ملفات » الطريف إلى العرش

وول ستريت: أزمة خاشقجي تهز عرش بن سلمان

في 2018/10/22

وول ستريت جورنال- ترجمة شادي خليفة -

أرسل عاهل المملكة العربية السعودية المسن إشارة قوية نهاية هذا الأسبوع بأن وريثه المختار، الأمير "محمد بن سلمان" البالغ من العمر 33 عاما، لا يزال في وضع جيد، على الرغم من فضيحة حادثة قتل "جمال خاشقجي".

ومع ذلك، زادت أحداث الأسابيع القليلة الماضية من حدة الخلافات بين الأمير وأفراد العائلة المالكة، الذين بدؤوا في التشكيك في حكمه وحكمته. وليس هناك ما يشير إلى أن رد الفعل العالمي على عملية القتل سوف يتراجع قريبا، ليكون هذا أكبر اختبار لملف تحديث اقتصاد المملكة وعلاقتها بأهم حليف لها، الولايات المتحدة.

ويوم السبت، منح الملك "سلمان" الأمير "محمد" صلاحيات جديدة على أجهزة الاستخبارات في البلاد، لتنضم إلى حزمته من السلطات الواسعة على الاقتصاد والدفاع في المملكة. وفي اليوم نفسه، قام المدعي العام السعودي بتبرئة ولي العهد وألقى باللوم على مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" على "مشاجرة بالأيدي" داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.

وفي حديثه عقب تجمع سياسي في "نيفادا" يوم السبت، قال "ترامب" للصحفيين إنه غير راضٍ عن النتائج الأولية للتحقيق السعودي. وقال "ترامب": "إنني غير راضٍ حتى نحصل على إجابة"، مضيفا أنه سينظر في توقيع عقوبات، ولكن ليس على المبيعات العسكرية. وأضاف أنه "من الممكن" أن ولي العهد لم يكن يعلم عن القتل، وأنه لا يزال يتطلع للتحدث معه.

ويقول الناس في معسكر "بن سلمان" إن سلطته داخليا لا تزال دون مراقبة إلى حد كبير، وليس هناك ما يشير إلى أن العاهل السعودي يستعد لإبعاد ابنه. ويقول مستشارون إن احتمال قيام أحد أفراد الأسرة بدفعه جانبا يكاد لا يذكر، لأن الأمير قد عزز قاعدة سلطته بإزالة المنافسين المحتملين.

وفي المملكة نفسها، حاول عدد من العائلة المالكة السعودية التواصل مع الملك "سلمان" لمناقشة الأزمة، لكن تم منع ذلك من قبل شركاء ولي العهد، كما قال عضوان من العائلة المالكة. وقالوا إنهم يجتمعون سرا في مجموعات صغيرة لمناقشة القضية.

تحدي الرواية الرسمية

ومن بين أمور أخرى، يتحدى بعض هؤلاء الأشخاص الرواية الرسمية لما حدث لـ"خاشقجي". وقد اطلع الأمير "خالد الفيصل"، مبعوث الملك "سلمان"، الذي تم إرساله إلى أنقرة في وقت سابق من هذا الشهر، على تسجيل صوتي قصير يقدم دليلا على أن "خاشقجي" تعرض للتخدير والقتل و"التقطيع" بعد دقائق من دخوله القنصلية، كما يقول هذان العضوان.

ويقول عدة أشخاص مقربين من الديوان الملكي إن "بن سلمان" كان يريد منذ زمن طويل عودة "خاشقجي" إلى المملكة، وهي مهمة عهد بها إلى بعض أقرب مساعديه. ويقول هؤلاء إنهم يعتقدون أن الأمير الشاب قد أمر بالعملية التي تستهدف "خاشقجي"، ولكن من غير المرجح أن يكون قد أمر على وجه التحديد بقتله.

وقد احتجزت الحكومة السعودية حتى الآن 18 شخصا على صلة بالحادث، في انتظار النتائج النهائية للتحقيق المستمر. وقد تمت إقالة اثنين من كبار المسؤولين، وكلاهما من مساعدي الأمير ولي العهد.

وكان أحدهما، وهو "سعود القحطاني"، مسؤولا عن الشؤون الإعلامية، وكان على اتصال بـ"خاشقجي" وبجهود إعادته إلى المملكة العربية السعودية، والثاني هو اللواء "أحمد العسيري"، نائب رئيس المخابرات السعودية.

وتعد قضية "خاشقجي" الأحدث في سلسلة من العثرات التي شوهت سمعة ولي العهد، بما في ذلك الدخول في حرب طويلة في اليمن، وسجن العشرات من المعارضين المفترضين، والفشل في تنفيذ الطرح العام الأولي المخطط له لشركة النفط الحكومية السعودية "أرامكو".

وفي الأشهر الأخيرة، بدأ "بن سلمان" يظهر بشكل أقل في الأماكن العامة، ولقد أمضى العديد من الليالي على يخته في البحر الأحمر، معتقدا أنه أكثر أمانا من قصوره، وفق أشخاص مقربين.

وقد أثار مصير الصحفي المفقود إدانات من الحلفاء الغربيين للمملكة، ودفع رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين إلى الابتعاد عن المملكة، وقد بقي البعض غير مقتنع بالتفسير السعودي الرسمي.

وقال "جان إيف لو دريان"، وزير الخارجية الفرنسي، الذي ساعد في بناء تقارب بين باريس والرياض في الأعوام الأخيرة، في بيان يوم السبت: "يعد تأكيد وفاة خاشقجي الخطوة الأولى نحو إثبات الحقيقة. لكن العديد من الأسئلة لا تزال دون إجابة".

وفي تركيا، تعهد المسؤولون بالإفصاح عن جميع التفاصيل المتعلقة بوفاة "خاشقجي"، وقال "عمر جيليك"، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا: "بصرف النظر عن الذين فعلوا ذلك، هناك من أعطوا الأوامر، وهم مسؤولون عما حدث، ويطالب العالم كله بمعرفة من هؤلاء".

وفي أعقاب اختفاء "خاشقجي" مباشرة، لم يكن هناك أي داع للقلق في الديوان الملكي. وقال أحد المقربين من العائلة المالكة: "لقد كانوا مرتاحين. ثم بدأ التوتر يتصاعد عندما بدأت الأمور تزداد سخونة في الولايات المتحدة، وحينها بدأ الجميع يشعر بالقلق".

ومع تصاعد اختفاء "خاشقجي" إلى أزمة دبلوماسية، صُدم "بن سلمان" من رد الفعل العنيف. ولم يستطع فهم سبب الاهتمام باختفاء "خاشقجي" على هذا النحو الكبير، وفقا للأشخاص الذين تفاعلوا مع الأمير مؤخرا.

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول، بعد 8 أيام من اختفاء "خاشقجي"، اتصل ولي العهد بـ "جاريد كوشنر"، صهر الرئيس "ترامب"، بحسب ما أورده الأشخاص المطلعون، عبر محادثة هاتفية.

وتساءل الأمير "محمد" باللغة الإنجليزية: "لمَ الغضب؟!". وذلك بعد أن تحول المسؤولون الحكوميون وقادة الأعمال من الثناء على الأمير لانتقاده.

وقال شخصان على دراية بالمكالمة إن "كوشنر"، إلى جانب مستشار الأمن القومي "جون بولتون"، أوصلوا للأمير رسالة صعبة مفادها أنه بحاجة إلى الوصول إلى رواية لاختفاء "خاشقجي".

وحذر "ترامب" من "العقاب الشديد" إذا تبين أن الحكومة السعودية متورطة، وأرسل وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" رسالة إلى الرياض للضغط على السعوديين للحصول على إجابات.

وسرعان ما تحول ارتباك الأمير إلى غضب شديد. وقال أحد المقربين من الديوان الملكي: "لقد صُدم حقا لأنه كان هناك رد فعل كبير ضده، لقد شعر بالخيانة من جانب الغرب. وقال إنه سيبحث عن الدعم في مكان آخر، ولن ينسى أبدا كيف انقلب الناس ضده قبل أن يتم الحصول على أي أدلة".