظر أن الممثلين الوهابيين لم يشتملوا على أعضاء بارزين في المؤسسة الدينية الرسمية في المملكة حينذاك. وعلاوة على ذلك، فإن وجود غير الوهابيين كان تحديا من قبل السلطة لمبدأ الوهابية الأساسي في التكفير لأولئك الذين يعتبرونهم مرتدين أو غير مسلمين وهو ما يرونه في الصوفية والشيعة.

واعتمد المؤتمر ميثاقًا يعارض التفرد الوهابي من خلال الاعتراف بالتنوع الفكري والديني للمملكة ومقاومة مبدأ (سد الذرائع)، وهو أحد أسس الوهابية والذي ينص على أن الأعمال التي قد تؤدي إلى ارتكاب الخطيئة يجب حظرها، وهو المبدأ الذي استندت إليه الوهابية في حظر قيادة النساء للمركبات لعقود من الزمن.

وقدم الباحث في الشأن السعودي «ستيفان لاكروا» في حينه ملاحظة تحذيرية لا تزال صالحة حتى اليوم: «يبدو أن هذا الجزء من النخبة الحاكمة يعترف الآن بضرورة مراجعة الوهابية، ومع ذلك، فإن النقطة الشائكة هي أن هذا التحول الأيديولوجي يجب أن يترافق مع إعادة صياغة جذرية للتحالفات السياسية القديمة في الداخل والخارج. وهنا تكمن المشكلة».