ملفات » الطريف إلى العرش

بن سلمان يدشن عهدا استبداديا جديدا بالحرب على السخرية

في 2018/09/21

بيتر إيزاكسون - فير أوبزرفر- ترجمة شادي خليفة-

في مقاله بمجلة "فير أوبزرفر"، سخر الصحفي "بيتر إيزاكسون" من جهود ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، المزعومة لإعادة تشكيل اقتصاد و"ثقافة" المملكة العربية السعودية قائلا إن آخر ما قام به من "إصلاحات" رائدة وحديثة هو تخليص بلاده مما يعتبره أشد أشكال الإرهاب تطرفا، وهو "السخرية!".

ولإظهار جديتها، أعلنت الحكومة السعودية أنها "سوف تعاقب على السخرية من النظام على الإنترنت بالسجن لمدة تصل إلى 5 أعوام"، إضافة إلى غرامة كبيرة. وللتأكد من أن مثل هذه الجرائم سيتم اكتشافها والتعامل معها، "أصدرت السلطات نداءً عاما للمواطنين للإبلاغ عن أنشطة المواطنين المشبوهة على وسائل التواصل الاجتماعي، تحت تعريف واسع لجرائم" الإرهاب"، التي شملت الآن "السخرية".

ويعرف الكاتب السخرية على أنها شكل من أشكال التعبير أو الفن الأدبي، حيث يسعى المؤلف إلى لفت الانتباه إلى المشاكل الموجودة في المجتمع من خلال المبالغة أو تأليف قصة ذات منطق موازي، يثبت من خلالها  الحقيقة الواقعة عبر "السخرية" من الموقف أو الشخص المستهدف.

ويرى الكاتب أن تصنيف "بن سلمان" للسخرية على أنها "شكل من أشكال الإرهاب" هو توجه يدعو للأسف، حيث إن "السخرية" بكل شكل من الأشكال هي عكس "الإرهاب" وليس مرادفا له؛ حيث يسعى من خلالها "الساخر" لتجنب العنف عن طريق رفع مستوى التفكير والذكاء فيما يتعلق بالقضايا المعقدة.

ويرى الكاتب أن الغرب مسؤول عن تراجع الاعتراف بالدور الذي تلعبه السخرية في المجتماعات الديمقراطية عبر خلطه بين الرسوم والتوجهات المسيئة التي تقدمها المجلات مصل شارلي إيبدو، والتي تؤدي لتعزيز العنف والتطرف في نهاية المطاف، وبين السخرية البناءة التي لا غنى عنها في المجتمعات الديمقراطية.

ويرى الكاتب أن هذا الخلط بين الإساءة والسخرية هو ما يبرر اليوم الدوافع الاستبدادية لـ"محمد بن سلمان" وغيره من الطغاة، ويمهد الطريق للقضاء تماما على حس الدعابة. 

ويضيف محذرا أنه في "اليوم الذي تختفي فيه السخرية، سنكون جميعا في ورطة"، لأنه عندما يحدث ذلك، قد يكون عندها الذكاء الاصطناعي والروبوتات قد استولوا على الأرض بالفعل، الأمر الذي يتنبأ به بالفعل العديد من الناس "الجادين".

"بن سلمان" ليس الوحيد

ويؤكد الكاتب أن الضيق من السخرية والساخرين كان نهجا تاريخيا للأنظمة الاستبادية منذ عهد "جوفنال"، الساخر الروماني الذي أرسله الإمبراطور للمنفى كعقاب على "السخرية"، والذي وصفها بأنها مليئة "بالمرارة والسم".

ويرى "إيزاكسون" أن الأعوام الخمسة التي يتوعد بها "بن سلمان" المواطنين العاديين بقضائها في السجن، لمجرد التعبير الساخر، تبدو أكثر قسوة من عقاب روما، وهي تقترب من الممارسات الاستبادية في عهد القياصرة الروس ثم في عهد "جوزيف ستالين". حتى إن هؤلاء الطغاة استهدفوا كتابا بارعين عرفوا الخطر الذي كانوا يمثلونه، لكن ترهيب "محمد بن سلمان" يمتد إلى جميع شعبه أو على الأقل أي شخص يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي.

ويختتم الكاتب بالتنويه أنه مع التجريم واسع النطاق فربما "يكون عصر جديد من الاستبداد قد بدأ بالفعل حيث يرى الدكتاتوريون جميع أشكال السخرية شرا".