صحيفة "بوبليكو" الإسبانية- ترجمة منال حميد -
قالت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية، إن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز يبحث عن بديل آخر لولاية العهد خلفاً لابنه محمد، الذي يبدو أنه خرج عن نطاق السياسة التقليدية التي سارت عليها المملكة، خاصة أن مشاريعه الداخلية والخارجية تعرضت لانتكاسات كبيرة.
وتابعت الصحيفة أن محمد بن سلمان ،الذي اقتحم ميدان السياسة السعودية بمساعدة والده الملك سلمان بعد أن نُصّب ملكاً خلفاً لشقيقه الراحل عبد الله عام 2015، يمر بأسوأ لحظات حياته، سواء داخل البلاد أو خارجها، وأنه يتلقى الانتكاسات الواحدة تلو الأخرى، سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي.
في الأيام الأخيرة، تقول الصحيفة الإسبانية، تسبب تدخُّلان للتحالف بقيادة السعودية في مشاكل كبيرة، تمثل الأول في استهداف حافلة أطفال باليمن في أغسطس الماضي، أدى إلى مقتل قرابة 40 طفلاً يمنياً، في حين أدى انفجار آخَر، الأسبوع الماضي، إلى مقتل قرابة 22 طفلاً.
الحادثان أسفرا عن تنديد دولي كبير ، شمل أعضاء في الكونغرس الأمريكي، ولكن رغم ذلك تجاهل بن سلمان كل تلك النداءات والتنديدات، ولم يُظهر أي رغبة في إنهاء الحرب القائمة باليمن منذ عام 2015؛ بل إن تسريباً نُسب إلى ولي العهد، أكد فيه إصراره على مواصلة الحرب في اليمن.
وبحسب التسريب الذي كشف عنه موقع "الخليج أونلاين" الإخباري، فإن بن سلمان قال لمستشاريه إنه يجب أن يترك بصمة في ضمير الجيل القادم من اليمنيين، "نريد لأطفالهم ونسائهم وبالطبع رجالهم، أن يخافوا كلما سمعوا اسم السعودية".
واتهمت منظمات إنسانية مختلفةٌ الرياض وحلفاءها بالاستهداف المتعمد للمدنيين باليمن، في محاولة يائسة لدفع مسلحي الحوثيين للاستسلام، رغم أن الحرب لم تحقق أياً من أهدافها حتى الآن، ورغم ذلك تبقى الانتقادات الدولية محدودة حتى الآن.
وتقول الصحيفة الإسبانية إن هناك انتقادات دولية ولكنها قليلة، كما أن أياً من الدول الغربية لم توقف عمليات بيع السلاح للسعودية وشركائها رغم الخطر الذي تمثله مثل هذه العمليات، التي أدت إلى مقتل عدد كبير من المدنيين. ويمكن القول: إن "القوى الغربية الكبرى هي التي تغذي الوحش الذي ينزف في السعودية"، على حد تعبير الصحيفة.
ولم تتوقف مشاكل بن سلمان على ما يواجهه في حرب اليمن؛ ففي وقت سابق من هذا الأسبوع أعلن أن والده، الملك سلمان، قرر إلغاء البيع المخطط له لنحو 5% من "أرامكو"، شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة، والتي تمثل أهم داعم لاقتصاد السعودية.
وكان بيع أسهم "أرامكو" جزءاً من خطة بن سلمان لتحديث السعودية في إطار "رؤية 2030"، وذلك لتمويل مشروعه لتحرير الاقتصاد من الاعتماد على النفط وخلق اقتصاد تنافسي يحل محل النفط.
ورغم أن هذه الخطوة كانت محفوفة بالمخاطر، بحسب منتقدين لها داخل السعودية، فإن الأمير يعتقد أنه في المستقبل القريب سوف تتحرك السيارات بالطاقة الكهربائية؛ ومن ثم فإن النفط سوف يفقد قيمته؛ وهو ما دفعه لتخصيص "أرامكو"، التي تملك قيمة اقتصادية كبيرة.
قرار الملك وقف بيع "أرامكو" وضع ولي العهد بين السيف والجدار، على حد وصف الصحيفة الإسبانية، فولي العهد كان يراهن على خطة 2030، ولكن إذا تم وقف عملية بيع الشركة النفطية فلا يمكن تمويل الخطة، وهذا يعني أن الأمير الشاب لا يواجه انتقادات دولية بسبب حربه في اليمن فحسب؛ بل أيضاً معارضة من والده، الذي كان يقول له سابقاً "نعم" على كل شيء.
سجن النساء الناشطات بالإضافة إلى تلك الانتكاسات التي تعرض لها بن سلمان، فإنه في أغسطس الماضي، افتعل مشكلة دبلوماسية مع كندا، على خلفية انتقاد أوتاوا للرياض بسبب سجنها عدداً من الناشطات السعوديات؛ ما أدى إلى قطع العلاقة بين البلدين.
ليس هذا فحسب، تقول الصحيفة الإسبانية، فلقد شهدت الاستثمارات الأجنبية في السعودية انتكاسة كبيرة خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك بعد عملية سجن واحتجاز العشرات من الأثرياء ورجال الأعمال في نوفمبر الماضي، حيث أدت تلك العملية إلى فقدان ثقة المستثمرين.
كما اتبع بن سلمان سياسة مؤيدة لتل أبيب؛ بل يمكن القول إنه وضع كل بيضاته في العش الإسرائيلي، وقد ساعده الإسرائيليون، ولكن في يوليو الماضي خرج الملك سلمان بموقف آخر ضد ابنه دفاعاً عن الفلسطينيين، في واحدة من أصعب النكسات التي تعرض لها نجله.
وتنقل الصحيفة الإسبانية تساؤلاً سابقاً لصحيفة "هآرتس" العبرية عما إذا كان الملك سلمان سيُبقي على ابنه بصفته الرجل القوي في السعودية، خاصة أن وسائل إعلام أخرى أشارت إلى أن العاهل السعودي يبحث عن خليفة لنجله ليكون ولياً للعهد، على أن يكون هذا الخليفة الجديد ملتزماً بالسياسات التقليدية للسعودية، وألا يفعل أشياء متهورة كما فعل ولي العهد الحالي.