ملفات » الطريف إلى العرش

لماذا يحاول بن سلمان الآن إحاطة نفسه بالدفاعات؟

في 2018/11/05

ميدل ايست آي- ترجمة علي النجار -

قال الكاتب البريطاني "ديفيد هيرست" إن حضور ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" ينحصر بسرعة على الصعيد العالمي، مشيرا إلى أنه بعد غياب طويل فى لندن، عاد عمه وخصمه، الأمير "أحمد بن عبدالعزيز" إلى المملكة العربية السعودية.

وأضاف "هيرست" أن الأمير "أحمد" حظي باستقبال الأبطال، وتوافد عليه كبار الأمراء للترحيب به فى المطار، كما أقيمت حفلات الاستقبال بعد ذلك.

وذكر أن الترحيب اشتمل على تواجد شخصيات من الوزن الثقيل، مثل رئيس المخابرات السابق "خالد بن بندر "، وولي العهد السابق "مقرن بن عبدالعزيز".

ولفت إلى أنه على الرغم من أن التقارير أفادت بأن "بن سلمان" وشقيقه "خالد" كانا من بين المستقبلين لعمهما الغائب فى المطار، لكن لم تظهر أي صور توضح ذلك.

وأوضح الكاتب أنه يفهم من ذلك أن الأمير "أحمد" رفض أن يتم تصويره مع أي منهما؛ حتى لا يتم استغلال عودته على أنها بمثابة تأييد لابن أخيه.

وتابع الكاتب، أنه قبل شهرين، كان "بن سلمان" قويا بما فيه الكفاية، بصفته وليا للعهد، ليقَوّل عمه ما لَمْ يَقُلْهُ ، وذلك عندما قال الأمير "أحمد" لمجموعة من المتظاهرين اليمنيين والبحرينين بلندن، إن عائلة آل سعود لا تتحمل أي مسؤولية عن  حرب اليمن. وعندما سئل من قبل أحد المتظاهرين عن المسؤول، أجابه الأمير "أحمد" قائلا: "الملك وولي عهده وغيرهم من المسؤولين فى الدولة".

وأشار الكاتب إلى أنه فى غضون ذلك، نشرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية بيانا على لسانه، جاء فيه: "صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز آل سعود صرح أن ما نشر في وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام غير دقيق، ولقد أوضحت أن الملك وولي العهد مسؤولان عن الدولة وقراراتها وهذا صحيح لما فيه أمن واستقرار البلاد والعباد، ولهذا لا يمكن تفسير ما ذكرت بغير ذلك" .

وذكر "هيرست" أن الأمير "أحمد" تمسك بتصريحاته التي قالها فى لندن، وبعد شهرين صمت الإعلام السعودي الرسمي عن عودته للرياض، ولا يجرؤ "بن سلمان" على أن  يقَوّلَه ما لَمْ يَقُلْهُ كما فعل قبل ذلك.

وأردف الكاتب أنه منذ عودته للمملكة، عقد الأمير "أحمد" هذا الأسبوع، العديد من الاجتماعات مع أشقائه وكبار الأمراء من العائلة المالكة، وكان هناك نقاش مفتوح حول التعامل مع الأزمة الحالية للمملكة، وهذا الأمر، وفقا للكاتب، لم يكن مسموحا به قبل بضعة أسابيع عندما كان "بن سلمان" فى وضع يسمح لها بفرض الرقابة الكاملة على العائلة المالكة.

وقال "هيرست" إن كل عضو من أسرة آل سعود استشعر حرارة اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" فى القنصلية السعودية فى إسطنبول فى 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أفادت "ديلي بيست" الأمريكية أن كلية كيندي استغنت عن الأمير "تركي الفيصل"، وألغت ترتيبا سابقا لاستضافته هذا الأسبوع في الجامعة.

وقال "تركي الفيصل" فى مقابلة مع موقع "ديلي بيست": "تلقّيت مذكِّرة تقول: قد لا يكون الوقت مناسباً للحضور وإلقاء محاضرة بسبب قضية خاشقجي، أنا ببساطة لا أفهم أنّ شخصا مثلي ليس له علاقة بما يحدث في المملكة أن يكون موصوما بالذنب من مؤسسة مثل هارفارد".

وبالعودة مرة أخري إلي تأثير عودة الأمير "أحمد" للمملكة، قال الكاتب إن "بن سلمان" وفى محاولة منه لتحفيف أثر عودة عمه، أطلق سراح "خالد" الشقيق الأصغر لـ"الوليد بن طلال" من السجن.

وبين الكاتب أن "بن سلمان" تحول فى أقل من أسبوع، من التبختر على المسرح العالمي، إلى إحاطة نفسه بالدفاعات.

وقال الكاتب إن "غطرسته (بن سلمان) موثَّقة جيداً، فقد أعد قراءة مقابلته مع بلومبرغ بعد أيام من مقتل خاشقجي، وقد استغرق الأمر بعض الوقت، ليعود إلي الواقع، ويستشف حجم المشاكل التى واجهها".

وذكر "هيرست" أنه بعد أيام قليلة من مقتل "خاشقجي" داخل القنصلية، أرسل "بن سلمان" رئيس الاستخبارات السعودية "خالد بن على الحميدان"، إلى تركيا، وعاد قلقا من كم المعلومات التي لدي الأتراك وأخبر الرياض بعد عودته أن الوضع سيء للغاية.

وزاد الكاتب أنه مستشار الملك وأمير منطقة مكة "خالد الفيصل" كان قد وصل بعد ذلك إلى أنقرة، وقدم مجموعة من العروض للرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" (استثمارات، شراء أسلحة) وقطع عليه "أردوغان" الطريق وفقا لمصدر مطلع وقال له "هل تحاول رشوتي؟" وسمح لـ"الفيصل" بالاستماع إلى تسجيل مدته 15 دقيقة لعملية مقتل "خاشقجي"، ورجع "الفيصل" إلى الرياض ولديه إحساس بالفشل.

ونوه الكاتب أنه فى الليلة نفسها، أجري الملك "سلمان" أول مكالمة هاتفية مع "أردوغان"، ونتيجة لذلك، تم اجراء تحقيق مشترك.

وأشار الكاتب إلى أنه فى مكالمة هاتفية أخري، قال الملك "سلمان" لـ"أردوغان": "سوف نتخذ إجراءات وسوف يتم معاقبة جميع المتورطين"، وبعد ذلك جاء اعتراف سعودي رسمي بأن الجريمة وقعت داخل القنصلية، وتم اعتقال فريق القتل المكون من 15 شخصا، وتم اقالة اثنين من كبار المسؤولين المتهمين فى القضية.

ونقل الكاتب عن مصادر مطلعة على المحادثة قولها، إنه فى مكالمة "أردوغان" مع الملك" سلمان" أن بدا أن الملك يقرأ من ورقة، وعندما كان يسأل سؤال لم يكن يستطيع الإجابة.

ووفق أحد الحاضرين فى مكتب "أردوغان"، لم ينث "أردوغان" عن مطالبه، وقال له "إذا كانت المملكة تريد أن تنقذ نفسها، فنحن نريد جثة خاشقجي".

 مهمة الأمير "أحمد"

وأوضح الكاتب أن هناك سيناريوهين الآن للأمير "أحمد"، الأول هو أن يدفع "محمد بن سلمان" لإبرام صفقة، يتخلي بموجبها عن منصبه كولي للعهد، فضلا عن حقائبه فى الدفاع ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، فى المقابل يحتفظ بدوره كمصلح اقتصادي.

والثاني، وفقا للكاتب، هي إلقاء ولي العهد من النافذة (إجباره على التخلي عن منصبه)، موضحا أن منصب رئيس هيئة البيعة السعودية، والتي تعنى شكليا بإختيار الملك وولي العهد وولي ولي العهد، شاغرا منذ وفاة "مشعل بن عبدالعزيز"، وإذا تم ترشيح "أحمد" رئيسا للهيئة، فسوف يلعب دور صانع الملوك.

وقال "هيرست" إن مهمة الأمير "أحمد" تعتمد على عاملين، الأول هو إلى أي مدي يمكنه تحفيز الرأي داخل بيت آل سعود ثمة أمر لا بد من القيام به بشأن ابن أخيه، وأنه (بن سلمان) أرتكب الآن الكثير من الأخطاء ليصبح ملكا مستقبليا، والثاني، وهو موقف أمريكا.

وأكد الكاتب  أنه لا يوجد نقص في المرشحين الذين من الممكن أن يحلو محل "بن سلمان" ، فهناك أخوه الأكبر المتعلم  فى أكسفورد "فيصل بن سلمان"، وأيضا "محمد بن نايف" ولي العهد السابق و"متعب بن عبدالله" رئيس الحرس الملكي.

وأضاف الكاتب أنه من الهراء القول إنه لا يوجد سوي منقذ واحد من آل سعود البالغ عددهم 30 ألفا، هناك العديد الشخصيات الأكثر خبرة وحكمة من ولي العهد الحالي، لكن كل من سيتولي منصب "بن سلمان" سيتعين عليه تعلم الدروس المستفادة من زواله عرش الأمير الشاب.

وختم الكاتب بأن ترك "بن سلمان" فى موقعه، والسماح له بالإفلات من مسؤولية مقتل "خاشقجي"، ومعاقبته بمجرد صفعة على اليد، يعرض المملكة للخطر ويسمح للوحش أن يعيش يوما آخر.