أكبر شاهد أحمد - هاف بوست-
عندما أخبرت "هالة الدوسري" والدها عام 2013 أنها تخطط للانضمام إلى أكبر احتجاجات ضد الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات في المملكة العربية السعودية، أخبرها أنها ستحتاج إلى استخدام سيارة شخص آخر، فقد كان أكبر من أن يتمكن من استرجاعها من مركز الشرطة إذا تمت مصادرتها. وقد وافقت، لكنها حذرته من أنه قد يضطر للذهاب إلى مركز الشرطة على أي حال للتوقيع على نموذج لإطلاق سراحها. وكانت قد خمنت أنه سوف يلين لها قلبه. ورد على مضض: "بالطبع سأحضر".
وبعد 5 أعوام، ما زالت المملكة العربية السعودية تستخدم جهازها الحكومي المترامي الأطراف، والممول تمويلا جيدا، من أجل إنفاذ تقييد النساء بشكل أكثر قسوة من أي نظام آخر معترف به دوليا. وقد تم رفع الحظر المفروض على قيادة النساء، لكن قانون ولاية الرجل لا يزال يتطلب من أكثر من 5 ملايين امرأة سعودية الحصول على إذن ولي الأمر الذكر لأي نشاط تقريبا، وفي الأشهر القليلة الماضية، قامت السلطات بسجن بعض المدافعين والمدافعات البارزين في المملكة عن المساواة بين الجنسين. واستكمالا لعقود القمع، تبذل القيادة السعودية قدرا كبيرا من الاعتقالات في الداخل، حيث وصفت الناشطات بالخونة، وفي الخارج حيث عززت معركتها الدبلوماسية مع كندا، وهي واحدة من العديد من شركاء المملكة في الغرب، بسبب الانتقاد الكندي لحملة القمع.
ويعد هذا التصعيد غير المسبوق خيارا غريبا من قبل المملكة، وفقا لمحللين ومسؤولين أمريكيين سابقين مطلعين على صناعة القرار في الرياض. لكن "الدوسري" ترى منطقا في الأمر؛ حيث يسير التمييز الجنسي في المملكة وعلامتها الاستبدادية الخاصة جنبا إلى جنب. ولا يمكن لعلامة أن تعمل دون الآخر. وهكذا، فإن حاكم شبه الجزيرة، الأمير "محمد بن سلمان"، يشير إلى أنه يسيطر على السلطة، بما في ذلك عبر التعبير عن القومية السعودية في شكل ذكوري، ومن المنطقي أنه يضاعف الفجوة بين الجنسين، مع استهداف النساء اللاتي يشككن في وعوده بالإصلاح.
وقالت " الدوسري"، التي تعمل الآن كباحثة وناشطة في الولايات المتحدة: "إذا تمتع الجميع بحقوق متساوية، وإذا كان بإمكان الرجال والنساء أن يفعلوا نفس الأشياء بالضبط، فسيكون من الصعب تبرير تمتع شخص بامتيازات إضافية"، وتقول هي وآخرون ينشطون من أجل المساواة إن هذه الدعوات ليست هدامة، بل إنهم ببساطة يحاولون تقديم مجتمع أفضل للشعب السعودي.
لكن القلق بشأن ما سيعنيه التغيير بالنسبة لمن هم في السلطة هو السبب الرئيسي وراء بقاء نظام ولاية الذكور وغيره من القيود المفروضة على المرأة، حتى في الوقت الذي يرفع فيه الأمير القيود الأخرى التي تعتبر تاريخيا أمرا راسخا في المملكة العربية السعودية من قبل رجال الدين المحافظين المقربين من أسرة الحكم. ويعبر الأمير عن سعادته بتغيير أمور كالسماح بالذهاب إلى السينما. وحجته في ذلك أن ما يعيد السعودية إلى الوراء هو علاقتها بعلامة تجارية متشددة من الإسلام، وليس الحدود الموضوعة على الحرية الشخصية، لذا فلا حاجة إلى الحقوق بشكل كامل، خاصة تلك التي لا تتمتع بها المرأة أبدا على أي حال.
وتتضمن رؤيته لمستقبل المملكة مشاركة المرأة في حرية أكبر إلى الحد الذي يخدم هدفه في توسيع الاقتصاد السعودي أبعد من النفط. وسوف يعوض عن غياب الشرطة الدينية سيئة السمعة من خلال منح المسؤولين الحكوميين طرقا جديدة للتجسس على المواطنين والاستيلاء على ممتلكاتهم وحبسهم بعيدا عن متناول الأقارب والمحامين، أو حتى الأصدقاء ذوي النفوذ.
وكانت النساء السعوديات قد كافحن من أجل المساواة على مدى عقود. وقد رفعت أولئك اللاتي قدن الحركة النسوية في البلاد أصواتهن وكونوا علاقات مع الحلفاء في الخارج، من أجل خلق الضغط الذي أجبر الأمير على رفع الحظر المفروض على القيادة، لكن لم تكن عائلاتهن داعمة لهن دائما. وقد لاحظت "الدوسري" أن والدها كان واسع الأفق بسبب مستواه التعليمي. كما أشارت إلى الخلفية التقدمية لـ"عزيزة اليوسف"، الأكاديمية التي تم اعتقالها في مايو/أيار. وهناك "سمر بدوي"، وهي ناشطة أشعل اعتقالها التوترات بين المملكة وكندا في يوليو/تموز.
لكن بالنسبة لأخريات، كان الحصول على إذن للتعبير عن الرأي ينطوي بشكل كبير على معركة كبيرة أو يكون مستحيلا ببساطة بسبب آراء عائلاتهن أو خوف العائلات من انتقام الدولة.
وتعتبر المملكة الغرباء الذين يحاولون مساعدة النساء السعوديات على الفوز بهذه المعركة جزءا من المؤامرات الدولية، وليس بسبب قناعاتهم الأخلاقية، وغالبا ما يشكلون قلقا لاستقرار المملكة في المستقبل من وجهة نظر الحكومة.
ولدى المعلقين السعوديين وجهة نظر، كما فعلوا أثناء التوتر مع كندا، وهي أن كراهية النساء ليست فريدة وقاصرة على المملكة وحدها.
وفي دول أخرى، ومع ذلك، عندما تسعى النساء إلى اللجوء من إساءة المعاملة أو التمييز، فالفارق هو أنه يمكنهن اختيار القيام بذلك بأنفسهن دون أن يكون هناك ولي أمر ذكر في مكان ما يقول نعم ولا متحكما في مصائرهن.
وتدرك الحكومات الغربية، التي تتعامل بشكل وثيق مع السعوديين، الآن مدى الحرص الذي يجب أن تكون عليه في معايرة دعمها لحقوق الإنسان، بعدما رأوا رد الفعل من قبل المملكة بخصوص تعليق كندا الأخير.
ولقد سعى المنتقدون الأجانب للقمع في المملكة إلى دفع السعودية للتغيير لأعوام. وفي بعض الأحيان، كان مجرد إصدار التعليقات يلفت الانتباه بشكل خاص، ويسلط الضوء على مدى التفرقة الفريدة بين الجنسين في الدولة السعودية، كما كان الحال مع وزيرة الخارجية الكندية "كريستيا فريلاند"، ووزيرة الخارجية السويدية السابقة "مارغوت وولستروم". وتكون تلك التعليقات أقوى عندما تقر الأمر، كما فعلت "فريلاند"، وفق تحركات السعوديين في بيئتهم الخاصة، مبينةً أنها لا تصدّر نموذجا أجنبيا، بل قاعدة أساسية من الاحترام والكرامة.
وفي الوقت الذي تشير فيه القيادة السعودية الجديدة إلى نفورها من النقد العام، لم يكن هناك ما يدل على أن الحث الخاص، في قضايا تتراوح بين حقوق الإنسان والحرب المدمرة المدعومة من الغرب في اليمن، تجدي شيئا.
وبالنسبة للسعوديات اللواتي يفكرن في الطريقة التي يتطور بها الوضع، قد يكون الاهتمام العام مجديا لدفع خطر إثارة الغضب القومي الذكوري. وإذا لم يكن يفعل شيئا آخر، فإنه يبرز على الأقل الانفصال بين الرسالة التقدمية السعودية التي يتم الترويج لها حول العالم، وحقيقة القيود المفروضة على النساء هناك.