ملفات » الطريف إلى العرش

كيف ومتى خطط "الأخوان بن سلمان" لقتل خاشقجي؟

في 2018/11/19

وكالات-

يوماً بعد آخر تتكشف خيوط جديدة في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتظهر شخصيات سعودية رسمية يبدو أنها متورطة بشكل مباشر، وهو ما يضيق الخناق على الآمر الحقيقي بتنفيذ عملية القتل والتخطيط لها.

فبعد نحو شهر ونصف الشهر على تنفيذ الجريمة، والمحاولات غير الناجحة للسلطات السعودية في إبعاد التهم عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وشخصيات عليا أخرى، تتكشف دلائل وتتجمع حقائق بأن الجريمة معد لها مسبقاً من أعلى رأس الهرم الملكي.

السلطات السعودية، ومنذ اللحظات الأولى لكشف اختفاء خاشقجي داخل قنصليتها، وظفت دبلوماسيتها وماكنتها الإعلامية من أجل تأكيد خروجه من القنصلية بعد إتمام معاملته الرسمية.

وأمام حالة الضغط الدولي الكبير والعاصفة الشديدة التي وقفت في وجه السعودية، اضطرت المملكة إلى الإقرار بالجريمة، لكنها خرجت للعالم بأكثر من رواية مضللة وجميعها شكك العالم بها.

وبين رواية وأخرى، كانت السعودية تحاول حرف أنظار العالم عن الجريمة ومرتكبها الأساسي، من خلال تقديم عدد من المسؤولين كـ"كبش فداء"، مثل أحمد عسيري، وسعود القحطاني، لكنها فشلت أيضاً.

ولم تكن تدري المملكة بأن طمسها للحقائق في قضية خاشقجي، وعدم كشفها مكان جثته، سيطيل من عمر القضية، وسيزيد من تساؤل العالم عن كيف نفذت الجريمة من بدايتها، حتى إخفاء الجثة التي لم تظهر بعد.

ودفع التضليل السعودي إلى اجتهادات صحفية دولية موثقة، كشفت عن خفايا جديدة للجريمة ، حيث بينت أن التخطيط لاستدراج خاشقجي وقتله داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، بدأ في أواخر 2017، من خلال سفير المملكة في الولايات المتحدة  الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز.

وتعطي هذه المعلومة الجديدة للصحافة الأمريكية، مؤشراً أن السعودية خططت بشكل جيد ومن أعلى المستويات، لكون سفيرها في أكبر دولة بالعالم كان جزءاً من العملية، وشارك فيها من خلال استدراج الضحية.

وفي الربط بين هذا التاريخ والجريمة، فإنه يتزامن مع حملة قمع الآراء المناهضة لولي العهد السعودي، والتي بدأت عقب توليه هذا المنصب بأشهر قليلة، حيث شن حملة اعتقالات ضد النشطاء وأصحاب الرأي المعارض.

وكان جمال خاشقجي الذي ترك السعودية متوجهاً إلى واشنطن يدلي بآرائه وتصريحاته التي عبّرت عن رفض سياسة محمد بن سلمان والتغييرات الحاصلة في السعودية منذ توليه.

وقبل مقتله، أكد خاشجقي أنه كان يتعرض على الدوام لتهديدات بالقتل ومضايقات من سعوديين موالين لولي العهد؛ بسبب آرائه وانتقاداته، وذلك على مدار عام منذ تركه السعودية.

وبعد الخيوط الجديدة التي تكشفت، خرج سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن، خالد بن سلمان، ليدافع عن نفسه بشكل مستميت، حول ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" بخصوص تواصله مع خاشقجي، واستدراجه إلى قنصلية بلاده في إسطنبول، التي قُتل فيها.

وقالت السفارة السعودية في الولايات المتحدة في تغريدة نشرتها عبر "تويتر": " هذه تهمة خطيرة ويجب ألَّا تُترك لمصادر غير معروفة".

وجاء في ردّ السفارة: "التقى السفير (خالد) بخاشقجي مرة واحدة شخصياً، في أواخر شهر سبتمبر من عام 2017، من أجل مناقشة ودّية، وقد تواصلا عبر رسائل نصّية بعد المقابلة، وكانت آخر رسالة أرسلها السفير إليه بتاريخ 26 أكتوبر 2017. ولم يناقش الأمير خالد أبداً أي أمر يتعلّق بالذهاب إلى تركيا مع جمال".

وأضافت: "لم يُجر الأمير خالد أي محادثةٍ هاتفية معه"، معربة عن استعدادها "لفحص السجلات الهاتفية ومحتويات الهاتف النقال لإثبات هذه المسألة".

وتابع الأمير خالد بن سلمان دفاعه عن نفسه بالقول في تغريدة ثانية: "كما قلنا لصحيفة واشنطن بوست؛ كان آخر اتصال لي مع السيد خاشقجي عبر النص في 26 أكتوبر 2017. لم أتحدّث معه عن طريق الهاتف ولم أقترح أبداً أن يذهب إلى تركيا لأي سبب. وأطلب من الحكومة الأمريكية أن تُفرج عن أي معلومات تتعلّق بهذه المطالبة".

وكانت الصحيفة أكدت أنها اطّلعت على معلومات استخبارية مختلفة، من ضمنها اتصال أجراه سفير السعودية بالولايات المتحدة، الأمير خالد ، مع جمال خاشقجي، حيث دعاه لزيارة القنصلية السعودية بإسطنبول لاستخراج الأوراق اللازمة، وقدّم له تطمينات وتأكيدات بأن الأمر سيكون آمناً.

وفيما سمّته النيابة العامة السعودية "نتائج التحقيق في القضية"، كشفت أن جريمة القتل بدأت يوم 29 سبتمبر 2018 عندما "صدر أمر باستعادة المجني عليه بالإقناع، وإن لم يقتنع يعاد بالقوة"، وليس في 2 أكتوبر، وفق ما نقلت وكالة "واس".

واليوم السبت (17 نوفمبر 2018)، كشفت مصادر مطلعة على قضية قتل خاشقجي، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية تعتقد أن محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي.

وفي إطار ذلك، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال تصريحات للصحفيين، إنه سيتحدث مع وزير خارجيته مايك بومبيو، بشأن تقرير الاستخبارات CIA.

وعقب هذا التقرير، قال مصدر تركي لقناة "الجزيرة" إن وكالة الاستخبارات الأمريكية أبلغتهم قبل أيام بنتائج التقرير، وأن المسؤول عن الجريمة هو محمد بن سلمان.

وعليه، طالب السيناتور الأمريكي ريتشارد بلومنثال بأنه "يجب أن تكون هناك عواقب لقتل خاشقجي وفرض عقوبات، ومحاكمة وإزاحة بن سلمان بدلاً من الاستمرار في التستر بتمكين من ترامب".

وأمام هذه المعلومات الجديدة والصادمة للسعودية، تكون المملكة أمام مواجهة جديدة للعالم الذي يجمع أغلب قادته أن قادة الديوان الملكي هم من يقفون بشكل أساسي وراء التخطيط والأمر بقتل خاشقجي.

ويبقى السؤال هنا؛ هل سيقوم محمد بن سلمان الذي خلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى أنه هو من أمر بقتل خاشقجي، بتقديم كبش فداء جديد في هذه القضية لإبعاد التهمة عنه؟