فايننشال تايمز- ترجمة شادي خليفة-
أثارت عودة الأمير "أحمد بن عبد العزيز"، أحد كبار أمراء العائلة المالكة السعودية، إلى الرياض، تكهنات حول إعادة توازن السلطة في الأسرة الحاكمة، في حين يواجه "آل سعود" أزمة سياسية شديدة على خلفية جريمة قتل الصحفي "جمال خاشقجي".
وتأتي عودة الأمير "أحمد"، الشقيق الأصغر للملك "سلمان"، من لندن لتطرح أسئلة حول موقف ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الحاكم الفعلي للمملكة. وأثارت المخاوف بشأن تورطه في قتل "خاشقجي" شكوكا في حكمه وكفاءته.
وتعهدت الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن القتل.
وقال أحد الاستشاريين من ذوي العلاقات الوثيقة بالعائلة المالكة: "يعتقد كبار أفراد العائلة أنه سيكون هناك تغيير الآن. تعني مثل هذه الأزمة أنه سيكون هناك بعض التغييرات".
وكانت العملية ضد الصحفي السعودي، التي تفاقمت بسبب محاولات التغطية والتستر وإساءة التعامل في الاتصالات حول ما وصفته الرياض بالخطأ المأساوي، قد أضرت بسمعة الأمير الشاب، في الوقت الذي كان فيه الغرب يصفه بأنه مصلح يسعى إلى تحديث المملكة.
وقال أحد المصرفيين الذين يعملون مع عائلة "آل سعود": "لقد تضررت صورة المملكة الآن". وانتشرت شائعات حول مستقبل الأمير "بن سلمان" عندما عبرت العديد من العواصم الغربية عن انزعاجها من الميول المتهورة والاستبدادية له.
وعاد الأمير "أحمد"، آخر شقيق على قيد الحياة للملك "سلمان"، إلى الرياض، الثلاثاء الماضي، وقيل إن "بن سلمان" استقبله في المطار.
وقال أحد الدبلوماسيين إن عودته تأتي "تعزيزا لشرعية حكم الأسرة، من خلال الإشارة إلى قرب الصفوف الداخلية بشكل تلقائي، وإمكانية العودة إلى القاعدة التقليدية المستندة إلى الإجماع".
ورغم عودة الأمير "أحمد"، والضغط الأجنبي على الرياض، إلا أنه من الصعب إحداث أي تغيير في خط الخلافة.
ويبقى "بن سلمان" في وضع قوي، بعد أن توطدت سلطته عن طريق وضع قبضته على الحرس الوطني ووزارة الداخلية، وهما مركزان للقوة كانا في السابق في قبضة منافسيه العائليين، حيث أقالهما منذ مدة ووضعهما تحت الإقامة الجبرية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، اجتمعت العائلة المالكة لمناقشة أزمة "خاشقجي". وقال أشخاص على دراية بالأمر إن أخبارا متضاربة ظهرت مع تكهنات بأن التغيير في البنية الملكية سيدفع "بن سلمان" لتقاسم السلطة مع عضو أكبر في العائلة يمكنه موازنة نفوذه.
وتم تجاهل الأمير "أحمد" كخليفة محتمل بعد فترة قصيرة من توليه منصب وزير الداخلية عام 2012، وهي فترة وصفها البعض بأنها لم تكن ناجحة.
وتفاجأ المراقبون بعودته من منفاه الاختياري في لندن؛ حيث تم تصويره على ما يبدو كمعارض للملك وولي العهد، بسبب الحرب في اليمن.
وتقول شخصيات سعودية معارضة إن الأمير "أحمد" حصل على تأكيدات من حكومات غربية بضمان سلامته؛ نظرا لخوفه من وضعه قيد الإقامة الجبرية من قبل "بن سلمان" كما سبق وفعل مع غيره من أفراد العائلة.
وقال "نيل بارتيك"، المساهم الرئيسي في كتاب "السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية: الصراع والتعاون"، إن أي خوف من عودته ربما تم علاجه بتأكيدات شخصية من الملك "سلمان".
وقال: "قد يفترض أحمد أنه سيتم إيلاء مزيد من الاحترام للشخصيات البارزة مثله في المستقبل. وقد يكون إعطاء أحمد وظيفة مهمة، ربما تكون ذات صلة بالأمن، ليس أمرا مستحيلا، ليس من قبل المشاركة في السلطة، وإنما من أجل اقتراح التغيير وتقديم جبهة موحدة بعد تهميش بن سلمان سابقا للأمراء الكبار".
ومنذ أن بدأ برنامجه القمعي ضد الفساد العام الماضي، قام "بن سلمان" بتقييد تحركات العديد من أفراد العائلة المالكة، الذين اعتبرهم منافسين سياسيين، بمن فيهم "محمد بن نايف"، الذي حل مكانه وليا للعهد العام الماضي، بالإضافة إلى بعض أبناء الملك الراحل "عبد الله".
وقال خبير استشاري للعائلة: "لا يمكن للأمراء التحرك دون سيارات محيطة بهم، وحراس يستمعون إلى كل ما يقولونه ويفعلونه".