ملفات » الطريف إلى العرش

واشنطن بوست: هل يجلب محمد بن سلمان الانهيار للسعودية؟

في 2018/10/24

دافيد فون دريل - واشنطن بوست- ترجمة شادي خليفة -

بين مستشاري الشركات العائلية، هناك مقولة معروفة على نطاق واسع: "من الصعب استمرار إدارة الشركة بنفس القوة لـ 3 أجيال".

ومن الصعب بناء مشروع ناجح بهذه الطريقة، ومن الأصعب تربية الأبناء ليتمتعوا بنفس القدرة والرغبة في الاستمرار. ويبقى البحث عن خروج حفيد واحد، من بين مجموعة من أبناء العمومة المحتملين، يتمتع بالموهبة والحكمة المناسبة والقوة والبراعة، التحدي الأكبر.

ويدرس المراقبون في المملكة العربية السعودية هذه المشكلة لأعوام عديدة، حيث سلم الأقوى بين أبناء الملك المؤسس "عبدالعزيز بن سعود" التاج من واحد إلى آخر خلال 45 عاما. والآن، يخبرنا مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، كاتب العمود المقتول غدرا في القنصلية السعودية في تركيا، أن خلافة الأجيال لم تعد مشكلة مستقبلية، بل هي أزمة حالية.

وبفضل محيط النفط المكتشف تحت رمال مملكة آل سعود، لا يوجد خطر من أن يعود أحفاد "سعود" إلى الحياة البدوية التي بُنيت عليها المملكة منذ ما يقرب من قرن من الزمان. وبدلا من ذلك، فإن الخطر يأتي من أن الجيل الثالث، الذي يفتقر إلى دهاء الجد وحذر الآباء، سيجر المملكة إلى دوامة من الغدر، والطعن بالظهر، والاستهتار. وأظهر ولي العهد، الأمير "محمد بن سلمان"، أنه غارق في الثلاثة.

ويعد "بن سلمان" الأول من جيله الذي يتمتع بقوة التاج، في حين يزداد عجز والده، الملك "سلمان"، الذي يبلغ من العمر 82 عاما، بسبب مرض "ألزهايمر". لكن ولي العهد الشاب أظهر عجلة كبيرة وتهورا واضحا، فقد أهان ابن عمه الأكبر وولي العهد السابق العام الماضي، وحبسه في الإقامة الجبرية، كما وضع منافسيه في السجن، وعذب منتقديه، وأسكت المعارضين، وخلق أزمة إنسانية ذات أبعاد مذهلة في اليمن المجاور. ومن هذا المنظور يبدو اغتيال "خاشقجي" ملائما لطبيعة الأمير الشاب.

وصحيح أن أسرة "آل سعود" لم تكن معروفة من قبل بالليبرالية، فقد تورطت في صفقة "بالدم" مع الوهابية المتشددة التي تغذي جذور تنظيمات القاعدة والدولة الإسلامية وطالبان. ومع ذلك، فإن إرسال فريق من القتلة، يُزعم أنه جاء معه بمنشار عظمي، للتخلص من أحد سكان الولايات المتحدة البارزين، على الأراضي التركية، لهو عمل من النوع المقلق بشكل صارخ.

ولما سألت أحد كبار رجال الأعمال المطلعين على ما إذا كان هذا يخبرنا بأن "بن سلمان" مجنون أم غبي، فقد جاوبني قائلا: "ربما كلاهما".

وربما يجد العالم كفايته بالفعل من القادة السيئين في البلدان المتأزمة المضطربة مثل ليبيا أو السودان. لكن وجود أحد هؤلاء القادة في المملكة العربية السعودية أمر لا يطاق. ويمكن القول إن هذه البلد هي أقوى حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط المسلم، منذ منحها الرئيس "فرانكلين دي روزفلت" مباركته. وتعد المملكة بمثابة ثقل موازن حاسم لطموحات إيران، وراعية أقدس مواقع الإسلام.

ومع وضع النفط جانبا - فبفضل الثروات التي تعتمد على التكسير والنفط الصخري لم تعد واشنطن تحتاج للنفط السعودي - يصبح أثمن مورد قد يقدمه السعوديون اليوم هو الاستقرار في المنطقة الأكثر اضطرابا في العالم.

وبدلا من الاستقرار، نحصل على هذه الجريمة المتهورة، التي أدت دون شك إلى إزعاج الملك "سلمان"، وأخيه الأخير الباقي على قيد الحياة، الأمير "أحمد بن عبدالعزيز". وعلى الرغم من التنافس، إلا أنه بالنسبة لرجلين نشآ في تلك البراغماتية التي تربى عليه جيلهما من العائلة المالكة السعودية، فإنهما يران بالتأكيد أن "بن سلمان" أصبح خيارا سيئا بالنسبة إلى مصير العائلة.

ولسوء الحظ، لا يزال ولي العهد يتمتع بأصدقاء في أماكن ذات نفوذ، بعد أن شق طريقه إلى القلوب الساذجة في إدارة "ترامب" التي تفتقر إلى الخبرة، خصوصا بعد تعزيز علاقته مع "جاريد كوشنر".

لكن هل كانت العلاقة مدفوعة بالمشتريات السعودية للعقارات الفاخرة التي تحمل علامة "ترامب"؟ تفيد التقارير أن المستشار الخاص "روبرت مولر" ينظر في هذا السؤال. وإليكم ما نعرفه: على عكس كل التقاليد الأمريكية، جاء السفر الخارجي الأول لـ "ترامب" في شكل رحلة فخمة إلى الرياض، في مايو/أيار 2017، قام خلالها ولي العهد ببذل كل جهد لإغراء "ترامب". لذا، فقد اشترى "ترامب"، الذي يثق بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، ويحب "كيم يونغ أون" في كوريا الشمالية، رواية "محمد بن سلمان".

وللحظة ، كان كل شيء جميلا. فقد سمحت المملكة بفتح دور السينما، وسمحت للنساء بقيادة السيارات. وتحدث "بن سلمان" عن خطط لتنويع اقتصاده وتطهير الإسلام من المتطرفين.

لكننا الآن نرى ما وراء الواجهة.

ولا يعد "ترامب" أول رئيس يراهن على القائد الأجنبي الخطأ. لكن عليه الآن أن يستخدم نفوذ الولايات المتحدة الكبير لتوجيه الملك نحو خطة خلافة جديدة. وكان اغتيال "خاشقجي" إهانة صارخة للولايات المتحدة وللرئيس شخصيا. والآن، حان الوقت للولايات المتحدة لإظهار شخصيتها.