الخليج أونلاين-
زجّ بالأمراء ورجال الأعمال والدعاة ونشطاء حقوق الإنسان بالسجن، ولا يسمح لأي رأي أو انتقاد مخالف لسياساته، سواء كان دينياً، أو سياسياً، أو اقتصادياً، هذه هي سياسة ولي العهد السعودي الشاب، محمد بن سلمان، الذي يصادف اليوم ذكرى ميلاده الـ33.
وصعد بن سلمان إلى سدة الحكم في السعودية بعد أوامر ملكية من والده الملك سلمان بن عبد العزيز، يوم الأربعاء 21 يونيو لعام 2017، بتنصيبه ولياً للعهد، وإعفاء محمد بن نايف، ولي العهد السابق، من مناصبه.
وكان عمر ولي العهد حين تنصيبه (31 عاماً). وُلد في 31 أغسطس سنة 1985، لوالدته الأميرة فهدة بنت فلاح بن سلطان بن حثلين، وجدّه لأمه راكان بن حثلين، شيخ قبيلة العجمان.
ومع وصول الأمير الشاب إلى الحكم ظهر الحماس والتهوّر على سياساته الداخلية والخارجية، فبدأ بحملة اعتقالات لم تشهدها السعودية، وبدأ بمنتقديه من داخل الأسرة الحاكمة.
وكان الأمير متعب بن عبد الله، رئيس الحرس الوطني، أول ضحايا الأمير الجديد، حيث كان من أبرز الرافضين لوصوله إلى رأس الحكم، وتنصيبه ولياً للعهد بهذه السرعة، إلى جانب أفراد من الأسرة الحاكمة، حسبما كشفت وكالة "رويترز" في حينها.
ولم يغب الملياردير الأمير الوليد بن طلال عن قمع الأمير الشاب، فوضعه -كحال العشرات من الأمراء- في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض، حيث حوّله لسجن لحجز خصومه والتحقيق معهم، وتوقيعهم على اعترافات خلال فترة سجنهم.
وخلال هذه الحملة غير المسبوقة على أفراد من الأسرة الحاكمة في السعودية، أعلن بن سلمان أن الهدف منها هو محاربة الفساد، ولكن حسبما كشفت وكالة "رويترز" فإن السبب المباشر هو إزاحة خصومه وتعبيد الطريق للحكم دون أي متاعب له.
وبالفعل نجح محمد بن سلمان بعد هذه الإجراءات القمعيّة بإزاحة جميع الرافضين لوصوله إلى منصب ولي العهد، وأصبح يمتلك سلطة، ومستشارين، ومسؤولين، ينفّذون كل سياساته التي جلبت للسعودية الانتقادات الدولية، وخسارة العديد من الحلفاء؛ ككندا مؤخراً، بسبب حالة حقوق الإنسان في المملكة.
وبعد تمكّن الأمير الشاب من التحكّم بمفاصل الحكم، خرج للسعوديين بفكرة جديدة أطلق عليها رؤية المملكة 2030، وروّج لها إعلامه بأنها ستكون بمنزلة الأرض التي تدرّ ذهباً لهم.
ومع كل هذه النشاطات للأمير السعودي حول رؤيته الجديدة، كان الملك سلمان بن عبد العزيز في حالة غياب تامّ عنها، ولكن من مدّة ظهر الملك بموقف قوي؛ وهو إلغاء خطة طرح أسهم شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" التي يترأسها ابنه، وهو ما يعدّ ضربة قوية لأولى خطوات بن سلمان الجديدة.
وشهدت السعودية تغييرات خلال وجود بن سلمان في الحكم، حيث صدر أمر بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، وذلك لإظهار أن سياساته تتّجه إلى الانفتاح وقبول الآخر، ولكن الواقع كان بعكس ذلك، من خلال حملة الاعتقالات المتواصلة لنشطاء ودعاة ورجال أعمال.
السياسة الخارجية في تراجع
ومع الحماس الذي كان يظهر على بن سلمان خلال لقاءاته التلفزيونية حول السياسة الخارجية للمملكة، ظهرت عليه ملامح عدم إدراكه للدبلوماسية الدولية، خاصةً عندما يتحدّث عن علاقات بلاده بدول المنطقة، والتحالفات الجديدة.
ومع وصوله دخلت بلاده في أول قطيعة مع أحد جيرانها، وهي دولة قطر، إذ هاجمت السعودية الدوحة ووجهت لها اتهامات بمساندة "الإرهاب" والمؤامرة عليها، دون أن تقدّم دليلاً واحداً على صحة ذلك.
وفرضت السعودية حصاراً مشدَّداً على قطر، وقطعت أوصال العديد من العائلات الخليجية، ووصل الأمر بالقيادة السعودية إلى التفكير بشنّ عدوان على الدوحة وغزوها، وهو ما يعكس حالة التهوّر التي وصل إليها بن سلمان.
ومع أزمة السعودية مع قطر كان الأمير يخرج بتصريحات غير متّزنة عن علاقة بلاده بالدوحة، حيث كانت هذه التصريحات لا ترتقي لشخصية مهمة في منصبه ومكانته كوليّ عهد للمملكة العربية السعودية.
وعن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن بمشاركة تحالف من عدة دول أبرزها الإمارات، أطلقت وسائل إعلام مختلفة لقب "الأمير الطائش" على بن سلمان؛ لكون هذه الحرب لا حاجة لها، وأسفرت عن قتل الآلاف من المدنيين اليمنيين.
كذلك أظهر أحد ملامح سياسة بن سلمان الفاشلة والمتهوّرة ما حدث لرئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، بعد وصوله للرياض، وإعلانه الاستقالة من رئاسة الحكومة اللبنانية، في 4 نوفمبر 2017، بضغط من السعودية.
استقالة الحريري لم تمرّ هكذا، حيث اتهم اللبنانيون والعديد من الأطراف الدولية، السعودية باعتقال رئيس الوزراء اللبناني وإجباره على تنفيذ سياسات المملكة.
القضية الفلسطينية لم تعد أولوية
في عهد بن سلمان لم تعد القضية الفلسطينية التي كانت القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية لسنوات طويلة أولوية، حيث عرض الأمير على السلطة الفلسطينية خطة سلام جديدة تتضمّن اختيار ضاحية أبو ديس المجاورة لمدينة القدس المحتلة لتكون عاصمة لدولة فلسطين بدلاً من القدس.
وكانت خطة بن سلمان هي أن يحصل الفلسطينيون على دولة خاصة بهم على أجزاء من الضفة الغربية وليس كلها، دون تواصل جغرافي، وبسيادة محدودة على تلك المناطق، مع بقاء غالبية المستوطنات الإسرائيلية، ودون الحصول على شرقي القدس عاصمة لهم، كما لن يكون هناك حق لعودة اللاجئين الفلسطينيين، وفقاً لما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وعكست هذه الخطة التي طرحها بن سلمان جهله بالقضية الفلسطينية وأهميتها بالنسبة إلى المسلمين والعرب عامة والفلسطينيين خاصة، حيث أظهر الفلسطينيون غضبهم على الأمير الشاب بعد كشف هذه الخطة.
صحيفة "واشنطن بوست الأمريكية" قالت إن سياسات ولي العهد السعودي تُنذر بإيقاع منطقة الشرق الأوسط في مستنقع حرب جديدة.