ملفات » الطريف إلى العرش

بعد تأكيد دوره باغتيال خاشقجي.. هل ينجح ترامب في حماية بن سلمان؟

في 2018/11/20

الخليج أونلاين-

في ظل تصاعد الغضب الدولي من جريمة قتل الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، وتوجيه الاتهام إلى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بشكل مباشر بالمسؤولية عن هذه الجريمة، يستميت الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الدفاع عن حليفه السعودي، الذي وصفته التقارير الاستخبارية الأمريكية في أكثر من مناسبة بـ"المتهوّر".

وتدحرجت أحداث قضية خاشقجي وكثرت معها التسريبات والضغط على السعودية بشكل كبير، خاصةً من حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أقرّت بمقتله داخل القنصلية، مع محاولات لتشكيل رواية أرادت منها إبعاد أي علاقة لولي العهد بجريمة القتل؛ من خلال تقديمها عدة أشخاص أكباش فداء ليتحمّلوا المسؤولية بالكامل.

المحاولات الرسمية السعودية المختلفة لتبرئة بن سلمان لم تنجح أو تأخذ طريقها لصمت العالم، إذ تطرّق جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، الشهر الماضي، إلى دور بن سلمان بالقول: "يا إلهي، إنه يختلق الأعذار".

وأضاف بايدن: "بالمناسبة هناك تعبير يقول إن بعض الأشخاص يُحضرون مسدساً إلى معركة بالسكاكين، ولكن لا يُحضرون منشار عظام".

وسبق أن انتقد ترامب في بعض الأحيان مواقف السعوديين حيال قضية خاشقجي، ولكنه في أحيان أخرى أظهر نفسه مدافعاً عن بن سلمان، ومؤكداً بأكثر من تصريح بأنه لا يريد أن يعرّض العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية للخطر، رغم أنه وصف جريمة الاغتيال بأنها الأسوأ.

- ترامب يكذب

وبحسب صحيفتي "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، فإن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" استنتجت أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، هو من أمر بقتل خاشقجي.

ووصف ترامب، السبت 17 نوفمبر، تقييم المخابرات المركزية الأمريكية بأنه "سابق لأوانه جداً"، وقال إنه سيتلقّى تقريراً كاملاً بشأن هذه القضية.

ولدى سؤاله في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، الاثنين 19 نوفمبر، عما إذا كان ولي العهد السعودي الذي ينفي أي علاقة له بالجريمة كذبَ عليه، أجاب ترامب: "لا أعرف. من يمكن أن يعرف فعلاً؟". وأضاف: إن "ولي العهد قال لي إنه لا علاقة له بما حدث. قالها لي ربما 5 مرات، في مناسبات مختلفة، بما في ذلك منذ أيام".

أسامة أبو رشيد، المحلل المختص بالشأن الأمريكي، علّق على تصريح ترامب بأنه هو الذي يكذب؛ لأنه يعلم دور محمد بن سلمان في قتل خاشقجي، وهناك سوابق تاريخيه له. يكذب ثم يعود عن كذبه، ثم يحاول تبرير كذبه، وهنا ترامب يحاول حماية بن سلمان قدر الإمكان.

وأضاف أبو رشيد في حديث لـ"الخليج أونلاين": "ترامب يعلم أن ولي العهد السعودي متورّط في الجريمة؛ والسبب في ذلك أن أجهزته الاستخبارية هي التي خرجت بتقييم نهائي يؤكّد دوره في عملية الاغتيال"، موضحاً أن "الأجهزة الاستخبارية الأمريكية عندما تُصدر تقييماً فإنه لا يخضع لمعلومات جاءت من طرف ثالث، وإنما بناء على المعلومات التي توفّرت لديها من أطراف القضية، وترامب يعلم ذلك".

- ما مصير بن سلمان؟

يقول مايكل غوردن، في تحليل له نُشر في صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن تقييم المخابرات الأمريكية يضع العلاقة بين بن سلمان وترامب على المحك، ويعرّضها لمزيد من الضغوط التي سعى الرئيس الأمريكي، خلال الأسابيع الستة الماضية، لمحاولة تجنّبها.

ويتابع غوردن: "بعد تقييم المخابرات الأمريكية الأخير فإن ترامب يواجه تحدّياً مباشراً بشأن سياسة إدارته تجاه السعودية؛ فعلى الرغم من أنه لم يعطِ إشارة ولا كبار معاونيه حول نيّتهم التراجع عن دعمهم للحاكم الفعلي للمملكة؛ بن سلمان، فإن المشرّعين الأمريكيين لن يكونوا متسامحين، ما يعني تعميق الهوّة بين البيت الأبيض والكونغرس حيال الرياض، الشريك التاريخي في الشرق الأوسط".

وفي هذا السياق أكّد السيناتور بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، في تغريدة له، ضرورة أن تتحرّك إدارة ترامب لاتخاذ قرار يتعلّق في بن سلمان؛ لكونه هو الذي أعطى الأوامر بالقتل.

ويرى عدد من المشرّعين في الكونغرس أن السؤال الرئيسي الذي سيواجه البيت الأبيض هو ما إذا كان سيحافظ على تحالفه غير المشروط مع القيادة السعودية الحالية، أم أنه سيعدّل تلك السياسة استجابة لقلق الكونغرس المتصاعد بشأن مقتل خاشقجي، وأيضاً التدخّل السعودي في اليمن.

السيناتور روي بلانت، عضو مجلس الشيوخ، رفض الفكرة القائلة بأن ترامب سوف يتجاهل تقييم المخابرات الأمريكية الأخير حول مسؤولية بن سلمان عن الجريمة، في وقت أكّد فيه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية قد تغيّرت بشكل أساسي نتيجة اغتيال خاشقجي.

في حين قال السيناتور لندسي غراهام، في مؤتمر صحفي، إنه من المستحيل بالنسبة له أن يعتقد أن بن سلمان لن يُعاقب نتيجة جريمة القتل، وقال: "سوف يحاول ولي العهد أن يدافع عن نفسه".

وأضاف غراهام: إن "السعودية حليف مهمّ، ولكن عندما يتعلّق الأمر في بن سلمان فيمكن القول إنه غير عقلاني، وألحق الكثير من الضرر بالعلاقة بين المملكة وأمريكا، وليس لديّ أي نية للعمل معه مرة أخرى".

وفي ظل هذه المواقف من جانب الكونغرس يقول أسامة أبو رشيد: إنه "لا يمكن الجزم ما إذا كان ترامب سينجح في حماية بن سلمان، ولكن لدينا سابقة قد تقوّض جهوده هذه؛ عندما رفض في العام 2017 تقييم المخابرات الأمريكية بأن روسيا تدخّلت في الانتخابات الأمريكية تحرّك الكونغرس لفرض عقوبات بشكل منفرد على روسيا، وهذه العقوبات لم يستطع ترامب تجاوزها لأن القرار اكتسب موافقة الثلثين".

وتابع: "في سياق ذلك قد تشهد قضية خاشقجي سيناريو قريباً من هذا الأمر؛ بمعنى أن يمضي الكونغرس بعقوبات على السعودية ومحمد بن سلمان شخصياً، وهنا لن يستطع ترامب أن يفعل شيئاً".

وتوقع أبو رشيد أن يواجه بن سلمان تطوّرات كبيرة تهدّد تطلّعه لأن يكون الملك القادم، خصوصاً في ظل وجود ضغوطات كبيرة من المؤسّسات الأمريكية على ترامب، تشدّد على أن بن سلمان متهوّر ولا يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، وأن هذه العلاقات السعودية-الأمريكية لا يمكن أن تكون مستقرّة من خلال التعامل معه.

 

- ما بين الاستقرار والصراع

لكن حجة ترامب في الدفاع عن بن سلمان -وفق أبو رشيد- أنه يمثّل عامل التوازن والاستقرار في هذه العلاقة، في حين أن المؤسسات الأمريكية ترفض كلامه، وتشدّد على أن الاستقرار موجود من قبل مجيئه إلى السلطة، والسعودية ستبقى جزءاً من الذخيرة للولايات المتحدة في المنطقة بوجود محمد بن سلمان أو عدمه.

وبيّن أن هذا الخلاف طرح أسئلة مؤخراً حول مستقبل ولي العهد، وما إذا كان ينبغي استبداله، وهذا أمر قد يشكّل تهديداً لمنصبه، كما باتت هناك تحقيقات حول العلاقة بين بن سلمان وترامب، وما إذا كانت توجد علاقات تجارية من خلال صهره جاريد كوشنر.

في حين يرى المحلل أيهم كامل، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا الاستشارية، أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لا يريدون زعزعة استقرار المملكة العربية السعودية، في ظل تصاعد أزمة مقتل الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي.

وقال كامل في تصريحات لـ"CNN": "لا أحد من الدول الغربية الرئيسية التي لها علاقات مع المملكة العربية السعودية؛ الولايات المتحدة وحلفاؤها، يريد أن يزعزع استقرار المملكة أو يخلق حالة يحدث فيها صراع مفتوح على السلطة".

وأضاف أن هناك الكثير من النقاط الساخنة في الشرق الأوسط، والقادة الغربيون لا يريدون إضافة المملكة العربية السعودية إلى القائمة، مؤكّداً أنه "يصعب التكهّن بنتائج صراع مفتوح على السلطة وتصعب السيطرة عليه".